الأربعاء 06 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

الحكمة والمحبة والحوار.. منهج البابا تواضروس الثاني في التعامل مع الأزمات

الكنيسة تحتفل بعيد ميلاد البابا تواضروس والذكرى الـ«12» للقرعة الهيكلية

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

احتفلت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعيد ميلاد قداسة البابا تواضروس الثاني، الذى تولى سدة البطريركية منذ 12 عامًا، هذه المناسبة ليست مجرد احتفال شخصي، بل فرصة لتأمل المسيرة الروحية والقيادية التى عاشها قداسة البابا، والتحديات التى واجهها، والإنجازات التى حققها وفى وقت كانت الكنيسة تواجه فيه العديد من الأزمات والتحديات، وتمكن البابا من تعزيز الوحدة داخل الكنيسة وتوجيه الجهود نحو التجديد الروحى والاجتماعي. 

وشهدت فترة حكمه العديد من المبادرات الهادفة إلى نشر التعليم المسيحى وتعزيز الدياكونية « الخدمة الاجتماعية» واستطاع أن يواجه التحديات بحكمة وصبر، معززًا قيمة الحوار والتفاهم بين مختلف الأطياف.

الاحتفال فرصة لتأمل المسيرة الروحية والقيادية التى عاشها قداسة البابا والتحديات التى واجهها»
مع حلول عيد ميلاد قداسة البابا تواضروس الثانى والذكرى الـ١٢ للقرعة الهيكلية، شهد بلاط البطريركية المرقسية على مدار الشهر الماضى العديد من الأزمات الكنسية، وهو ما لم يعتد عليه الأقباط الأرثوذكس؛ فالأزمات والشائعات وغيرها موجودة منذ اعتلاء البابا تواضروس الثانى الكرسى المرقسي؛ لكن الجديد هو خروج الصراعات من خلف الستار وتصدرها السوشيال ميديا؛ ليكون ذلك اختباراً قوياً لبطريرك الكنيسة كيف سيستقبل ذلك وهل يستمر فى هدوئه المعتاد أم لا 

هذا ما تسلط عليه "البوابة نيوز" الضوء خلال السطور التالية. 

يعتاد البابا تواضروس الثانى فى شهر نوفمبر من كل عام -بالتزامن مع ذكرى تجليسه- أن يُقيم مؤتمراً سنوياً بعنوان سيمنار المجمع المقدس، حيث يجتمع أساقفة الكنيسة القبطية مع البابا تواضروس الثاني، بجانب مشاركة بعض الباحثين المختصين فى الفكر الكنسى فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، وتقول الكنيسة أن السيمنار ليس اجتماعًا رسميًّا للمجمع المقدس، بل مجرد مؤتمر دراسى حول أحد موضوعات الخدمة والرعاية، ولا يناقش فيه أى موضوعات إيمانية أو يصدر عنه أى قرارات أو توصيات لأن هذا اختصاص الجلسة القانونية للمجمع المقدس والتى تعقد سنويًّا برئاسة البابا البطريرك. 
ليتفاجأ الأقباط فى منتصف أكتوبر بتداول البعض على وسائل السوشيال ميديا بأن هناك عددا من المطارنة والأساقفة بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، يتحدثون إلى سكرتير المجمع المقدس الأنبا دانيال لرفضهم بعض المتحدثين فى سيمنار العاشر للمجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، واصفين هؤلاء بأنهم ذوو تعاليم خاطئة وانتماءاتهم العقائدية مناهضة للكنيسة الأرثوذكسية.

تتفاقم الأزمة أكثر بظهور أسقفين من المعترضين على السيمنار فى فيديوهات مسجلة تم بثها على السوشيال ميديا، وهم (الأنبا موسى أسقف عام الشباب، والأنبا أبانوب أسقف المقطم)، يشيدون خلالها بهذه الخطوة معتبرين أن هذه خطوة مهمة تؤكد على التمسك بالإيمان المستقيم، ومن ثم يتبعهم الأنبا بنيامين بفيديو يوضح فيه أن الأزمة أن المتحدثين فى السيمنار قد تم تقديمهم على أنهم مُعلمون، وأن لهم توجهات «لا طائفية». 


خلق ذلك جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعى حيث اعتبره البعض بمثابة اعتراض وتمرد علنى على توجهات البابا تواضروس الثاني، وأن ذلك بمثابة انقسام داخلى فى الكنيسة القبطية. 
ويزداد الجدل وتضارب الأقوال أكثر بنفى بعض الأساقفة علاقتهم بما أثير حول اعتراضهم على السيمنار، حيث تحدث الأنبا رافائيل عن ثلاث نقاط رئيسة وهى: 
١- نحن جميعاً نكن كل المحبة والاحترام لأبينا صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني. 
٢ - ليس لدينا أى معرفة عن مصدر هذه القائمة وما الهدف من وراء نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. 
٣- أى ملاحظات على أى من المتكلمين فى السيمنار نرسلها مباشرة لقداسة البابا أو عن طريق سكرتارية المجمع، ولا نستخدم مواقع التواصل الاجتماعى بهذه الطريقة، فلدينا قنوات شرعية فى مجمعنا المقدس لإبداء آرائنا، وقداسة البابا دائماً يهتم بسماع آراء وملاحظات الآباء الأساقفة، ونحن كلنا ثقة فى حكمة قداسة البابا فى تدبير الأمور. رسالة من الآباء المذكورة أسماؤهم فى المذكرة. 
فى ظل كل تلك الأحداث تحفظ البابا تواضروس الثانى على ما حدث ولم يعلق  منتظراً هدوء العاصفة؛ ليخرج بعد ذلك بأسبوع رافعاً شعار اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا (١كو ١٣: ٨)، ويعلن قرارين حول ذلك الأمر، الأول تأجيله للسيمنار العاشر لحين إشعار آخر، والثانى دعوة اللجنة الدائمة للمجمع المقدس للاجتماع لبحث ومراجعة الأمور التدبيرية والرعوية للكنيسة. 

أزمة أسقف المقطم


لم تمر أيام ليتداول عدد من رواد السوشيال ميديا المحسوبين على التيار المتشدد فى المجتمع القبطى الأرثوذكسى عدداً من الشائعات متهمين خلالها البابا تواضروس الثانى بأنه قرر الإطاحة بالأنبا أبانوب أسقف المقطم، وإعادته إلى الدير مفسرين ذلك أنه بسبب تمسك الأنبا أبانوب بالعقيدة الأرثوذكسية وأنه يواجه تياراً من اللاطائفية فى دير المقطم، وذلك عن طريق رسامة ٥ كهنة ينتمون لطائفة أخرى فى مصر، وأنه تبع ذلك إجبار البابا تواضروس الثانى للأنبا أبانوب على تقديم استقالته وإعادته إلى الدير دون إرادته.
ويعاودون مرة أخرى بشائعة أن السبب عودة الأنبا أبانوب للدير لأن هناك توجها بإقامة يوم صلاة عالمى على غرار يوم الصلاة الذى أقيم فى ٢٠١١م بمشاركة كل الطوائف، وهو الذى يرفضه الأصوليون بشكل قاطع، اتهامات عديدة وجهت للبابا تواضروس دون أى إفصاح رسمى ولا من الأسقف المشار إليه ولا من الكنيسة. ليقرر البابا أن يزيل اللغَطَ الذى أُثير حول أزمة الأنبا أبانوب أسقف المقطم، خلال عظته الأسبوعية الأربعاء الماضى بقوله على أن الأنبا أبانوب قدم استقالته برغبته الشخصية دون أى إجبار. 

وقال البابا : لدينا عدد من الأساقفة لهم وإيبارشيات محددة لها حدود جغرافيا، وهناك أساقفة يطلق عليهم الأسقف العام، وهذا مساعد للبابا، فالبابا إيبارشيته كبيرة الإسكندرية والقاهرة داخل مصر، وهناك أجزاء أخرى خارج مصر، فلدينا ٣ أساقفة فى الإسكندرية وما يزيد على ١٠ أساقفة بالقاهرة جميعهم مساعدون للبابا، والأسقف العام هنا عند رسامته ليس بحاجة لتزكية من الشعب يكفيه تزكية من البابا فقط. 

وتابع، خدمة الأسقف العام متغيرة يتنقل طيلة الوقت، بالنسبة للمقطم فهناك الأنبا أبانوب يخدم هناك منذ ١٠ سنوات، وخلال تلك السنوات ظهر بينه وبين بعض الآباء الكهنة خلافات، ومن جانبى جلست معه كثيراً وقدمت النصائح له، وقمت بعمل لجان للمساعدة فى العمل هناك، ولكن فى الحقيقة لم تكن هناك استجابة مئة فى المئة. 

وأكمل قداسته، مؤخراً ظهرت بعض التجاوزات وليس من اللائق أن أذكرها، وتبعاً لذلك حصل تحقيق معه وبناءً عليه قدم استقالته، وذلك بدون إجبار أو ضغط أو أى شيء، وقال الأنبا أبانوب أفضل أن أعيش فى المغارة وعيشة الرهبنة بالدير، وقدم استقالة مكتوبة بخط يده ذاكراً فيها أن ذلك لظروفه الصحية. 

وأضاف، هذه الاستقالة ما زالت تحت الدراسة ولابد أن أقابل الآباء الكهنة بالمقطم وأرى جوانب الموضوع، وبكل يقين نحن نعمل من أجل صالح الشعب ومن أجل الخدمة، وأعمالنا هى أمام الله وضميرنا.
 
وأوضح البابا أنه عندما تم رسامة الأنبا أبانوب لم يكن هناك أى تزكيات من الشعب فقد تم اختياره ليقوم بدوره وحصل بعض الضعفات وهذه كل الحكاية. 

وتابع، انتشر على مواقع السوشيال الميديا أكاذيب لا تنتهى حول ذلك الأمر، فقال مثلاً أنه تم إجباره على الاستقالة، أكذوبة أخرى تقول أصل هناك خمسة كهنة سيتم رسامتهم وميولهم غير أرثوذكسية، وأكذوبة أخرى أنه سيكون هناك يوم صلاة عالمى سيتم إطلاقه من المقطم، ولا يوجد أى أساس لذلك. 

وشدد فى ختام كلمته بقوله: انتبهوا للصفحات السوداوية فهدفهم أن تقسم الكنيسة، "خد بالك وأوعى تنقل إشاعتهم والفكر الفاسد اللى بيتقال"، الكنيسة صاحبها المسيح وما يحكمنا هو أمانة العمل، الكنيسة بخير والخدمة مستمرة والخدماء الأمناء كثر. 
حكمة ومحبة البابا 

من جانبه يقول الأنبا دانيال أسقف المعادى والبساتين ودار السلام وتوابعها، وسكرتير المجمع المقدس، أن مقاومة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بمثابة انقسام للكنيسة ولا يستفيد منه سوى الشيطان، مؤكداً ان البابا تواضروس لن يمانع أن ينظر لرأى المعتدلين فى الكنيسة خاصة الذين لا يبحثون عن منافع شخصية. 

وأضاف سكرتير المجمع المقدس، فى كل زمان بطريرك الكنيسة هو صمام أمان الكنيسة، ولذلك يلتف حوله كل أبناء الكنيسة، أما مقاومة البطريرك فهو بمثابة انقسام للكنيسة ولا يستفيد منه سوى العدو الأول للكنيسة وهو الشيطان، موضحاً أنه لابد أن يحدث بين أعضاء الكنيسة اختلاف فى الأفكار والآراء، فنحن بشر، وذلك ما حدث بين الآباء الرسل القديسين، الذين عندما اختلفوا جلسوا معاً للحوار فى محبة واتضاع، وكان البيان الذى صدر لأول مجمع كنسى رأسته وعنوانه "رأى الروح القدس ونحن"؛ فكانت روح الله تقود الاجتماع دون نزاعات أو مكاسب شخصية ولا محاربات شيطانية. وتابع، ولذلك كسكرتير للمجمع المقدس أدعو كل من له رأى فى الكنيسة أن يقدم ذلك بروح المحبة والخضوع لقداسة البابا تواضروس الثاني. 
واختتم، أنا متأكد أن قداسة البابا لن يمانع أن ينظر لرأى المعتدلين فى الكنيسة خاصة الذين لا يبحثون عن منافع شخصية، حفظ الله كنيسته فى سلام وهدوء وحفظ قداسة البابا تواضروس الثاني. 

بينما يقول الأنبا بافلى الأسقف العام بالمنتزه فى الإسكندرية خلال عظته الأخيرة بالإسكندرية: الجميع يعلم حجم المسئولية الضخمة التى ألقيت على عاتق قداسة البابا تواضروس الثاني، ليحملها ويرعاها بعصى المحبة، والله الذى يعرف الأعماق يفحص دواخل قداسته النقية التى تريد الخير للكنيسة، وتجعلها درة ثمينة فى أعين أولادها وفى أعين القاسى والداني، موضحاً أن البابوية يا أخوة ليست مشتهى لمن يعرف ثقلها، التى تتشبه بسيدها الذى قيل عنه كشاة تُساق إلى الذبح، ومن يقبلها لابد أن يذبح ليس مرة لكن مرات كثيرة كقول الكتاب لـ «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ»." (رو ٨: ٣٦)، وذبح البابا معنوياً كثيراً دون شفقة من أحد.

وأكمل، تولى البابا تواضروس الثانى مهمة البطريركية فى زمان صعب تعلمونه جميعاً – يشير إلى فترة حكم الأخوان المسلمين- كان الحكم فيه لأناس لا يعرفون التعددية ولا قبول الآخر حتى إن شهدوا هم على أنفسهم هكذا لكن الحقيقة تبقى أن الكنيسة كانت مرفوضة فى ضمائرهم، فماذا يفعل بابا الأقباط إلا أن يتضرع لينقذ شعبه، وتتوالى الأحداث ونرى تضحية قداسة البابا بنفسه ارتضى أن يقف بجوار الوطن الذى خطف وكان على وشك النهاية المرة حيث كانت ستصير بلادنا كالبلاد المجاورة؛ فقد اختار أن يقف مثل نحميا وقال أرجل مثلى يهرب، وجاءت النتيجة بأن تحررت بلادنا من استعمار فكرى ونفسي، وكان لابد للأقباط أن يدفعوا الثمن، لتظهر حكمة البابا تواضروس الثانى فى حقن الدماء وتعلية المصلحة الوطنية وأضاف مستنكراً، هذا فقط القليل من يريد أن يلوم قداسة البابا فالياتى هو كيف يتصرف فى هذه الأمور، ومرات عديدة نشبه من يجلس فى مقاعد كرة القدم، ونحكم على اللاعبين والمدربين بالتقصير ونحن لسنا سوى متفرجين، ولا نريد حتى أن نشارك ولا بالصلاة، وجميعنا نتذكر عندما تولى البابا كيرلس السادس الكرسى المرقسى كيف كان المعاندون ينعتون البابا بأبشع الصفات، التى تخلو من الأدب المسيحى ولكنه صمت والله دافع عنه، وهكذا الآباء يقاومون فى حياتهم ولا يفهمهم الناس كُتب عليك ذلك، والله حارس لهم. يبقى أمر أقولهم لجموع المسيحيين ماذا تفعل لأبيك عندما يكون مُثقلا، ألا تحمل معه وأن تكون مشاركا مشاعره أم أنك تسعى لأمر يخصك وحدك وتتباهى لكى تظهر أنك على سمعة أبيك وينتشر اسمك والعالم يشهد أنك أهنت أبيك، ومن يقدرك بعد ذلك ويحترمك ومن يسمع لك، هناك آيات فى كتب المقدس فى حاجة إلا أن نرددها "مِنْ أَمَامِ الأَشْيَبِ تَقُومُ وَتَحْتَرِمُ وَجْهَ الشَّيْخِ، وَتَخْشَى إِلهَكَ. أَنَا الرَّبُّ." (لا ١٩: ٣٢)، والله هنا من يدافع عنه، وأخيراً أقول للبابا تواضروس الثانى الجميع يحبك، ومن موقعى أقول أن الآباء والشعب السكندرى يحبك.

 

البابا تواضروس الثاني


 

في صفحات البوابة