في خطوة تصعيدية جديدة، وضمن سلسلة من العمليات التى تستهدف القيادات البارزة فى حزب الله اللبناني نفذت إسرائيل غارة جوية جديدة استهدفت باسل مصطفى شكر، أحد أبرز القادة العسكريين في "حزب الله"، مساء السبت ٢٠ أكتوبر في جنوب لبنان.
من هو باسل شكر؟
باسل مصطفى شكر ينحدر من قرية "جبشيت" في قضاء "النبطية" بجنوب لبنان، وهي منطقة تُعرف بأنها أحد معاقل "حزب الله"، باسل كان عضوًا بارزًا في هيئة ركن "قوة الرضوان"، القوة التي تم تسميتها تيمنًا بالقيادي الراحل عماد مغنية، المعروف بلقب "الحاج رضوان"، والذي يُعد أحد الشخصيات المركزية في تشكيل القوة العسكرية لـ"حزب الله".
شكر كان تلميذًا لهذا القائد العسكري الراحل، مما جعله جزءًا من نخبة القيادة العسكرية للحزب، الأمر الذي عزز مكانته وأدواره في التخطيط والتنفيذ العملياتي داخل وخارج لبنان.
الأدوار الإقليمية لـ "باسل شكر"
لعب باسل شكر دورًا محوريًا في العديد من الصراعات التي شارك فيها "حزب الله" على مدار السنوات الماضية، حيث كانت بداية شهرته العسكرية حين شارك في عملية اختطاف الجنود الإسرائيليين عام ٢٠٠٦، وهى العملية التي أشعلت فتيل حرب لبنان الثانية، هذه العملية شكلت محطة هامة فى مسيرته وأظهرت قدرته على قيادة وتنفيذ عمليات عسكرية معقدة، ما دفع الحزب إلى إسناد المزيد من المهام إليه.
لم تقتصر مهام شكر على الداخل اللبناني؛ فقد امتد نفوذه إلى الساحات الإقليمية الأخرى، فكان في طليعة مبعوثي "قوة الرضوان" إلى العراق لمحاربة القوات الأمريكية أثناء احتلال العراق. ومن ثم شارك فى المعارك ضد تنظيم "داعش"، دوره في العراق أظهر تماسك العقيدة القتالية لـ"حزب الله" خارج الحدود اللبنانية، إذ أسهم في تعزيز علاقات الحزب مع القوى الشيعية المحلية وتشكيل جبهة موحدة ضد أعداء مشتركين. إلى جانب العراق، لعب شكر دورًا هامًا فى اليمن، حيث تشير تقارير متعددة إلى أنه كان أول من تم تهريبه من جانب "حزب الله" إلى اليمن فى عام ٢٠١٥، لتدريب وقيادة عناصر ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، من خلال إشرافه المباشر على تدريب الحوثيين.
ساهم شكر في تطوير قدرات هذه الجماعة العسكرية، خصوصًا فى مجال استخدام الصواريخ ومنظومات الطيران المتسكع، وهي الأسلحة التى استخدمها الحوثيون فى معاركهم ضد التحالف العربي بقيادة السعودية، وبفضل جهوده تمكن الحوثيون من تحسين أداء قواتهم، ما زاد من تعقيد الصراع في اليمن.
باسل شكر ودوره ف الصراع اليمني
وجود باسل شكر في اليمن كان له تأثير كبير على مسار الحرب هناك. في ٢٠١٥، أُرسل شكر إلى اليمن، وهو يعتبر أحد القيادات العسكرية الرئيسية التي ساهمت في تطوير القدرات التكتيكية والاستراتيجية للحوثيين، وبحكم خبرته العسكرية الكبيرة فى لبنان وسوريا، تمكن شكر من تدريب الحوثيين على تكتيكات متقدمة فى القتال، كما ساعد في تحسين نظم الدفاع والهجوم الخاصة بهم، عمله كمستشار في "المجلس الجهادي" للحوثيين جعله شخصية مؤثرة فى بناء وتطوير البنية العسكرية للميليشيا.
شكر لعب أيضًا دورًا رئيسيًا في توجيه العمليات الميدانية للحوثيين، خاصةً فى المعارك الكبرى مثل معركة مأرب، وجوده فى الساحة اليمنية حتى عام ٢٠٢٢، وفقًا لبعض المصادر، يعكس حجم التأثير الذى أحدثه على ديناميات الصراع هناك. وشكلت قدرات الحوثيين الصاروخية والطيران المسير التى أسهم شكر فى تطويرها، تهديدًا مباشرًا لدول الجوار، مما جعل هذا التعاون العسكرى بين "حزب الله" والحوثيين أحد أبرز التحديات الإقليمية التى تواجه التحالف العربي.
عملية الاغتيال وتداعياتها
اغتيال باسل شكر يأتى فى إطار سلسلة من العمليات الإسرائيلية التى استهدفت قادة بارزين فى "حزب الله" على مدار السنوات الأخيرة، هذه الاغتيالات تعتبر جزءًا من استراتيجية إسرائيلية تسعى إلى إضعاف القدرات العسكرية لـ"حزب الله" والحد من نفوذه الإقليمي، وخاصة فى سوريا ولبنان.
وترى إسرائيل أن استهداف الشخصيات العسكرية البارزة فى الحزب مثل باسل شكر، سيحد من قدرات الحزب على تنفيذ عمليات هجومية أو دفاعية ضدها. لكن هذا التصعيد الإسرائيلي قد يقود إلى ردود فعل عنيفة من قبل "حزب الله"، خاصةً أن شكر كان يلعب دورًا محوريًا فى القيادة العسكرية، فالحزب معروف بردود أفعاله الانتقامية، سواء داخل لبنان أو خارجه.
فاغتيال شخصية بوزن شكر قد يشعل مواجهات جديدة مع إسرائيل، وربما يفتح الباب أمام عمليات انتقامية قد تستهدف مواقع إسرائيلية أو مصالحها الإقليمية.
ماذا بعد اغتيال باسل شكر؟
مع اغتيال باسل شكر، يخسر "حزب الله" أحد أبرز قادته العسكريين الذين شاركوا فى عدة ساحات إقليمية، هذه الخسارة قد تؤثر على هيكل القيادة فى الحزب، خاصةً أن شكر كان جزءًا من النخبة العسكرية التي تتحكم في تخطيط وتنفيذ العمليات الكبرى.
ومع ذلك من غير المرجح أن تؤدى هذه الخسارة إلى شلل فى قدرات الحزب العسكرية، حيث أن "حزب الله" يمتلك قيادة مرنة وهياكل تعويضية تمكنه من تجاوز مثل هذه الضربات.
يبقى السؤال الأكبر الآن هو كيفية استجابة "حزب الله" لهذا الاغتيال. هل سيقوم بالرد عسكريًا، مما قد يؤدى إلى تصعيد جديد مع إسرائيل؟ أم أنه سيتبنى سياسة الصبر الاستراتيجي ويتجنب الدخول فى مواجهة شاملة؟ على المستوى الإقليمي، فإن اغتيال شكر قد يؤدى إلى تداعيات على الساحة اليمنية، حيث كان له دور محوري في دعم الحوثيين.
وختامًا؛ يمثل اغتيال باسل شكر تصعيدًا خطيرًا فى الصراع بين إسرائيل و"حزب الله"، ويأتي في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة، فتأثير هذا الاغتيال لن يكون محصورًا فى الساحة اللبنانية فقط، بل قد يمتد إلى ساحات أخرى مثل اليمن والعراق.
حيث كانت لأدوار شكر تأثيرات عميقة، وسيحدد الرد المتوقع من "حزب الله" إلى حد كبير مسار الأحداث فى الفترة المقبلة، سواء على مستوى التصعيد العسكري أو على مستوى التوازنات الإقليمية.