الثلاثاء 14 يناير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

البرامج البينية المتداخلة أحدث صيحة فى التعليم والبحث العلمي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

العالم يتغير كل يوم، خاصة فى مجال التعليم والبحث العلمي.. تشكيل فرق بحثية وعلاجية من تخصصات متعددة، Multi-Disciplinary Teams بدأ منذ نهاية القرن الماضي. ثم تطور فأصبح هناك تداخل أكثر بين التخصصات للقيام بأعمال مشتركة  (Inter-  Disciplinary).  أما أحدث صيحة فى مجال التعليم العالي، فقد ظهرت مؤخراً فى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم إعداد برامج يدرس فيها الطلاب مجالين أو أكثر من التخصصات المتداخلة والمتكاملة (Trans-Disciplinary) والتى تؤهل الخريجين لسوق العمل، والتدريب على حل بعض المشكلات، أو معالجة بعض الموضوعات المعقدة التى يصعب التعامل معها عن طريق نظام أو تخصص واحد. فمثلاً، بدأت بعض البرامج لتخريج الطبيب المهندس، Physician-Engineer الذى يدرس الطب جنباً إلى جنب مع أفرع الهندسة المرتبطة بممارسة الطب فى برنامج واحد وليس برنامجين. فما قصة تطوير الإدارة الأكاديمية فى الجامعات، وتكامل البرامج التعليمية فى الكليات منذ بداية القرن الحادى والعشرين؟.. هذا ما نحاول الإجابة عنه فى هذا المقال. 

تطور الإدارة الأكاديمية فى الجامعات، حدث ضم عدداً من البرامج المتشابهة فى مجال عام (colleges or schools) لتكوين كيان أكبر يسمى كلية(Faculty)  فمثلاً تم ضم برامج الطب البشرى وطب الأسنان والصيدلة والعلاج الطبيعى والتمريض والعلوم الصحية التطبيقية فى كلية تسمى كلية العلوم الصحية، Faculty of health allied sciences، ولكل برنامج مدير، وللكلية  عميد واحد يدير شئونها .وكذلك تم ضم برامج العلوم والهندسة وعلوم الحاسوب والتكنولوجيا الحديثة والرياضيات فى كلية واحدة، تسمى اختصاراً STEM  -Faculty of Science, Technology, Engineering and Mathematics. وكذلك تم ضم برامج الآداب والتربية والفلسفة والفنون والاجتماع وإدارة الأعمال فى كلية واحدة تسمى العلوم الإنسانية Faculty of Humanities.

هذا النمط جعل الإدارة العليا أسهل وأفضل، لأن كل كلية من الكليات الثلاث لها عميد واحد ينسق بينها، وجعل التكامل بين البرامج أفضل وأقل بيروقراطية وأكثر فعالية عما سبق.

تكامل البرنامج التعليمى داخل الكلية الواحدة، واندماج البرامج التعليمية فى الكليات المختلفة، منذ أن اقترح أستاذ التعليم الطبى الأسكتلندى رونالد هاردين "سلم التكامل فى المنهج الدراسي The Ladder of Harden المكون من ١١ مستوى من التكامل، والذى يبدأ بتدريس كل تخصص بمعزل عن باقى التخصصات وينتهى بالتكامل التام بين كل التخصصات لتدريس منهج يشمل الجميع (Trans-Disciplinary)، وهناك سباق محموم بين جميع برامج الطب فى العالم للوصول إلى قمة السلم وهى التداخل والتكامل التام بين كل التخصصات لحل مشكلة طبية، وبناء عليه ظهرت البرامج التكاملية.

وفى مصر، تم تغيير لوائح جميع كليات الطب سنة ٢٠١٨، لتكون بنظام الوحدات المتكاملة. ومع إنشاء الجامعات الأهلية الحكومية الأربع سنة ٢٠٢٠، ومن بعدها الجامعات الأهلية المنبثقة عن الجامعات الحكومية، تم إنشاء البرامج البينية التى تشمل أكثر من تخصص بينى (مثل برامج الطاقة الجديدة والمتجددة). أما الجديد، فهو تدريس البرامج التى تشتمل على تخصصين أو أكثر، مثل الطب والهندسة لنفس الطالب فى برنامج واحد ليكون الخريج طبيبا/مهندسا. الغرض الذى تتسابق من أجله الجامعات هو تأهيل الخريجين لسوق العمل حسب متطلبات عصر الذكاء الاصطناعى وتكنولوجيا المعلومات.

مما سبق يتضح أن هناك الجديد كل يوم، ليس فقط فى مجال التعليم والبحث العلمي، ولكن أيضاً فى مجالات الإدارة والحوكمة. والمتابع للحياة العلمية والسياسية فى مصر، يدرك أن مصر تتابع أحدث التوجهات العالمية. وعلى سبيل المثال، جاءت استراتيجية وزارة التعليم العالى والبحث العلمى التى أطلقها الوزير محمد أيمن عاشور، يوم ٧ مارس ٢٠٢٤، لتحدد ٧ محاور للاستراتيجية الوطنية للتعليم العالى والبحث العلمي، وهى (التكامل، التخصصات المُتداخلة، التواصل، المشاركة الفعالة، الاستدامة، المرجعية الدولية، الابتكار وريادة الأعمال)، لتتوافق مع التوجه العالمى للتكامل فى التخصصات البينية.. مع أطيب التمنيات بالتوفيق والنجاح والاستمرار فى تحديث وتطوير الهياكل التنظيمية والبرامج التعليمية فى كل الجامعات المصرية.

*رئيس جامعة حورس