كشفت دراسة طبية حديثة قام بها فريق من باحثي الطب النفسي والعصبي في معهد كيو آي إم آر بيرغهوفر للبحوث الطبية في أستراليا عن أداة تشخيصية جديدة لمرض "السوداوية".
وكانت قد سلطت الدراسة الضوء على أداة يمكن من خلالها تشخيص مرض عقلي حاد بشكل مبكر مما يساعد على توفير العلاج المناسب بسرعة وتجنب الحاجة إلى علاجات أكثر تعقيدا وفقا لما نشرته مجلة Molecular Psychiatry.
وأظهرت الدراسة استجابة الأشخاص الذين يعانون من السوداوية وهو شكل شديد من الاكتئاب فرقا واضحا عند مشاهدة أفلام عاطفية مقارنة بالأشخاص الذين يعانون من اكتئاب أقل حدة وقد ساهم هذا الاكتشاف في التشخيص المبكر للمرض بشكل أسرع، مما يتيح الحصول على العلاج المناسب وتجنب العلاجات الأكثر تدخلا التي قد تكون ضرورية إذا تأخر التشخيص.
وقال الدكتور فيليب موسلي أستاذ الطب النفسي والعصبي: منذ أن تم التعرف على الاكتئاب كحالة طبية وتم ملاحظة أن بعض المصابين بالاكتئاب يظهرون أعراضا جسدية واضحة فهم يتوقفون عن الأكل يفقدون القدرة على النوم كما تقل سرعة تفكيرهم بشكل ملحوظ وغالبا ما يكونون في حالة صحية سيئة للغاية ويصف المتخصصون السوداوية بأنها مرض عقلي يتميز باضطراب الوجدان وتغلب الغم والحزن والقلق لدى المريض ولا تستجيب السوداوية عادة للعلاج النفسي التقليدي.
وشملت الدراسة 30 مريضا يعانون من السوداوية 40 مريضا يعانون من أنواع أخرى من الاكتئاب وشاهد المشاركون في الدراسة مقطعي فيديو: الأول كان مقطعا من عرض كوميدي والثاني كان فيلما قصيرا عن سيرك متنقل بعنوان سيرك الفراشة والذي وصفه موسلي بـ"المؤثر جدا" وأثناء مشاهدة الفيديوهات تم تسجيل النشاط الدماغي وتعابير الوجه للمشاركين باستخدام جهاز تتبع وآلة تصوير بالرنين المغناطيسي.
وأظهرت النتائج فرقا كبيرا بين مجموعتي المرضى حيث ظل المرضى المصابون بالأنواع الأخرى من الاكتئاب يضحكون ويبتسمون أثناء مشاهدة مقاطع غيرفايز الكوميدية ، في حين كان المصابون بالسوداوية يظهرون عدم استجابة تامة ولا أي حركة في وجوههم ووصفهم موسلي بأنهم مثل التماثيل من دون أي تعبيرات عاطفية.
وأظهر جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي أن أدمغة المرضى المصابين بأنواع أخرى من الاكتئاب كانت تنشط و خصوصا في منطقة الدماغ المسؤولة عن الاستجابات العاطفية التلقائية والمعروفة بالمخيخ وبينما في أدمغة المرضى المصابين بالسوداوية وكانت تلك المناطق العاطفية من الدماغ تظهر نشاطا منخفضا ما يشير إلى عدم تفاعلها مع مناطق الدماغ الأخرى ذات الصلة بالمهام العاطفية.
وأشار موسلي إلى أن هذه النتائج قد توفر أداة تشخيصية مفيدة تتيح للأطباء تحديد السوداوية في وقت مبكر مما يساعد على توفير العلاج المناسب بسرعة وتجنب الحاجة إلى علاجات أكثر تعقيدا مثل العلاج بالصدمات الكهربائية أو التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة وأن التشخيص المبكر للسوداوية يسمح باستخدام الأدوية التي تعمل على تحسين توازن الكيمياء الدماغية بشكل فعال ما يساعد المرضى على تجنب العلاجات الأكثر تدخلا في وقت لاحق.