دفعت مخاوف الرئيس الأمريكي جو بايدن، المتزايدة إلى العفو عن ابنه دون تأخير، ورغم أن هذا القرار لا يتفق مع تعهداته، فإنه يتناسب مع الدعم العميق الذي يقدمه هانتر لوالده ــ واستعداده لاحتضانه حتى عندما تجعله زلاته في الحكم عبئاً سياسياً كبيراً.
وقد ازدادت العلاقة بين الرجلين تقارباً مع تعرض بايدن لانتقادات شديدة من حزبه لحمله على سحب محاولته لإعادة انتخابه.
وكان هانتر من بين أشد المدافعين عن والده ثباتاً خلال تلك الفترة، وفقاً لأشخاص مطلعين على علاقتهما.
وكان من المقرر أن يعترف هانتر بايدن في يوليو 2023 بذنبه في تهمتين جنحيتين متعلقتين بضرائب وتجنب الملاحقة القضائية المتعلقة بشراء سلاح في عام 2018.
لكن صفقة الإقرار بالذنب انهارت وسط خلاف حول مدى الحصانة التي سيحصل عليها من الملاحقة القضائية المحتملة في المستقبل.
وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير أن العفو لم يتم فحصه من خلال عملية العفو النموذجية التي تتم من خلال وزارة العدل. كما كان العفو واسع النطاق بشكل غير عادي. فبدلاً من منح هنتر العفو فقط في ملاحقات الأسلحة والضرائب، فإن العفو منحه حصانة من أي جرائم فيدرالية محتملة تعود إلى عام 2014، ويشبه هذا النهج عفو الرئيس جيرالد فورد الشامل عن ريتشارد نيكسون بعد فضيحة ووترجيت.
ووفق ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال قال أحد الأشخاص المطلعين إن بعض المساعدين السابقين يشعرون بالإحباط إزاء توقيت الرئيس، ويحاولون فهم سبب اختياره الإعلان عن العفو في وقت يصرف الانتباه عن جهود الديمقراطيين للحفاظ على تركيز الجمهور على بعض مرشحي ترامب المثيرين للجدل لشغل مناصب وزارية.
كما تساءلوا عن سبب انتقاد الرئيس لوزارة العدل، التي أشرفت على المحاكمات، بدلاً من إسناد القرار فقط إلى دوره كأب مهتم.
ويأتي قرار بايدن بالتحرك الآن يوفر العديد من الفوائد لعائلته. والأمر الأكثر أهمية هو أن العفو يلغي إجراءات قضائية مقبلة كانت ستسبب المزيد من الإحراج والصدمة العاطفية لعائلة بايدن.
كان من المقرر أن يتم الحكم على هانتر بايدن في 12 ديسمبر في ويلمنجتون بولاية ديلاوير، بعد أن أدانته هيئة محلفين فيدرالية هناك في يونيو بتهمة الادعاء الكاذب بأنه خالٍ من المخدرات عندما اشترى مسدس كولت كوبرا في عام 2018.
وتحولت المحاكمة إلى استكشاف مؤلم لانحداره إلى الإدمان والاضطرابات التي أحدثها داخل عائلته، وكان من بين الشهود زوجة هانتر بايدن السابقة، كاثلين بوهل، وهالي بايدن، أرملة نجل الرئيس الأكبر، بو بايدن، في شهادة شخصية للغاية، قالت هالي بايدن إنها رأت هانتر بايدن يدخن الكراك أحيانًا كل ثماني ساعات أثناء علاقة رومانسية متقطعة بينهما بعد وفاة بو بايدن بسرطان المخ.
بعد أن خاض تجربة قاعة المحكمة تلك، قرر هانتر بايدن عدم الخضوع لمحاكمة ثانية هددت بإلقاء الضوء مجددًا على تعاملاته التجارية السابقة في الخارج وحفلاته التي كانت مدفوعة بالمخدرات.
ومع بدء اختيار هيئة المحلفين في لوس أنجلوس، أقر بايدن الابن بالذنب في مجموعة من التهم الضريبية التي زعمت أنه فشل في سداد ما عليه للحكومة بينما أنفق بسخاء على المخدرات والمرافقين والصديقات والفنادق الفاخرة.
وقال هانتر بايدن في بيان بعد إقراره المفاجئ بالذنب: "ذهبت إلى المحاكمة في ديلاوير دون أن أدرك حجم الألم الذي قد تسببه لعائلتي، ولن أعرضهم لذلك مرة أخرى". وكان من المقرر أن يواجه الحكم في قضية الضرائب في 16 ديسمبر.
كان توقيت العفو الذي أصدره بايدن سبباً في استباق جلسات النطق بالحكم، فضلاً عن تقديم الادعاء العام توصيات بمعاقبة نجل الرئيس، وكانت هذه الملفات لتمنح فايس منصة جديدة لانتقاد نجل الرئيس.
وقال جيف نيمان، محامي الدفاع الذي عمل سابقًا كمدع عام في قسم الضرائب بوزارة العدل: "لن تكون هناك أحكام أو مذكرات إدانة، وهذا في جوهره يسكت المستشار الخاص".
ولقد ظلت معركة واحدة على الأقل بالنسبة لهانتر بايدن في أعقاب العفو، فقد حاول محامو هانتر بايدن إسقاط الاتهامات الموجهة إليه في ديلاوير وكاليفورنيا، وحث فريق فايس القضاة الفيدراليين على عدم اتخاذ هذه الخطوة مع الاعتراف بأن هانتر بايدن كان "متلقيًا لعمل من الرحمة".
وفي كلتا الحالتين، قال ممثلو الادعاء إن العفو "لا يعني أن قرار هيئة المحلفين الكبرى بتوجيه الاتهام إليه، بناء على إيجاد سبب محتمل، يجب أن يُمحى كما لو أنه لم يحدث قط".
وفي ولاية ديلاوير، أمرت القاضية ماري إلين نوريكا بإنهاء كافة الإجراءات في هذه القضية.
وفي لوس أنجلوس، قال القاضي مارك سكارسي إنه سيلغي جلسة النطق بالحكم المقررة هذا الشهر وينهي القضية. ولكن في أمر من خمس صفحات صدر يوم الثلاثاء، انتقد سكارسي بيان بايدن الأب الذي أعلن فيه العفو، بما في ذلك تأكيده على أن هانتر بايدن تم استهدافه لأنه نجل الرئيس.
"باختصار، فإن البيان الصحفي ليس بمثابة عفو"، كما كتب سكارسي: “يمنح الدستور الرئيس سلطة واسعة لمنح العفو عن الجرائم ضد الولايات المتحدة، ولكن لا يوجد في الدستور ما يمنح الرئيس السلطة لإعادة كتابة التاريخ”.