دائما ما تكون الأم هي مصدر الحنان ورمز العطاء، تحنو علي أبنائها وتكون لهم المأوي والسكن، وهذا هو ما اعتدناه وتحاول ثقافتنا ترسيخه في الوجدان منذ الصغر، ولكن ليس كل الأمهات تحمل قلبا يفيض حبا، فهناك قلوب امتلأت بالقسوة والجحود، وتكون أشذ غلظة علي أبنائها بدون سبب، ولكن لإرضاء شخص آخر.
هذا ما حدث مع طفلة الهرم التي راحت ضحية لتبولها لا إراديا حيث اعتدت عليها والدتها وعشيقها بالضرب حتي الموت.
آثار غائرة من التعذيب
الحكاية بدأت هناك في ظلام ليلة قاسية، خيم الصمت على شوارع منطقة الهرم بمحافظة الجيزة، بين أكوام النفايات، وعلى أحد الأرصفة الموحشة، عثر الأهالي على جثة طفلة لم تتجاوز الثلاث سنوات، كانت ملقاة ببرودة مروعة، كأن من فعل ذلك قد تجرد من كل رحمة، الجسد الصغير كان يحمل آثارًا غائرة من التعذيب وكدمات متناثرة كشهود على معاناة طفلة لم تجد في الحياة سوى الألم ورحلت دون ذنب اقترفته يداها.
في تلك اللحظات وعقب إبلاغ الأجهزة الأمنية والتي تحركت بسرعة، محاولةً فك خيوط الجريمة التي تجمدت أمام بشاعتها القلوب، لم تكن الواقعة مجرد حادثة قتل، بل كانت مرآة تعكس وجعًا عميقًا يتوارى خلف البيوت القديمة وأصوات الشوارع الصاخبة.
تفاصيل البلاغ
تلقي المقدم مصطفى الدكر رئيس مباحث قسم شرطة الأهرام بمديرية أمن الجيزة، إشارة من غرفة عمليات النجدة مفادها تلقيها بلاغا من الأهالي بالعثور علي طفلة بمنطقة لتجميع القمامة بدائرة القسم، وعلى الفور انتقلت الأجهزة الأمنية إلي محل البلاغ وبالفحص تبين العثور علي جثة طفلة 3 سنوات بها آثار تعذيب.
بين النظرات المرتبكة والتحقيقات الأولية، وقف المحققون أمام مشهد لا يمكن نسيانه، الطفلة، التي كانت ملقاة بملابس متسخة، بدت وكأنها تحمل حكايات مؤلمة داخل كل جرح على جسدها الصغير، وجاءت شهادة الأهالي لتزيد من أجواء الرعب؛ إذ قال أحدهم بصوت مرتعش: "صحينا الصبح ولقينا الطفلة هنا.. محدش عارف جت منين ولا إزاي".
الأم.. قاتلة بلا رحمة
كشفت التحريات سريعًا عن تفاصيل مأساوية، وضعت الجميع أمام صدمة حقيقية، لم تكن الطفلة ضحية حادث عابر، بل كانت ضحية أمها، تلك التي يُفترض أنها مصدر الأمان والحنان، كانت الأم تعمل في جمع القمامة وتعيش حياة بائسة، لكنها لم تكن وحدها في الجريمة؛ بل كان عشيقها شريكًا في كل ما حدث.
في لحظة من الغضب الأعمى، اعتدى الاثنان على الطفلة الصغيرة، كان ذنبها الوحيد أنها تبولت على نفسها لا إراديا، تصرف عادي لطفلة في عمرها، لكنه كان كافيًا ليشعل غضب الوحشين، انهالت عليها الضربات بالعنف والقسوة حتى خارت قواها الصغيرة، لم تحتمل الطفلة التعذيب، لفظت أنفاسها الأخيرة وسط صرخات مكتومة لم يسمعها أحد وفاضت روحها البريئة لخالقها.
التخلص من الجثة
بعد أن تأكدت الأم وعشيقها من موت الطفلة، لم يكن أمامهما سوى محاولة إخفاء الجريمة، حمل العشيق جثة الطفلة ببرود، وسار بها عبر أزقة الهرم المظلمة حتى وصل إلى المكان الذي رآه مناسبًا لإلقائها، وضعها بين القمامة ظنًا منه أن لا أحد سيهتم، أو ربما أن الجريمة ستبقى طي النسيان، لكن القدر أراد أن يُكشف المستور، كانت الطفلة المسكينة، رغم موتها، رسالة صارخة لا يمكن تجاهلها.
القبض على الجناة
بفضل جهود الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة، نجحت القوات في القبض على المتهمين خلال ساعات، لم ينكر الاثنان الجريمة، بل اعترفا بتفاصيلها البشعة بوجه خالٍ من ملامح الندم، وكأن قلوبهم قد أصبحت حجرًا صلبًا لا يهتز حتى أمام موت طفلة في ربيع عمرها.
قرارات النيابة
تم تحرير محضر بالواقعة، وأحيلت القضية إلى النيابة العامة التي تولت التحقيق والتي أمرت بانتداب طبيب شرعي لتشريح جثمان المجني عليها وإعداد تقرير وافٍ عن كيفية وأسباب الوفاة وصرحت بالدفن عقب بيان الصفة التشريحية لها وتسليم الجثمان لذويه لاستكمال إجراءات الدفن.
بمواجهة المتهمين أمام جهات التحقيق بما أسفرت عنه التحريات والضبط أقرا بصحتها وعليه أمرت النيابة العامة بجنوب الجيزة حبس المتهمين 4 أيام احتياطيا على ذمة التحقيقات وجدد قاضي المعارضات حبسهما 15 يوما آخرين.
واصطحب فريق من النيابة الجناة لمسرح الجريمة لإجراء معاينة تصويرية وتمثيل جريمتهما وطلبت النيابة صحيفة الحالة الجنائية للمتهمين وجارٍ استكمال التحقيقات.