وكانت معركة شيوخ الأزهر ضد الأستاذ الإمام ضارية وفي أحيان عدة كانت خالية من الأدب. وصدرت كتابات بلا توقيع تسبه سبًّا يعاقب عليه القانون وتسب أمه، ووصفه عنوان أحد هذه الكتيبات بأنه "المهياص الهجاص" وكتاب آخر قال غلافه إن مؤلفه هو "الحرة اللي لسانها خارج لبره، خادمة الوطن والدين والغيورة على المسلمين" وكتابان آخران قيل إن صاحبهما هو "الحرة اللي لسانها خارج لبره" أحدهما ضد الأفغاني وعنوانه "تحذير الأمم من كلب العجم" وآخر ضد محمد عبده بعنوان "كشف الأستار في ترجمة الشيخ الفشار". ويرد عليهم محمد عبده بذات الحدة، ويؤكد رشيد رضا أن الأستاذ الإمام كان شديد الاحتقار لأزهر ذلك الزمان وأهله وكان يسميه "الإسطبل والمارستان والمخروب" – [رشيد رضا – تاريخ الأستاذ الإمام – المرجع السابق جـ 1 – صـ495] ولعل بإمكاننا أن نتصور موقف عبده من شيوخ زمانه من ذلك الحوار الذي جرى بينه وبين الشيخ البحيري عضو مجلس إدارة الأزهر في ذلك الزمان حول إصرار محمد عبده على تعديل مناهج التعليم بالأزهر بحيث تتضمن العلوم الحديثة:
- البحيري: إننا نعلمهم كما تعلمنا.
- عبده: وهذا هو ما أخاف منه.
- البحيري: ألم تتعلم أنت في الأزهر وقد بلغت من مراقي العلم، وصرت فيه العلم الفرد؟
- عبده: إن كان لي حظ من العلم الصحيح الذي تذكر فإنني لم أحصله إلا بعد أن مكثت عشر سنين أكنس من دماغي ما علق فيه من وساخة الأزهر، وهو حتى الآن لم يبلغ ما أريده له من النظافة" [الأعمال الكاملة لمحمد عبده – جـ1- صـ17]. ونتواصل المعركة ويعلن أزهريون أن محمد عبده كافر وأنه لا يصلي ولا يصوم [رضوان السيد – الإسلام المعاصر – صـ691] . وهكذا فقد الشيخ الأمل في تطوير المؤسسة الأزهرية. فاتجه اتجاها معاكسا تماما ومفاجئا أيضا بأن تبنّى الدعوة لتأسيس جامعة عصرية تكون أساسا للتنوير والالتحاق بالعلوم الحديثة، وكان عبده عضوا في مجلس الإدارة الذي تولّى جمع التبرعات وأشرف على إنجاز المشروع.. وسريعا جدا أثمرت الجامعة قيادات ثقافية ليبرالية وتنويرية حملت مشاعل التنوير والعقلانية لمصر وللشعوب العربية. ويمضي محمد عبده في أداء رسالته كمفتي للديار المصرية، واضعا أسسا جديدة للتجديد العقلاني للفكر الديني، مؤكدا ضرورة التأويل حتى يتلاءم الفهم الديني مع تطورات العصر، فقدم للإسلام والمسلمين ولمصر والمصريين ذخائر بغير حصر من الفتاوى والمواقف والشروح والمقالات.. مثل "رسالة التوحيد" و"الإسلام دين العلم والمدينة" وتفاسيره الشهيرة لصورة العصر وسورة الفاتحة وجزء عم ومقالات من المنار ودروسه فى دار الإفتاء وهناك أيضا كتاب تاريخ الأستاذ الإمام. ويحتار الإنسان الراغب في البحث عن تراثه كيف يبدأ ومن أين؟ لكنه يقدم لنا المرشد والدليل فيقول "ارتفع صوتي بالدعوة إلى أمرين عظيمين، الأول تحرير الفكر من قيود التقليد وفهم الدين على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف والرجوع فى كسب معارفه إلى ينابيعها الأولى واعتباره من ضمن موازين العقل البشري التي وضعها الله، وأنه على هذا الوجه، باعثا على البحث في أسرار الكون داعيا إلى احترام الحقائق الثابتة. أما الأمر الثاني فهو إصلاح أساليب اللغة العربية في الكتابة. وهناك أمر آخر كنت من دعاته والناس جميعا في عمى عنه، رغم أنه الركن الذي تقوم عليه حياتهم الاجتماعية، وذلك هو التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب وما للشعب من حق العدالة على الحكومة [رشيد رضا 0 المرجع السابق – الجزء الأول – صـ11].. ونلتزم بإرشادات محمد عبده ونبدأ في فحص إبداعاته.
- البحيري: إننا نعلمهم كما تعلمنا.
- عبده: وهذا هو ما أخاف منه.
- البحيري: ألم تتعلم أنت في الأزهر وقد بلغت من مراقي العلم، وصرت فيه العلم الفرد؟
- عبده: إن كان لي حظ من العلم الصحيح الذي تذكر فإنني لم أحصله إلا بعد أن مكثت عشر سنين أكنس من دماغي ما علق فيه من وساخة الأزهر، وهو حتى الآن لم يبلغ ما أريده له من النظافة" [الأعمال الكاملة لمحمد عبده – جـ1- صـ17]. ونتواصل المعركة ويعلن أزهريون أن محمد عبده كافر وأنه لا يصلي ولا يصوم [رضوان السيد – الإسلام المعاصر – صـ691] . وهكذا فقد الشيخ الأمل في تطوير المؤسسة الأزهرية. فاتجه اتجاها معاكسا تماما ومفاجئا أيضا بأن تبنّى الدعوة لتأسيس جامعة عصرية تكون أساسا للتنوير والالتحاق بالعلوم الحديثة، وكان عبده عضوا في مجلس الإدارة الذي تولّى جمع التبرعات وأشرف على إنجاز المشروع.. وسريعا جدا أثمرت الجامعة قيادات ثقافية ليبرالية وتنويرية حملت مشاعل التنوير والعقلانية لمصر وللشعوب العربية. ويمضي محمد عبده في أداء رسالته كمفتي للديار المصرية، واضعا أسسا جديدة للتجديد العقلاني للفكر الديني، مؤكدا ضرورة التأويل حتى يتلاءم الفهم الديني مع تطورات العصر، فقدم للإسلام والمسلمين ولمصر والمصريين ذخائر بغير حصر من الفتاوى والمواقف والشروح والمقالات.. مثل "رسالة التوحيد" و"الإسلام دين العلم والمدينة" وتفاسيره الشهيرة لصورة العصر وسورة الفاتحة وجزء عم ومقالات من المنار ودروسه فى دار الإفتاء وهناك أيضا كتاب تاريخ الأستاذ الإمام. ويحتار الإنسان الراغب في البحث عن تراثه كيف يبدأ ومن أين؟ لكنه يقدم لنا المرشد والدليل فيقول "ارتفع صوتي بالدعوة إلى أمرين عظيمين، الأول تحرير الفكر من قيود التقليد وفهم الدين على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف والرجوع فى كسب معارفه إلى ينابيعها الأولى واعتباره من ضمن موازين العقل البشري التي وضعها الله، وأنه على هذا الوجه، باعثا على البحث في أسرار الكون داعيا إلى احترام الحقائق الثابتة. أما الأمر الثاني فهو إصلاح أساليب اللغة العربية في الكتابة. وهناك أمر آخر كنت من دعاته والناس جميعا في عمى عنه، رغم أنه الركن الذي تقوم عليه حياتهم الاجتماعية، وذلك هو التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب وما للشعب من حق العدالة على الحكومة [رشيد رضا 0 المرجع السابق – الجزء الأول – صـ11].. ونلتزم بإرشادات محمد عبده ونبدأ في فحص إبداعاته.