ما تزال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي اندلعت عقب انطلاق شرارة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر عام 2023 جارية ضد المدنيين العزل من أبناء الشعب الفلسطيني، في محاولة إسرائيلية للضغط على المواطنين الفلسطينيين من أبناء القطاع للخروج منه وتهجيرهم قسريا لإفراغ القضية الفلسطينية من مضمونها، وهو ما ترفضه مصر والأردن بشكل قاطع، باعتبارهما الدولتين الأكبر في المنطقة المجاورتين للحدود الفلسطينيين من جهة الشمال والجنوب، وبحكم إشراف المملكة الأردنية الهاشمية على أماكن المقدسات في القدس، علاوة على كون مصر الشريط المحازي لجنوب قطاع غزة والتي ترتبط مع القطاع بمعبر رفح البري الذي تديره مصر من الجهة المصرية وكانت تديره حركة حماس من الجهة الفلسطينية، قبل اقتحام جيش الاحتلال لمنطقة رفح.
وتشير تقديرات وبيانات صادرة عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية المعروفة باسم "إسكوا" إن الاقتصاد المصري عانى بشكل كبير خلال الفترة الماضية جراء الحروب والنزاعات التي شهدها العالم بداية من الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة وأن مصر تعتمد على واردات غذائية من أوكرانيا وروسيا الاتحادية، وهو ما رفع قيمة التضخم، مرورًا بالحرب السودانية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الجنوب، بالإضافة إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهو ما تسبب في تداعيات خطيرة على الاقتصاد المصري، في ظل محاولات مستميتة من القيادة السياسية المصرية للخروج من تلك الأزمات بدون ضرر كبير للاقتصاد.
التقرير الذي صدر عن "إسكوا" أكد أن أبرز الدول المتضررة من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة هما مصر والأردن بشكل أساسي، حيث أكد أن تلك الصراعات يمكـن أن تـؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، ما يسهم في تفاقم الأثر الكبير على كلفة الضغوط التضخمية نظرا للاحتياجات الأساسية لدول المنطقة، في ظل استمرار التداعيات الاقتصادية للهجمات الحوثية على السفن المارة في البحر الأحمر، والتي تسببت في إحجام الكثير من سفن الشحن عن المرور في البحر الأحمر وسلك سلك أخرى أكثر أمانًا رغم طول المسافة، تجنبًا للإصابات المباشرة من الضربات والصواريخ الحوثية، التي تعمل كجبهة إسناد مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
ويزيد من حدة الأزمة ما نقلته صحيفة "ذا ناشيونال" الناطقة باللغة الإنجليزية عن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، والذي أصدر تهديدًا جاء فيه إنه يتوعد منطقة الشرق الأوسط بالجحيم إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وهو التهديد الذي أثار لغط كبير في الأوساط السياسية، ونبه إلى سياسات الولايات المتحدة الأمريكية الداعية لدعم وحماية إسرائيل عسكرية ودبلوماسيا في حربها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، فيما يغض الرئيس الأمريكي الطرف عن حرب الإبادة الجماعية التي تنتهجها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر من عام 2023، في ظل عدم تكافؤ المواجهة بين الجانبين من الناحية العسكرية.
ويقول الدكتور أشرف سنجر، خبير العلاقات الدولية، إن الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط آخذه في التدهور نتيجة التعنت الإسرائيلي حيال الوصول لصفقة أو لهدنة لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتوصل لصفقة تبادل أسرى بين الجانبين، حيث إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرفض الوصول إلى حل لإخراج المحتجزين ووقف إطلاق النار في غزة، موضحاً أنه يرى هذا الحل غير مرضِ لسموتيريش وبن غفير واللذان يمثلان التيار المتطرف المتشدد المؤمن بالقتل والدم.
وأضاف أن عدم الوصول إلى تحرير وإعادة المحتجزين تعد نقطة سيئة للغاية في تاريخ الإدارة الأمريكية إن لم تنجح في هذا الشأن، موضحا أن نتنياهو يعقد المسائل وحماس تعلم أن هذه الورقة الأخيرة التي تملكها خاصة بعد تشريد وتجويع وضرب أهل القطاع ولذا ما يمكنها تقديمه هو إخراج كل المحتجزين الفلسلطينيين من السجون الإسرائيلية.
وأكد أن الطرفين مستشعرين عدم الثقة فيما بينهما وهي أصعب خطوة في المفاوضات، خاصة أن نتنياهو يصر على تحقيق كل أهدافه وأبرزها إظهار إنجازات أمام الشعب الإسرائيلي، وهو وهو كبير.
وعلى صعيد متصل يؤكد محمد الولص، رئيس مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية، إن الميليشيات الحوثية حاولت أن تظهر نفسها كجبهة إسناد للفلسطينيين في مواجهة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتسبب في أضرار بالغة باقتصاد منطقة الشرق الأوسط بعد هجماتها المتكررة على السفن المارة في البحر الأحمر، ما تسبب في خسائر كبيرة عانت منها إيرادات قناة السويس المصرية.
وأضاف رئيس مركز البحر الأحمر للدراسات الأمنية، في تصريحات لـ"البوابة نيوز" أن الحوثيين استخدموا القضية الفلسطينية للحصول على دعم اليمنيين في مناطق نفوذهم فقط ليس إلا، ولإيهام الشعب اليمني بأنهم يعملون في إطار نصرة القضية الفلسطينية التي خذلها كثيرون، ما يسهل لهم جمع الضرائب والجبايات من أهالي اليمن في مناطق نفوذهم، وهو ما يشير إلى استخدامهم القضية الفلسطينية للتشدق بها أمام المجتمع اليمني الداخلي ليس إلا.
وأشار إلى أن هجماتهم على البحر الأحمر، وهجمات الأمريكيين على موانئ اليمن في الحديدة وصعدة وغيرها يعد مغامرة بمقدرات الشعب اليمني الذي يرزح تحت احتلال تلك الجماعة الانقلابية، حيث تستهدف المقاتلات الأمريكية من وقت لأخر مخازن النفط والموانئ الحيوية في اليمن، فيما ينجح الحوثيين في إبعاد الضربات عن تموضعاتهم العسكرية.