قبل 11 عاماً مضت، كنت لازلت أتلمس خطواتي في عالم الصحافة، الذي طرقت أبوابه، عقب تخرجي من كلية الآداب قسم الإعلام في جامعة جنوب الوادي قبل أن تصبح كلية مستقلة بذاتها، ولأصدقكم القول فإنني لم أكن أسعى لأن أصبح صحفية متمرسة بالرغم من وجود الهواية والدوافع، وذلك لأسباب عدة لا مجال لذكرها، كما أن الظروف السياسية للبلد وقتها لم تكن أفضل شئ، ولكن من منطلق إيماني بالتخصص "وأن يعمل الشخص بشهادته" قررت أن أخطو أولى خطواتي في هذا المجال المحبب والشاق في نفس الوقت وليعينني الله عزوجل، ولأصدقكم القول مرة ثانية فإنني أصف نفسي دائماً بإني كنت "محظوظة"، لم تكن بداياتي في الصحافة سهلة ويسيرة ولكنها كانت خطوات ثابتة ومنتقاه بعناية، عندما بدأت التحقت بالتدريب بدون راتب في بوابة روز اليوسف هذا الصرح الكبير لمدة عام، وكان هذا العام هو 2013 ومعروف بالطبع كيف مر هذا العام بكل أحداثه وتداعياته وتوتر الأوضاع وقتها داخل مصر، وهو الأمر الذي أثر بالسلب على كل شئ ومن بينها المجال الصحفي والإعلامي. وعقب اندلاع ثورة 30 يونيو والأحداث التي تلتها، ومع تقديم استقالتي من الصحيفة التي كنت أعمل بها عقب استشهاد بعض الصحفيين، لم أكن في حالة تسمح لي بالعمل وتوقفت بالفعل لمدة شهرين وفقدت مصدر رزقي وقتها، وفي نهاية شهر يوليو من نفس العام، هاتفتني زميلاتي بأنهن سيتقدمن لموقع جديد يطلب صحفيين في عدة محافظات وطلبتا مني التقديم معهن، وبالفعل تحدثت وقتها مع الأستاذ نصر عبده المشرف على قسم المحافظات في "البوابة" وقتها، ولكنه أكد لي بأن هناك زميلة في الأقصر وأنهم لا يحتاجون لبديل أو مراسل آخر، وهو الأمر الذي تفهمته، وبالفعل تم قبول زميلاتي، وعدت أنا لحالة التوقف عن العمل مع الالتزام بالتدريب داخل مؤسسة روز اليوسف حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا، خاصة وإنه كان لدي يقين لا أعرف سببه بأن هناك عوده، ليعود بالفعل بعدها أستاذ نصر ليهاتفني مجددا يوم 28 أغسطس 2013 واتذكر هذا اليوم جيدا - فقد كنت أحضر أحد الأفراح واعتبرتها بشرة خير- عندما دق جرس هاتفي لأجد أستاذ نصر يقول لي : "جاهزة؟ الزميلة اللي كانت معانا اعتذرت عن استكمال العمل لارتباطها بعمل في موقع آخر مستعدة تكوني معانا؟" لأجيب فورا "طبعا" لتبدأ بعدها أجمل حكاية وصدفة مع "البوابة". أرسلت السيرة الذاتية الخاصة بي والتي بالمناسبة كانت "صغيرة للغاية" لحداثة عهدي بالصحافة، وبالفعل تم نشر أول خبر لي باسمي يوم 30 أغسطس 2013 وبعدها سافرت إلى القاهرة لأرى مكاني الجديد، واستقبلني أستاذ نصر وأستاذ محمد نور، لتبدأ بعد ذلك رحلتي العملية الممتعة مع البوابة إلى وقتنا هذا، 11 عاما قضيتها في مؤسسة البوابة بقيادة الدكتور عبد الرحيم علي، لم أر فيهم إلا كل خير حرفياً، قمت بتطوير نفسي في الكتابة يوما بعد الآخر، تعرفت على أساتذة وشخصيات وزملاء أصبحوا بمرور الوقت عشرة عُمر، دائما أصف نفسي بإني من جيل الرعيل الأول للبوابة ودائما أقول "إننا كبرنا مع بعض"، نشرت عشرات الآلآف من الأخبار ومثلها من التقارير التحقيقات والحوارات، تم فرد صفحات لي على جريدة البوابة منذ اليوم الأول لصدورها، وكانت الأقصر ضيف مشارك ومساهم قوي في معظم الأعداد الورقية، مررنا معا بالكثير من العثرات والعقبات ولكن لم تؤثر قيد أنملة، وظللت مع البوابة في قصة عشق لا تنتهي. ومع مرور السنوات بدأ حلم الالتحاق بنقابة الصحفيين يراودني، هل من الممكن أن أكون يوما عضوا في هذه النقابة العريقة؟ ولم لا فهي الهدف الأسمى لكل صحفي، وعاما بعد الاخر طال الانتظار ولكن قررت الصبر، وصممت آذاني عن الأصوات التي كانت تطلب مني الالتحاق بالعمل في مكان آخر حتى أستطيع الالتحاق بركب النقابيين، ولكن شعور قوي داخلي جعلني أحب أن يتحقق هذا الحلم من داخل جنبات البوابة وليس خارجه، فهو المكان الذي استقبلني في وقت كنت أمر فيه بظروف نفسية سيئة من كل الجوانب، وبالفعل جاءت اللحظة التي ينتظرها كل صحفي "حلم النقابة" والتي التحقت بها بعد 8 سنوات من عملي في بيتي الكبير "البوابة" بفضل الله وبفضل أرشيفي الذي سطرته على صفحاتها وبفضل دعم أساتذتي وزملائي في هذه المؤسسة، والتي دائما ما أرى إنها ملاذي ومساحتي الآمنة في عالم الصحافة مهما مررت بتجارب أخرى بجانبها - وهي كُثر بالمناسبة - ولكني تبقى "البوابة" هي الحصن الثابت الذي لن تتزحزح مكانته في قلبي، مهما تعددت تجاربي في بلاط صاحبة الجلالة، فمنها انطلقت وبها قد أحط الرحال. وفي ذكرى مرور 10 أعوام على صدور المطبوعة الورقية لجريدة "البوابة" ولو أن المساحة كانت تسمح، لقدمت الشكر والعرفان لكل شخص قابلته في هذا المكان "كلُ باسمه"، كل من دعمني بكلمة نقد قبل الإشادة، كل من أسدى إليَّ نصيحة، كل من وقف بجواري في مشكلة، وحتى كل من مرر لي خبر من وراء شاشة، بداية من زملائي وأساتذتي بقسم المحافظات الذين تعاملت معهم على مدار 11 عاما قضيتها في البوابة، منهم من بقى ومنهم من رحل، مرورا بزملائي في الأقسام الأخرى، وأولا وختاما بالإدارة المحترمة بقيادة الدكتور عبد الرحيم علي والتي لم أر منهم إلا كل دعم وتقدير.. لكم مني جميعا "كل الحب".. وكل 10 أعوام ونحن في كنف بوابتنا الغَّراء آمنين مطمئنين.