في حياة الأمم بطولات وأمجاد يصنعها الأبطال بالعمل والعطاء والتضحية والفداء.. وفي يوم 25 يناير من كل عام نحتفل بعيد الشرطة وهو يوم نعتز فيه بأبطال ضحوا بحياتهم ليبقى الوطن، شهداء عظماء ضحوا بدمائهم الذكية وأرواحهم الغالية دفاعاً عن كل ذرة تراب من أرض هذا الوطن الغالي"فهم أبطال كتبوا بدمائهم قصص البطولة والفداء وخلدت أسماؤهم فى سجلات التاريخ" تركوا ميراث خالد وشرف على مدى الزمان هم رجال واجهوا المستحيل من أجل العزة والكرامة لتبقى مصر بلد الأمن والأمان هم شهداء الوطن خيرة الأبطال الذين سطروا أسماءهم بأحرف من نور فى سجلات التاريخ هم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لا يهابون الموت، عقيدتهم النصر أو الشهادة، يعيشون سيفاً ودرعاً للوطن، ويموتون فى سبيله، يضحون بالغالى والنفيس من أجل أن تبقى مصر حرة أبية.
ومع احتفال مصر بعيد الشرطة المصرية نتذكر حكايات وبطولات من دفتر أحوال الوطن لرجال كتبوا بدمائهم الذكية تاريخ وطن عريق علم الإنسانية معنى السلام والحضارة وهى قصة بطولة سطرها المقدم محمد وحيد حبشى الذى استشهد فى حادث الواحات، هو بطل من ذهب ضحى بحياته فى سبيل الله وحماية الوطن.. والذى ظل صامدًا مصوبًا سلاحه فى وجه أعداء الوطن دون أن يهتز سائرًا على درب من سبقوه من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم لأجل تراب الوطن، واستشهد عن عمر يناهز الـ ٣٥ سنة.
حياة الشهيد محمد وحيد حبشى
الشهيد من أبناء مدينة المنيا حيث وُلد المقدم فى أسرة تنتمى إلى وزارة الداخلية، هو الابن الأكبر لوالده اللواء وحيد حبشى نائب مدير أمن السويس السابق وكان متزوجا ولديه طفلان، هما جودى وأحمد، وتوفيت والدته وهو فى الثانوية العامة ومرض والده بعد ذلك وكان نعم الأب ونعم الزوج ونعم الابن والخلق والتدين.
عمل بعد تخرجه فى كلية الشرطة معاون مباحث فى قسم شرطة المنيا، ثم انتقل للعمل بوحدة مباحث مركز المنيا وآخر محطاته كانت جهاز الأمن الوطنى فى القاهرة، وترقى إلى رتبة مقدم وكان ضمن المأمورية التى استهدفت بؤرة إرهابية خارجة عن القانون فى منطقة الواحات البحرية بعد أن خرجت مأمورية من القوات الخاصة التابعة للشرطة لمداهمة بعض العناصر الإرهابية فى المنطقة المتاخمة للكيلو ١٣٥ من طريق الواحات حسبما قالت وزارة الداخلية فى بيان رسمى.
طلب الشهادة على جبل عرفات
وفي عام 2017، لبى الشهيد نداء ربه لزيارة البيت الحرام، وتأدية فريضة الحج، وزار قبر المصطفى، وفي يوم عرفة، صعد جبل الرحمة، وظل يدعو ربه لنيل الشهادة.
مأمورية الواحات
وفي يوم 20 اكتوبر 2017، كان الشهيد من بين الضباط المشاركين في العملية، واشتبك مع العناصر الارهابية التي كانت هناك، والتي كان من المقرر ضبطها لعدم التمكن من الوصول للمنطقة المركزية، واستشهد البطل محمد وحيد حبشي، مسطرا بحروف منذ ذهب أروع امثلة التضحية والفداء، وشيعت جنازته بمسقط رأسه بالمنيا وكان آخر ما كتبه محمد على فيس بوك «بسم الله توكلنا على الله» قبل انطلاقه للمشاركة فى مأمورية الواحات.
وقال عم الشهيد " فى تصريحات صحفية سابقة إن حياة محمد كانت رمزا للخلق والشهامة والكرم والأخلاق، وإنه كان محبوبا بين كل جيرانه وأهله وكان دائما يمارس الرياضة
وأضاف أن محمد تم تعيينه فى قسم شرطة المنيا ثم جامعة المنيا ثم جهاز الأمن الوطنى، وأنه كان بارًا بأسرته وأقاربه.
وأشار إلى أن والد الشهيد أصيب بجلطة أدت إلى إصابته بالشلل، وكان محمد كان بارًا بوالده يرعاه باستمرار ويشرف على علاجه، وأنه استشهد ووالده فى المستشفى ولم يعلم والده بخبر استشهاد ابنه حتى وافته المنية، وأن الشهيد اشترك فى المأمورية بعد عودته من رحلة حج، حيث اشترى كفنا من مكة وغسله بماء زمزم وطلب الشهادة من فوق جبل عرفات .
وعن آخر لقاء جمعه بالشهيد يقول: «كنت مع محمد قبل استشهاده بثلاثة أيام خلال زيارتى لوالده فى المستشفى، وكان يتحدث عن الشهادة والمكانة التى ينالها الشهداء وكان لديه إحساس دوما أنه سيستشهد قريبا ويقدم حياته للوطن، للبلد وفى آخر مكالمة، وكانت آخر مكالمة لى معه يوم استشهاده، وطلب منى الدعاء وفى الوقت الذى أقيمت فيه جنازة الشهيد ظل والده وطفلاه فى القاهرة لا يعلمون خبر استشهاده فى معركة الواحات، حيث أخفينا عنهم الخبر لأن والده مصاب بجلطة فى المخ».
وأضاف «أنا أول من تلقيت الخبر فى اتصال هاتفى مع مسئول من وزارة الداخلية مساء يوم الحادث، وتحولت الجنازة إلى ملحمة عسكرية تلهب مشاعر الوطنية والانتماء للوطن».
وقالت زوجة الشهيد فى تصريحات صحفية سابقة أن يوم تنفيذ عملية الواحات ، لم يخبرنى الشهيد أنه فى مأمورية واخبرنى أنه ذاهب إلى مشوار وسيقوم بالإتصال بى بعد صلاة الجمعة لعدم وجود شبكة بالمكان الذى سيذهب اليه، ومر الوقت ولم اتلقى منه اتصالا وحاولت الاتصال به ولكن دون جدوى، وكانت أخر رسالة أرسلها لى " ادعيلى" وتلقيت اتصالا من صديقتى وأخبرتنى أن "محمد" كان فى مأمورية وأستشهد.
وأشارت إلى أنه في عام 2017، قبل واقعة الواحات بـ40 يوما، قرر الشهيد أن يلبي نداء ربه لزيارة البيت الحرام، وتأدية فريضة الحج، واصطحبنى معه وعند الوقوف أمام قبر الرسول والمسجد النبوى وغمرت الدموع عيناه، كان مسؤول عن الحجاج ويوفر لهم كافة احتياجتهم من طعام وشراب وعلاج، وفي يوم عرفة، صعد جبل الرحمة بمفرده، وظل يدعو ربه لنيل الشهادة.
وأضافت زوجة الشهيد أنه كان حريص يزرع الروح الوطنية والولاء والإنتماء فى أولاده "أحمد وجودى" وكان رمزا للتضحية والشجاعة والعطاء وأبنا مخلصا كافح وناضل لينعم الوطن بالأمن والاستقرار .
