في خضم التوترات الجارية على الساحتين الإقليمية والدولية؛ يحاول الحوثيين العودة للمشهد السياسي والحفاظ على المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرتهم، خاصة في ضوء ملامح الدعم الأمريكي المقدم للحكومة اليمنية الشرعية، وأنباء عن مساعي إقليمية لدعم الشرعية، مما قد يهدد وجود الحوثي بالأراضي اليمنية وتحديداً بعد فشل إيران مؤخراً في دعم وكلائها بالمنطقة.
ملف الأسرى
وفي هذا السياق، لجأ الحوثيين إلى "ملف الأسرى" من أجل محاولة حشد الدعم سواء على الصعيد الشعبي بالداخل اليمني ودفع المواطنيين للالتفاف حول الحوثي، أو من خلال جذب دعم المنظمات الدولية وإيصال رسالة لهم مفاداها أن الحوثي حريص على حل هذا الملف الإنساني.
وفي الإطار ذاته، كشفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، أواخر يناير الماضي، عن إطلاق الحوثيين سراح 153 محتجزاً من طرف واحد، وأفادت أن "المحتجزون المفرج عنهم، هم من بين المحتجزين الذين كانت اللجنة الدولية تزورهم بانتظام في صنعاء وتقدّم المساعدة لهم، في إطار عملها لضمان المعاملة الإنسانية لجميع المحتجزين على خلفية النزاع واحتجازهم في ظروف ملائمة.
ومن جانبها قالت مديرة قسم الحماية باللجنة الدولية أليسيا بيرتلي،: "هذه العملية التي تمّت من جانب واحد، خطوة إيجابية أخرى نحو إحياء المفاوضات تحت مظلة "اتفاق استوكهولم"، مؤكدة أن اللجنة مستعدة لتيسير الإفراج عن أي محتجزين احتُجزوا على خلفية النزاع في اليمن ونقلهم وإعادتهم إلى أوطانهم".
تجدر الإشارة إلى أن قرار اللجنة الدولية جاء بعد ساعات قليلة من إعلان رئيس وفد الحوثي المفاوض بملف الأسرى والمختطفين عبد القادر المرتضى، عبر حسابه في منصة "إكس" إنهم سيطلقون سراح العشرات من المختطفين في سجون جماعته كـ"مبادرة أحادية من طرف وحد" تنفيذاً لتوجيهات زعيم الميليشيا "عبد الملك الحوثي".
مراوغة حوثية
ويعد هذا القرار مجرد "مراوغة" من قبل الميليشيا التي تريد لفت أنظار المنظمات الدولية المعنية بالأزمة اليمنية تجاهها بالقول أنها حريصة على إطلاق سراح الأسرى وأن أطراف الصراع الأخرى هي من تعرقل أي عملية للتقدم في هذا الملف الإنساني.
ويقول بعض الخبراء اليمنيين، إن الحوثيين الذين لا يتوقفون عن شن حملات اعتقال بحق اليمنيين بمناطق سيطرتهم، قاموا بهذه المبادرة لمجرد الاستهلاك الإعلامي، و الزعم أن الميليشيا حريصة على تسوية الأزمة اليمنية، رغم أنهم كانوا في السابق يطلقون تصريحات أنهم لن يقبلوا سوى بصفقة تشمل جميع الأسرى وفق قاعدة الكل مقابل الكل.
وهو ما يفسر في الوقت ذاته، قلق الحوثيين من تفاقم العقوبات عليهم، خاصة بعد تصنيفهم من قبل أمريكا كـ"منظمة إرهابية أجنبية"، وإعلان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" مطلع فبراير الجاري عن عودة "سياسية الضغط القصوى" على إيران ووكلائها.