الأدبيات التي تعلل وتبرز وتحلل ظاهرة التنظيمات الأصولية وجماعات الإسلام السياسي بمختلف توجهاتها، منذ نشأة جماعة الإخوان المسلمون"أم هذه الجماعات جميعها"، تضع العدو التاريخي في المرتبة الأولى لأهدافها. كان تحرير فلسطين هو الرأس والذنب، البداية والنهاية. وقد صكت تلك الجماعات المتعددة والمختلفة والمتلونة شعارات الحشد الجماهيري في هذا الإطار، مثل:
- "خيبر خيبر يا يهود، جيش محمد سوف يعود."
- "على القدس رايحين، شهداء بالملايين."
- "وأقصاه..."
إلى آخر تلك الهتافات والتشنجات. ولكن كل هذا ذهب أدراج الرياح في سبيل الهدف الأسمى، بل والوحيد فعلاً وحقيقيًا لها، وهو: "الحكم"، و"الكرسي"، و"السلطة"
رأينا تلك الحقيقة العارية في سوريا، حيث تحولت هذه الجماعات الشرسة، التي قتلت وهجّرت مسلمين ومسيحيين، وأبادت إيزيديين، وأذاقت الأقليات والآمنين كأس العذاب إلى آخر قطرة، إلى قطط وديعة، هادئة، منكفئة، خاضعة خانعة أمام ذلك العدو الذي صدّعوا رؤوسنا بعداوته وكراهيته ورفض وجوده.
أصبحوا صامتين تمامًا، بل أصابهم الخرس المطبق إزاء تدمير قوات ومعدات الجيش السوري. تأمل هذا الخبر الذي نشره موقع قناة الجزيرة:
"نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر أمني كبير أن الجيش دمر مقدرات الجيش السوري في أكبر عملية جوية في تاريخ إسرائيل، في حين أكدت مصادر أمنية أن توغل إسرائيل العسكري في جنوب سوريا وصل إلى نحو 25 كيلومترًا إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، نقلاً عن المصدر الأمني ذاته، أن الجيش دمر طائرات وسفنًا حربية ومنشآت استراتيجية في سوريا لمنع وصول المعارضة لها.
في السياق، نقلت رويترز أيضًا عن مصدرين أمنيين إقليميين أن القوات الإسرائيلية وصلت إلى منطقة قطنا التي تقع على مسافة 10 كيلومترات داخل الأراضي السورية، إلى الشرق من منطقة منزوعة السلاح التي تفصل هضبة الجولان المحتلة عن سوريا.
أما إذاعة الجيش الإسرائيلي فقالت إن الجيش ما زال يعمل فقط في المنطقة العازلة التي تبعد نحو 30 كيلومترًا عن دمشق.
وقد استغل الجيش الإسرائيلي انسحاب قوات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد من مواقعها العسكرية ليتوغل في مناطق استراتيجية بمحافظة القنيطرة جنوب سوريا.
وأفاد مراسل الجزيرة في سوريا برفع الجيش الإسرائيلي السواتر الترابية في القنيطرة بعمق يصل إلى 3 كيلومترات.
وأظهرت خرائط خاصة بالجزيرة سيطرة الجيش الإسرائيلي على قمة جبل الشيخ وعدد من القرى والبلدات المحيطة بها داخل المنطقة منزوعة السلاح، بعمق يصل إلى 18 كيلومترًا داخل الأراضي السورية."
والعجب العجاب أننا لم نرَ بيانًا للإخوان، ولا لغيرهم من جماعات الإرهاب التاريخيين، يدين هذا التدمير. بل إن "الشرعي حاليًا – الجولاني سابقًا" يعلن أنه يسعى للسلام.
لقد ذكرني هدوء تلك الجماعات التي توحشت على الأقليات بسخرية أحمد آدم في فيلم "القرموطي على خط النار"، عندما سئل عن انتمائه لجماعة "جبهة النصرة" فقال:
"هي يسرا عملت جبهة؟!"
يبدو أن كل تنازل ممكن في سبيل الوصول إلى الكرسي. لتتحول أنياب الإرهابي إلى أنامل "يسرا".