الأربعاء 08 يناير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عيد الميلاد المجيد.. دعوة محبة وخير وترابط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحتفل مصر يوم ٧ يناير بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام، ونبارك للأخوة المسيحيين التابعين للكنيسة القبطية الأرثوذكسية احتفالهم. وقد ذكرنى هذا اليوم بموقف محرج تعرضت له عندما سافرت إلى إنجلترا سنة ١٩٩٧، وتعاملت مع الزملاء المسيحيين هناك. حيث ذهبت لأستاذى المصرى المسيحى فى مستشفى سانت مارى فى مانشستر، وقلت له قبل ٢٥ ديسمبر "عيد ميلاد سعيد Merry  Christmas"، فنظر إلى بضجر وقال "عيد ميلاد إيه دلوقتي؟، عيد الميلاد عندنا يوم ٧ يناير.. واضح إنك ما تعرفش حاجة عن الديانة المسيحية".. الحقيقة شعرت بإحراج شديد، وشجعنى ذلك على أن أقرأ المزيد عن الديانات وأسباب هذا الاختلاف فى الاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام.

 وأعتقد كما يعتقد الكثيرون أن مصر والمصريين هم أول من عرف التوحيد وآمن بالله العلى العظيم، حتى قبل إخناتون بفترة طويلة. الأمر ذاته أكده الدكتور وسيم السيسي، بأن التوحيد فى مصر موجود منذ الأسرة الأولى الفرعونية، وأن الأهرامات مكتوب عليها بالفرعونية: "واحد أحد ليس له ثانى موجد نفسى بنفسى ليس مثلى أحد". ونفى كذلك أن يكون المصريون القدماء من عبدة الأوثان، مؤكدًا أنهم كانوا يعبدون الإله الواحد الأحد ولذا فالتدين فى مصر قديم قدم حضارة المصريين.

وحالياً، هناك حوالى ٤٢٠٠ ديانة تشمل المعتقدات والممارسات المتنوعة للناس فى جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى أكثر من مليار شخص ليس لهم أى دين. وتأتى الديانة المسيحية فى المرتبة الأولى من حيث التعداد بحوالى ٢.٣ مليار نسمة، يليها  الإسلام بحوالى ١.٨ مليار نسمة، ثم الهندوسية فى المرتبة الثالثة ويدين بها حوالى ١.١ مليار نسمة. وهناك ديانات مثل اليهودية والبوذية والسيخية والشامانية والبهائية، وغير ذلك الكثير.

 وتاريخياً، ارتبطت الديانات السماوية الثلاث بمصر حيث أن نبى الله موسى عليه السلام مولود فى مصر. والعائلة المقدسة (السيدة مريم والسيد المسيح عيسى عليه السلام) قد مكثت فى مصر قرابة ٣ سنوات هرباً من اضطهاد الرومان. وأن المصريين قد اعتنقوا المسيحية فى القرن الأول الميلادي. كما أن لمصر تاريخاً إسلامياً عظيماً منذ فتح مصر على يد عمرو بن العاص فى عصر الخليفة عمر ابن الخطاب رضى الله عنه. ومنذ فجر التاريخ، عاش أصحاب الديانات السماوية فى مصر فى وفاق وتسامح ومحبة، وهو ما يتجلى اليوم بين المسلمين والمسيحيين إذ نحتفل سوياً بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام.

وبالنسبة لعيد الميلاد المجيد، يحتفل عدد من الكنائس بأعياد الميلاد وفقاً للتقويم الغربي، يوم ٢٥ ديسمبر من كل عام، فى مقدمتها الأقباط الكاثوليك والروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك والكنيسة الأسقفية والطائفة المارونية بمصر. ويحتفل عدد آخر من الكنائس بعيد الميلاد المجيد وفقاً للتقويم الشرقى والذى يوافق ٧ يناير من كل عام، وفى مقدمتها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والطائفة الإنجيلية بمصر.

وفى المدرسة التى كان يدرس فيها أولادى فى إنجلترا وهم أطفال، كان هناك مقرر لكل ديانة، يتم تدريسه للأطفال بمنتهى الاحترام والإجلال، وفى كثير من الأحيان كنت أجد معلومات قيمة عن الأديان الأخرى لم أكن أعرف عنها شيئاً. والحقيقة تمنيت لو كنت تعرفت على هذه الأديان وأنا طفل صغير، ولكن للأسف، كان لنا زميل مسيحى فى المدرسة، وكانوا يخرجونه من الفصل عند تدريس حصة الدين الإسلامي. وحتى الآن لا أعرف السبب الذى يحول دون تدريس التعرف على الأديان الأخرى فى مدارسنا.

لكن العظيم فى الأمر أن تعاليم جميع الأديان متشابهة، ففى الأديان السماوية، الإسلام والمسيحية واليهودية، وكذلك فى الكنفوشية والبوذية والهندوسية، تجد الدعوة إلى الصدق فى القول، والعدل فى المعاملات، وحب الآخر، ومساعدة المحتاج، والحفاظ على الحياة، والعطف على الصغير واحترام الكبير. وكذلك تجد تحريم الزنا، والقتل والسرقة والكذب.

وذات مرة، أثناء الاحتفالات المبهجة بالكريسماس ووسط الأنوار والزينة، سألتنى زميلة فى العمل، هل صحيح أن الدين الإسلامى يقول إن المسلمين فقط هم من سيدخلون الجنة، وأن باقى الاديان سوف يدخلون النار؟.. قلت لها غير صحيح وسوف أعطيكى الدليل وفتحت المصحف الشريف وقرأت لها من القرآن الكريم ما يدل على ذلك. الآية ٦٢ من سورة البقرة: "إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون". وقوله تعالى فى سورة الحجرات، الآية ١٣، “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”. صدق الله العظيم.

عندها نظرت إلىَّ بعمق وقالت: فعلاً الإسلام دين عظيم، والقرآن كتاب معجز، ولكن للأسف بعض المسلمين يسيئون إليه، كما يسىء كل المتطرفين إلى الأديان.

كل سنة وكل مصرى سواء كان مسلماً أو مسيحياً بخير، وكل سنة ومصر وأهلها بخير وترابط ومحبة. وكل عام وحضراتكم جميعاً بخير.

*رئيس جامعة حورس