ما زلت أتذكر هذا اليوم عندما هاتفني الأخ والصديق والأستاذ عبدالرحيم علي، عارضًا عليّ المشاركة في مشروعه القائم حاليًا، والحقيقة العرض لم يكن مختزلًا في مجرد العمل بمؤسسة صحفية ولكن كان عرضًا مغريًا بدت لي ملامحه واضحة منذ اللحظة الأولى، كان هذا العرض في صيف ٢٠١٢، عندما اختفت أصوات وتوارت أخرى ربما يأسًا من القادم!.
ولعل هذا سر ارتباطي بمؤسسة "البوابة نيوز" وكل ما تمخض عنها من مشاريع بحثية ومهنية، بعضها أدى دوره والبعض الآخر ما زال قائمًا بعطائه، وهنا أبدو منحازًا للكتابة عن المكان الذي قضيت فيه أكثر من عقد كامل من العمر، كما أبدو منحازًا للحديث عن صاحبه وهو صديق قبل أنّ يكون معلمًا، ويا حبذا لو اجتمعت الصفتان في رجل واحد.
ما يجمعني بـ عبد الرحيم علي، والمؤسسة التي تُطفئ شمعتها العاشرة حلم كان وما زال كبيرًا، وهموم مشتركة ما زالت الأعين تفهمها وإنّ لم نتحدث عنها في جلساتنا المشتركة، كما تجمعنا قيم مشتركة وحب للوطن، وهو ما دفعني للاستمرار في العمل بهذه المؤسسة ومع هذا الصديق الصدوق.
أتذكر أنّ يومًا ما استدعاني، عبدالرحيم علي، إلى مكتبه وطلب منى شيئًا متعلقًا بالبحث والكتابة ومرتبط بالكيف لا بالكم! وهنا كان يُريد الرجل أنّ استمر فيما أكتبه لأهميته من وجهة نظره، خاصة وأنني كنت أركز على تفكيك الأفكار المؤسسة للتنظيمات المتطرفة التي أطلّت على مجتمعاتنا بعد العام ٢٠١١.
بعدها وبالصدفة البحتة عرفت أنّ الرجل واجه سهامًا كثيرة من أجل أنّ أبقى في هذا المكان وأنّ أقوم بدوري، ربما يكون حبًا لصديق ولكنه حتمًا حب للفكرة التي اجتمعنا عليها، وهذا لم يكن جديدا عليه، فهو دائمًا يختار الرجال الذين يلتفون حوله، وبذكائه يوظف كل واحد فيهم بما يستطيع أنّ يقوم به من دور وبما لديه من ملكات.
تشاركت مع الصديق والأستاذ عبدالرحيم علي، عدة تجارب في المؤسسة الصحفية والبحثية، وكلها كانت ناجحة وأدت دورها، وما زال الحلم قائمًا بعد تكليفي بإدارة المركز العربي لدراسات الإسلام السياسي ومخرجاته من كراسات استراتيجية وكتب وأبحاث ودراسات بحثية وتقدير مواقف، بعضها بطبيعة الحال سوف يكون منشورًا حتى يستفيد منه الباحثون والمتطلعون للمعرفة والبعض الآخر سوف يكون متاحًا لمتخذي القرار يستعين به في فهم التحولات التي تمر بها التنظيمات المتطرفة خاصة بعد حروب وصراعات الشرق الأوسط.
وما زال المولود يحبو حتى يصير شابًا فتيًا، فتنضم هذه التجربة بجوار مثيلاتها من نجاح وتألق، مشروع لن ينتهى وحلم لن يرضى أصحابه إلا أنّ يُصبح واقعًا ملموسًا مهما كانت التحديات، ومهما وقف أمامه المثبطون.
ما زلنا نتشارك الحلم وكل منا يُقدر الآخر ويلتمس له الأعذار من أجل أنّ يتحول الحلم إلى واقع أو يتحول الواقع إلى حلم نُحقق من خلاله كل ما نُريد؛ كثيرًا ما نحلم ولكننا حتمًا نتشبث بالواقع مع كل أحلامنا، تعلمنا أنّ نصيّد أحلامنا ونتمسك بها مهما كانت العثرات، فنفاجأ مع الوقت أنّ الواقع بات أفضل من الأحلام التي راودتنا يومًا ما، لا لشيء إلا لأننا تمسكنا بها ولم نتخل عنها يومًا ما.
ما زلنا نحلم بعد ١٠ سنوات من عمر المؤسسة التي أعمل فيها وشاركت في أفكارها عندما كانت حلمًا صغيرًا؛ وما زال الواقع حولنا يتغير للأفضل بعد أن نجحنا في تنفيذ ما طمحنا إليه، لن نتخلى عن حلمنا وسوف نظل ندافع عنه مهما كانت التحديات، هذا أهم ما يمكن قوله في ذكرى أول عقد من عمر الإصدار المطبوع للمؤسسة.
سوف نعض على أحلامنا المشتركة ولن نتخلى يومًا عن تفاصيلها، سوف أظل أشارك عبد الرحيم علي، الحلم وأزاحمه فيه، فكما كنّا وما زلنا معًا في الواقع سوف نظل على عهدنا بالأحلام، فهي التي تصنع الحاضر وتعبر بنا إلى المستقبل.