الإثنين 20 يناير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

القس نصر الله زكريا يكتب: عيد الغطاس.. التجلي الإلهي

الدكتور القس نصر
الدكتور القس نصر الله زكريا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عيد الغطاس ..  التجلي الإلهي

الحياة بشفافية والتقرب إلى الله من خلال الصلاة الشخصية والجماعية

د. القس نصرالله زكريا

عيد الغطاس -المعروف أيضًا باسم عيد الملوك/الحكماء الثلاثة أو المجوس- هو عيد مسيحي يُحتفل به بعد عيد الميلاد باثني عشر يومًا، ويُصادف يوم 6 يناير، بحسب تقويم الكنيسة الغربيّة، و 19 يناير بحسب تقويم الكنيسة الشرقيّة.

كما أنَّ عيد الغطاس يُطلق عليه عيد "التجلي الإلهي epiphaneia"، ويُشير بشكلٍ عام إلى ظهور النجم لحكماء/مجوس المشرق، وقادتهم لرؤية الطفل يسوع وهم من خارج جماعة اليهود؛ وبهذا المعنى "التجلي"، يُشير عيد الغطاس إلى "التجلي الثالوثي" الذي حدث أثناء معمودية المسيح من يُوحنا في نهر الأردن، حيث سُمِع صوتٌ من السماء يقول: "صَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» (متى 3: 17)، وقد شهد يُوحنا عن تجلي الروح القدس في هيئة حمامة استقرت على المسيح، قال: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ." (يوحنا 1: 32). فكان الآب من السماء والروح القدس مع الابن يسوع المسيح في مشهدٍ واحد، وبهذه المعاني يكون الاحتفال بعيد الغطاس/التجلي، هو احتفالا بتجلي الله لكل شعوب الأرض قاطبة، أممًا كانوا أم يهودًا.

إنَّ عيد "التجلي/الظهور الإلهي"، لا يُظهر لنا يسوع ابن الله فحسب، بل يكشف لنا أيضًا عن قلوبنا. فهو يُظهِر لنا أن المخلص يمكن أن يُرحَّب به، كما حدث مع الرعاة والمجوس، وأن يُرفَض، كما حدث مع الملك هيرودس. ولا ينبغي لنا أن نخفي حقيقة أنَّ في داوخلنا جوانبًا من "المجوس" وأخرى من "هيرودس". ففي داخل أنفسنا جزء  مستعد بالفعل للانطلاق في الرحلة، والمعرفة والفهم، والنمو والتحسن، ولكن هناك أيضًا هيرودس مستعد دائمًا لتدمير أحلامنا وآمالنا. إن هيرودس، المُتحفز دائمًا للقتل، يختبئ وراء رغبتنا في الخير والجمال والصواب، ولا يريدنا أن نجد "الطفل يسوع" القادر على تغيير حياتنا. ويخدعنا بأنَّ "النجاح والقوة ضروريان من أجل الوجود"؛ بينما يُمكننا أن نتعلّم من المجوس أنّ الحياة رحلة، وأننا مدعوون إلى عيشها كما فعل يسوع.

يُظهر عيد "الغطاس/التجلي الإلهي" جانبًا آخر لا يقل أهميّة عن ظهور الله وتجليه للبشر، لأنَّ معموديّة المسيح تُمثلُ لحظة انتقاليّة هامة في حياة المسيح. فقد ترك وراءه السنوات غير المعروفة، ودخل ساحة الخدمة العلنية، ووواجه مجتمعًا يحتاج لمخلصٍ، حتى وصل به الأمر إلى الصلب والموت، وهو ما حدث لاحقًا.

عيد الغطاس/التجلي، يُذكرنا بمعمودية يسوع وما تعنيه بالنسبة له ودعوته المسيانية، كما يذكرنا بمعموديتنا وإيماننا بشخصه وعمله وفداءه الذي قام به لأجلنا، وما تعنيه تلك المعمودية، وذلك الإيمان بما نحن عليه، وما يجب أن نكونه، ولمن ننتمي. ففي المعمودية نصبح أبناء الله وإخوة وأخوات ليسوع، وفي إيماننا بعمل المسيح لأجلنا، يمنحنا عيد الغطاس/التجلي، بدعوتنا إلى التمتع بالحضور الإلهي، لننطلق في خدمة متميزة تُكْرٍم أبونا السماوي، كما يُلزمنا بأن نعيش حياة مسيحية مقدسة وشفافة وأن ننمو في علاقة حميمة مع الله من خلال الصلاة الشخصية والجماعية، وقراءة كلمة الله والتأمل فيها، والمشاركة في الفرائض/الأسرار المقدسة، وتحقيق إرساليته العظمى التي كلَّفنا بها المسيح عند انطلاقه وصعوده إلى السماوات. 

وقد كتب أحدهم، أنَّ احتفالنا بعيد الغطاس/التجلي، هو شركة مع مَن غلب الموت وحمل في يده مفاتيح الحياة. والانتماء إلى هذه الدائرة، "عائلة الله"، يعني أن نكون في شركة مع المسيح، الذي هو الحياة ومانحها، حتى إذا جاء الموت، نقلنا إلى حياة تدوم إلى الأبد.