تحل اليوم الثلاثاء ذكرى وفاة الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، الذي ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الأدب والشعر العربي نجم، الذي لقب بـ"الفاجومي"، لم يكن مجرد شاعر بل كان ثائرا بالكلمة وصوتا للفقراء والبسطاء، ورمزا للنضال ضد الظلم والاستبداد فكانت حياة نجم كانت مليئة بالتجارب والمفارقات، من قاع الفقر إلى قمة الشهرة.
البدايات الصعبة في حياة الفاجومي
وُلد أحمد فؤاد نجم عام 1929 في قرية كفر أبو نجم بمحافظة الشرقية، ونشأ يتيم الأب في ظروف معيشية قاسية ليضطر للعمل منذ صغره حتى يعول نفسه، وعاش تنقلات بين الملاجئ والبيوت البسيطة لكن هذا الفقر لم يكن عائقا أمام طموحه، بل كان دافعا لصقل شخصيته المتمردة.
تعلم نجم القراءة والكتابة بجهود ذاتية أثناء عمله في معسكرات الجيش الإنجليزي فكانت تلك المعسكرات بداية لتكوين وعيه السياسي، حيث التقى هناك بعمال المطابع الشيوعيين، وشارك في المظاهرات الوطنية عام 1946 التي اجتاحت مصر للمطالبة بالاستقلال.
رحلة الأدب والمقاومة
رغم نشأته الصعبة، أثبت نجم أن الفقر ليس عائقا أمام الإبداع فكتب الشعر العاطفي في شبابه، متأثرا بحبه لابنة عمته التي لم يستطع الزواج منها بسبب الفروق الطبقية. هذا الحب المكسور صقل موهبته وأخرج منه شعراً عاطفياً عذباً.
لكن التحول الحقيقي في حياة نجم كان عندما تعرف على الشيخ إمام في حارة حوش آدم بحي بولاق الدكرور، هذه الصداقة التي نشأت بينهما لم تكن مجرد علاقة شخصية، بل كانت نقطة انطلاق ثنائية فنية ثورية، قرر نجم الانتقال للسكن مع الشيخ إمام في غرفة بسيطة، وتحولت حارة حوش آدم إلى ملتقى للمثقفين والفنانين.
ثنائية نجم وإمام: صوت الثورة
شكّل نجم مع الشيخ إمام ثنائياً فريداً في تاريخ الفن العربي فكانت كلماته الجريئة وألحان الشيخ إمام الثورية وقوداً للحركات الاحتجاجية، وأصبحت أغانيهما رمزاً للرفض والمقاومة فقدّم الثنائي أغنيات مثل "البحر بيضحك ليه" و"اتجمعوا العشاق"، التي عبرت عن نبض الشارع المصري وكفاحه ضد الظلم لكن مثل أي علاقة، شهدت شراكة نجم وإمام خلافات أدت إلى انفصالهما لاحقا لكن رغم ذلك، بقيت أعمالهما خالدة في وجدان الشعب المصري.
نجم والإذاعة المصرية
في أواخر حياته، أصبح نجم أحد شعراء الإذاعة المصرية، وهو ما يعد اعترافاً رسمياً بمكانته الأدبية. ورغم ارتباطه بالمؤسسات الرسمية، لم يتخلَّ عن جرأته في التعبير عن قضايا الشعب ومعاناتهم.
أيقونة النضال والكلمة الحرة
دخل نجم السجن مرات عديدة بسبب أشعاره التي كانت تصفع الظلم بكلماتها الحادة. لكنه لم يكن يخشى السجن، بل اعتبره مدرسة للحياة فقال مرة: "السجن علّمني الحياة وعلّمني الحرية"، وهي كلمات تعكس فلسفته العميقة في مقاومة القهر.
إرث خالد
رحل أحمد فؤاد نجم عن عالمنا في 3 ديسمبر 2013، لكنه ترك إرثا أدبيا وفنيا خالدا فكان نجم شاعراً للثورة والبسطاء، وصوتاً لمن لا صوت لهم وألهمت قصائده أجيالاً من المثقفين والفنانين، ولا تزال كلماته تشعل الأمل في قلوب محبيه.
أحمد فؤاد نجم لم يكن مجرد شاعربل كان أيقونة للكلمة الحرة والمقاومة فرغم فقره وقسوة الظروف التي عاشها، استطاع أن يكتب اسمه بأحرف من نور في تاريخ الأدب العربي، فكان كرمز للنضال.