الثلاثاء 18 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

إفيه كتبه روبير الفارس: سلفي الجثة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في فيلم فضيحة في الزمالك، الذي أجبر المشير عبد الحكيم عامر الفنان عمر الشريف، على أن يقوم ببطولته لتنجيم برلنتي عبد الحميد، إنتاج عام 1959 وإخراج نيازي مصطفى، هناك مشهد محير جدًا قرب نهاية الفيلم، حيث يطارد عمر الشريف برلنتي، بعد أن يتأكد من خيانتها له مع محمود المليجي وهكذا، تجري بملابس النوم الشفافة من شارع إلى آخر حتى تجد عمارة تحت الإنشاء يجلس أمامها حارسان أو بوابان، تطلب منهما الإنقاذ من زوجها الذي يطاردها وتصعد العمارة.

ثم يأتي الشريف ليسأل عنها، فيرد أحدهما بأنها صعدت، وعندما يلمح له الآخر بأنه قد يقتلها، يقول له ما معناه: "خليه يربيها"، ثم يجلسان ويستمران في التسامر بكل هدوء وأريحية غريبة، حتى عندما يأتي الفنان محسن سرحان ويسألهما عنها، يخبرانه بنفس الأريحية أنهما صعدا وراء بعض، ويجلسان ليستكملا حديثهما، هذان الرجلان غير المكترثين بهذا المشهد الغريب، الذي ينتهي بسقوط الخائنة من فوق العمارة، يثيران الدهشة والحيرة، حيث لا يظهر منهما أدنى اهتمام أو تدخل أو حتى محاولة فضولية لمعرفة ما يحدث، رغم اكتمال عناصر الجذب والإثارة من امرأة شبه عارية ورجل يطاردها يعقبه آخر؟!

لدرجة تظن معها أنك إذا مررت في منطقة الزمالك حاليًا وكان الاثنان ما زالا أحياء، سوف تجدهما حتى هذه اللحظة يتسامران بهذه اللامبالاة الكبيرة على وجهيهما والتجاهل المعجز، إنهما يعبران بشدة عما صار محيرًا جدًا الان في وقائع أكثر دموية تحدث في مجتمعنا البائس، ومع التطور التكنولوجي، أصبح المشاهدون يتفرجون ويصورون الحوادث بكاميرات هواتفهم بثبات انفعالي، وكأنهم دخلوا فيلم رعب وشاهدوا الممثلين فيه يقومون بأدوارهم من ذبح وطعن وانتقام. وتمثيل بجثث ويمكن طرح تفسير لهذه الظاهرة على أربع محاور: 
أولا - الخوف من التدخل حتى لا يتعرض للأذى، لكن كيف يقف الخائف ويتفرج ويسجل هذا الأمر المخيف جدًا؟! الخائف هنا لابد أن يهرب بجلده.
ثانيا - تبلد الحس: الناجم عن التكرار وتغذية الوعي بالعنف، فتتجمد المشاعر وتغيب الشهامة، مع العزل الذاتي عن الواقع المعاش، وهي مصائب تحتاج تدخلات من الأطباء النفسيين.
ثالثًا- الرغبة في الشهرة: من يدرك الأمر ويصوره بكل أريحية ليحصل على شهرة ومشاهدات في السوشيال ميديا، وكأنه يفوز بسبق. 
رابعًا- ولع الفرجة: وهي صفة ارتبطت بعدد كبير من المصريين. قدم الكاتب أحمد عبد العال في كتابه الفريد "ولع الفرجة فقر التاريخ" تحليلًا تاريخيًا رائعًا لهذا الهوس بالفرجة عند المصريين عبر تاريخهم الطويل والممتد. يضم الكتاب 17 مدخلًا، تتبع فيها الكاتب أصول الفرجة في حياة المصريين وما كانوا يتسامرون حوله وينشغلون به من أشكال الفرجة المختلفة، إزاء ما كانوا يتشاغلون عنه من ضروريات، من خلال استطلاع الخلفية السياسية والاجتماعية في الفترة من مصر المملوكية وحتى ليلة الاحتلال الإنجليزي لمصر.

يبقى أن الذين ينتقدون المتفرجين يروجون لفيديوهاتهم المؤذية.

إفيه قبل الوداع:

شاهد ما شافش حاجة

بس صور كل حاجة