الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

كوسم سلطان ..جارية حكمت عرش الدولة العثمانية

صورة أرشيفية للعصر
صورة أرشيفية للعصر العثماني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في التاريخ العثماني الحافل بالقصص والأحداث، تبرز شخصية كوسم سلطان التي تحل اليوم ذكرى ميلادها  كواحدة من أكثر النساء نفوذا وتأثيرا في فترة حكم الدولة. ولدت كوسم، واسمها الأصلي أناستاسيا، في جزيرة تينوس اليونانية عام 1590، لأسرة مسيحية تعود جذورها إلى أحد رجال الدين هناك.

كانت بداية قصتها مع القصر العثماني حين تم أسرها وأُرسلت كهدية إلى السلطان أحمد الأول في قصر الباب العالي بإسطنبول.

دخلت كوسم إلى الحريم السلطاني كخادمة، لكن جمالها المذهل وذكاءها الحاد جعلا السلطان أحمد الأول يلاحظها ويقع في حبها واعتنقت الإسلام بعد دخولها القصر، وتم منحها اسم  كوسم، الذي يعني الماهرة،  كما أُطلق عليها اسم ماه بيكر بسبب جمالها الساحر.

رغم المعارضة التي واجهتها من والدة السلطان، السلطانة هاندان، ومن السلطانة الكبرى صفية، استطاعت كوسم أن تفرض وجودها وتصبح الزوجة المفضلة للسلطان أحمد الأول لكن بعد وفاة السلطان أحمد الأول في سن مبكر، بدأت رحلة كوسم الحقيقية في عالم السياسة ورغم أنها لم تتدخل كثيرا في شؤون الحكم أثناء فترة زوجها، إلا أن عشقها للسلطة ظهر جليا بعد رحيله وحرصت على حماية مصالح أبنائها، خاصة الأمير مراد الرابع، الذي كان طفلا صغيرا عند وفاة والده وتصدت لمحاولات تنصيب الأمير عثمان، ابن ضرتها ماه فيروز، على العرش، خوفا من إقصاء ابنها مراد.

في عام 1617، ومع صعود ابنها مراد الرابع إلى العرش، أصبحت كوسم سلطان السلطانة الأم وكان مراد لا يزال صغيرا، مما دفع كوسم إلى تولي مقاليد الحكم كوصية على العرش. استمرت في هذا الدور لنحو 12 عاما، وتمكنت من إدارة شؤون الدولة بذكاء ومهارة.

خلال هذه الفترة، برزت كوسم كسياسية محنكة، استطاعت إحكام قبضتها على السلطة من خلال التحالفات والخطط المدروسة. استخدمت ثروتها الهائلة لإنشاء مؤسسات خيرية، مما جعلها محبوبة لدى الشعب وكانت حريصة على تقديم الدعم للفقراء وتخفيف معاناتهم، وهو ما زاد من شعبيتها وساعدها على تعزيز نفوذها.

عندما تولى ابنها الثاني، السلطان إبراهيم الأول، العرش، استمرت كوسم في لعب دور السلطانة الأم والموجهة ورغم الصعوبات التي واجهتها نتيجة تصرفات إبراهيم غير المتزنة، تمكنت من الحفاظ على تأثيرها السياسي وعندما تولى حفيدها محمد الرابع الحكم، عادت كوسم لتكون الوصية على العرش، مستمرة في حكمها الفعلي للدولة العثمانية.

وصفها المؤرخون بأنها امرأة ذكية وماكرة، ذات قدرة كبيرة على المناورة السياسية وكانت تتقن فن التأثير على الآخرين وإقناعهم بآرائها، ما جعلها واحدة من أبرز الشخصيات النسائية في تاريخ الدولة العثمانية ومع ذلك، لم تكن حياتها خالية من الأعداء والمؤامرات. فقد انتهت حياة كوسم بشكل مأساوي عندما تم اغتيالها على يد منافسيها داخل القصر عام 1651.

رغم نهايتها المؤلمة، إلا أن كوسم سلطان تركت إرثا كبيرا فلم تكن مجرد سلطانة أم، بل كانت واحدة من القلائل الذين تمكنوا من حكم الدولة العثمانية فعليا في فترة عصيبة من تاريخها فقد أثرت بحكمتها وذكائها في مجرى الأحداث ووضعت بصمة لا تُنسى في التاريخ العثماني.