من أروع تقاليد المعمودية في العصور القديمة كيفية استقبال الموعوظين الذين يدخلون الإيمان. كانوا يرتدون الثياب البيضاء كرمز للنقاوة والطهارة التي يمنحها الله لمن يقبلون المعمودية. وكانوا يحملون الشموع بأيديهم كعلامة على نور الإيمان الذي يضيء عقولهم، وينير طريقهم بمعرفة الله التي تزيل ظلام الجهل.
في هذا السياق، يخاطب القديس كيرلس الأورشليمي المؤمنين الجدد قائلاً: “ها رائحة المسيح تغمركم يا أيها الذين ستقبلون النور، وإنكم لتقطفون الأزهار الروحية لتضفروها أكاليل سماوية، شذَا الروح القدس يهزكم وأنتم على أعتاب الديار الملكية، لقد ازدهرت الأشجار فياليت الثمر يكون مكتملاً، إن أسماءكم سُجلت بعد أن تطوعتم في جيش المسيح حاملين مصابيح موكب العرس، يلهبكم الشوق إلى المدينة العلوية”.
بعد المعمودية، كان الموعوظون يقضون أسبوعًا في الكنيسة، حيث يشير العلامة ترتليان إلى أنهم كانوا يتناولون اللبن والعسل.
هذه العادة كانت رمزية؛ فاللبن يعبر عن التعليم النقي الذي تقدمه الكنيسة كغذاء للروح، بينما العسل يشير إلى وصايا المسيح التي هي أجمل وأحلى من العسل. كما يعكس العسل حلاوة الإيمان، كما قال داود النبي: “مَا أَحْلَى قَوْلَكَ لِحَنَكِي! أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ لِفَمِي” (مزمور 119: 103).
هذه التقاليد تمثل نقلة روحانية للمؤمنين الجدد، حيث يدخلون أرض “كنعان” الجديدة (الكنيسة) التي تفيض بالروحانية والتعاليم المقدسة.