الأربعاء 08 يناير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

ننشر نص الرسالة البابوية بمناسبة عيد الميلاد المجيد

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هنأ قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ، بمناسبة السنة الجديدة وعيد الميلاد المجيد. أهنئكم أيها الأحباء في كل مكان في كنائسنا القبطية. أهنئكم بالعام الجديد 2025. وأيضًا بعيد الميلاد المجيد، أول الأعياد المباركة في السنة الميلادية. أهنئ كل الآباء المطارنة والآباء الأساقفة، والآباء الكهنة، القمامصة والقسوس، والشمامسة ، وأهنئ مجالس الكنائس وأهنئ كل الأسر القبطية، وكل الشباب والأطفال في كل بقاع الأرض بعيد الميلاد المجيد الذي نستقبل فيه السيد المسيح طفلاً صغيراً. فالله عندما أراد أن يدخل إلى العالم اختار الطفولة. ومن خلال هذا الطفل الصغير تمت أعمال عظيمة. 

وأضاف بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ، خلال الرسالة البابوية قامت  الصفحة الرسمية للكنيسة بنشرها وجاء نصها كالاتي : 

 الحقيقة عندما ندرس أحداث الميلاد، نكتشف حقيقة مهمة جدا. أن كل الأمور الصغيرة عندما نضعها في يد الله تصير عظيمة. سأعطيك أمثلة لذلك. 

في قصة الميلاد نتقابل مع القرية الصغيرة بيت لحم. قرية صغيرة ومغمورة وغير معروفة. توجد آلاف القرى في أماكن كثيرة في العالم. ولكن عندما استقبلت هذه القرية السيدة القديسة مريم العذراء والقديس يوسف النجار، كانت النتيجة مع ميلاد السيد المسيح إن هذه القرية صارت أشهر قرية في العالم كله، قرية بيت لحم. الحاجة الصغيرة في يد ربنا تصير كبيرة جداً. ليست القرية فقط، لكن الفتاة الصغيرة، أمنا السيدة العذراء مريم. هي صبية صغيرة، بسنوات محدودة، ولكن الله ملأها بالنعمة، وقال لها الملاك: “الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك  فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ” (لوقا 1: 35). هذه الفتاة الصغيرة، المتواضعة، التي عاشت في الهيكل، صارت فيما بعد أشهر قديسة في الحياة المسيحية. وصرنا نطلق على هذه القديسة أنها فخر جنسنا، جنس البشر كله، الرجال والنساء في كل مكان. وكما ذكرتُ: فتاة صغيرة عندما تتعامل مع الله  وتمتلئ بالنعمة تصير بهذه العظمة.

مثال ثالث: النجم الصغير الذي ظهر في السماء، وكان يتحرك حركة ربما غير معتادة بحسب علوم الفلك. وكان مرشدًا لجماعة المجوس القادمين من الشرق. هؤلاء المجوس وهم في الطريق كان مرشدهم ودليلهم الوحيد في الطريق هو هذا النجم. وهذا النجم كان يتحرك مع حركتهم، وكان يقف عندما يقفوا. إنه صار معجزة. السماء تمتلئ بنجوم كثيرة ولكن هذا النجم، نجم الميلاد، صار معجزة وصار معروفا ومشهورًا. وعندما نرسم أيقونات الميلاد، لابد أن نرسمه في الأيقونات على اختلاف أنواعها. أمثلة كثيرة، الصغير في يد المسيح يصير عظيماً والقليل في يد المسيح يصير كثيراً.

ليست هذه الأمثلة فقط لكن يوجد مثال آخر وهو مثال التسبحة التي أنشدها الملائكة في وقت الميلاد. تسبحة قصيرة جدًا ولكنها صارت عنوانًا لمسيحيتنا: “الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ” (لوقا 2: 14). تسبحة قليلة الكلمات ولكنها عظيمة الأثر. وصارت هي العنوان المعبر عن مسيحيتنا. لماذا؟ لأن هذه التسبحة تشمل السماء والأرض والناس. ولذلك صارت تسبحة شاملة. السماء: المجد لله في الأعالي. الأرض: وعلى الأرض السلام. الناس: وبالناس المسرة. فأصبحت تسبحة ثلاثية ومتكاملة وشاملة. وصارت هي عنوانًا لعمل المسيح ولعمل المسيحية. كأنها خطة وبرنامج لحياة الإنسان. النماذج كثيرة جدًا، ولكن المهم إنك عندما تضع القليل في يد الله يصير عظيماً. ونحن نطلق عليه في لغتنا “تحل فيه البركة” مع إنه قليل.

بعيداً عن قصة الميلاد، ممكن ان نذكر أمثلة أخرى. مثلا الطفل الصغير الذي كان يحمل خمسة خبزات وسمكتين في وسط جموع بالآلاف. وعندما يطلب السيد المسيح من تلاميذه أن يشبعوا الجموع، قالوا، ليس عندنا شيء غير طفل صغير  معه خمسة خبزات وسمكتين. ربما كانوا طعامًا لهذا الطفل. ولكن التلاميذ أخذوا هذا الطعام القليل جدا ووضعوه في يد المسيح ليبارك عليه. فصار كثيراً جدا يشبع خمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأولاد. وأيضًا يتبقى منه اثنتي عشر قفة مليئة بالكسر. ما هو هذا الفيض؟ وما هي هذه البركة العظيمة؟ 

مثال آخر، عندما كان بطرس الرسول يعمل صيادًا قبل رسوليته، خرج للبحر . ومن يعمل صيادًا، كما نقول “رزقه على ربنا”.  اليوم ربما يوجد رزق، وغدًا ربما لايوجد رزق. وكانت ليلة صيد فاشلة. انتظروا طول الليل ليصطادوا سمكًا ولكنهم فشلوا. فظهر المسيح مع بداية الفجر وقال لهم: القوا الشباك. فبطرس الرسول قال عبارته المشهورة: “قد تعبنا الليل كله ولم نصطاد شيئا ولكن على كلمتك نلقي الشبكة (لوقا 5: 5). يقول الكتاب: “أَمْسَكُوا سَمَكاً كَثِيراً جِدّاً فَصَارَتْ شَبَكَتُهُمْ تَتَخَرَّقُ” (لوقا 5: 6). كانت الشباك تتخرق لأنها امتلأت وفاضت بكلمة المسيح. ” عَلَى كَلِمَتِكَ أُلْقِي الشَّبَكَةَ” (لوقا 5: 5).

مثال آخر من الأمثلة الجميلة، الأرملة الفقيرة التي ألقت الفلسين. هذان الفلسان قيمتهما ضعيفة جدا حسب زمان السيد المسيح. ولكنها قدمتهما من أعوازها ومن احتياجها. وكانت النتيجة أن الله يمدحها ويشير إليها. وصارت المرأة صاحبة الفلسين مشهورة في أسفار العهد الجديد. في حين أنه كان يوجد آخرون يضعون مبالغ كثيرة. والعملة في ذلك الوقت كانت من المعدن. والصندوق الذي كان يوضع فيه المال كان مصنوعًا من المعدن أيضًا. وعندما توضع العملة في الصندوق كانت تصدر صوتاً. وان كانت العملة ذو قيمة كبيرة، كانت تصدر صوتاً كبيرًا. وان كانت العملة ذو قيمة قليلة، كانت تصدر صوتاً أقل. وتقريبا هذان الفلسان لم يكن لهما أي صوت. ولكن المسيح يمدحها ويطوبها ويشير إليها. وصارت عنواناً لنا. 

حتى في قصص اختيار خدام المسيح. كما في قصة اختيار داود النبي. فقد كان فتى صغيرًا. أصغر إخوته. وكان ضعيف البنية. ربما نرى نفس القصة مع القديس الأنبا بيشوي، بنفس الطريقة، كان صغيرًا. وعندما يطلبه الله لكي ما يصير خادماً له ورسولاً له يعترض الكبار ويقولون “خذوا واحد أكبر.” ولكن الله يختار الصغير ويصنع منه إنساناً قديساً عظيماً، ويصنع منه داود النبي بكل حياته وبكل مزاميره، بمزمور التوبة المعروف. هذه الصورة الجميلة تجعلنا، ونحن نستقبل ميلاد السيد المسيح، نعلم تماماً إننا عندما نقدم القليل من أجل الله يصير كثيراً جداً. ليس القليل في المال فقط ولكن أيضاً القليل في الوقت. عندما تقدم وقتاً محدوداً جداً في يومك من أجل الله، في الصلاة، في الإنجيل، في الخلوة، في التأمل، ستجد هذه الأوقات القليلة التي تقدمها من أجل الله، تبارك كل اليوم وكل الأسبوع وكل الشهر. عندما تقدم جهداً، أو خدمة، أو فكراً، أو ابتكاراً، أو إبداعا، مهما كان القليل الذي ستقدمه، هذا سيصير عظيماً. رسالة الميلاد التي أقدمها لكم اليوم أيها الأحباء، أنك لا تستصغر شيئاً مهما كان شكل حجمه. أطفالنا الصغار سيصيرون عظماءً فيما بعد. الجهد الذي تقدمه، ووقتك، ومالك، وفكرك وتعبك ودموعك، كل هذا سيصير في يد الله عظيماً، ما دمت تقدمه من أجل الله. أنا أهنئكم جميعاً. أهنئ كل الإيبارشيات القبطية في كل بقاع الأرض، في أفريقيا، في آسيا، في أوروبا، في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، وفي أستراليا. وأيضًا في الكرسي الأورشليمي، في مدينة إلهنا العظيم أورشليم. أهنئكم جميعًا من القاهرة من مصر.  أهنئكم وأنقل لكم تحيات كل الكنيسة القبطية في مصر  وأرجو لكم عاماً جديداً سعيداً. وأرجو لكم عيد الميلاد المجيد وفرحة الميلاد في حياتكم. والمجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة (لوقا 2: 14).