في خطوة تعكس جديّة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في التصدي للممارسات المزعجة، تم توقيع غرامة بقيمة 20 مليون جنيه على إحدى شركات التطوير العقاري بسبب استخدام المكالمات الترويجية بشكل غير قانوني.
وهو ما يعكس استجابة الجهاز لشكاوى المستخدمين المستمرة، الذين شعروا بأن خصوصيتهم تتعرض لانتهاكاتٍ متكررة وأن حياتهم اليومية تُعكّر بسبب المكالمات الترويجية العشوائية.
لذا فإن القرار يُلقي الضوء على أهمية احترام الشركات لمبادئ التسويق المسؤول، ويشير إلى تحول هام في كيفية حماية حقوق المستخدمين. كما تأتي الغرامة بمثابة خطوة رادعة، ليس فقط للشركات المخالفة، بل لقطاع التسويق بأكمله، لتذكيره بأهمية احترام خصوصية المستخدمين، ففي ظل التنافس الشديد، قد تلجأ بعض الشركات لأساليب التسويق المكثف، لكن هذا لا يعني بأي حال التساهل في ضمان احترام حقوق العملاء، فمن خلال تنظيم دقيق للمكالمات الترويجية، يسعى الجهاز لإرساء مبدأ الشفافية وإلزام الشركات باتباع سلوكيات تسويقية مسئولة.
من ناحية أخري تعد هذه الخطوة بمثابة جرس انذار لتنبيه الشركات بضرورة تغيير استراتيجياتها التسويقية، إذ إن التحول إلى أساليب ترويج مبتكرة ومسؤولة بات أمرًا لا مفرّ منه في عصرنا الحالي. كما أن الممارسات التسويقية غير الملائمة تعطي صورة سلبية للشركات، مما يؤدي إلى فقدان ثقة العملاء بها ويضعف من ولائهم.
فبدلًا من الاعتماد على المكالمات العشوائية التي قد تثير انزعاج الجمهور، على الشركات أن تنتهج أساليب تواصل أكثر فاعلية وشفافية، مثل التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو استخدام تطبيقات الإشعارات الآمنة، التي تسمح للعميل بالتحكم في مستوى التواصل. إجراء آخر يحسب للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وهو تخصيص الأموال المحصلة من الغرامات لتحسين جودة خدمات الاتصالات عبر صندوق الخدمة الشاملة، حيث يمثل هذا الصندوق إحدى الركائز الأساسية لضمان وصول خدمات الاتصالات إلى جميع مناطق الجمهورية، بما في ذلك المناطق النائية التي تعاني من نقص في البنية التحتية.
لنجد أن توجيه هذه الأموال إلى تحسين البنية التحتية يساهم في تحقيق شمولية الخدمة ويجعل قطاع الاتصالات أكثر تكاملًا وشمولًا، مما يعزز أيضًا من فعالية الخدمات المقدمة ويُسهِم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
من هنا، يُصبح على المستخدمين دور مهم في هذا الإطار، حيث إن كثيرًا منهم قد يجهلون قدرتهم على التحكم في المكالمات الترويجية عبر ميزة "NTRA Alert" التي تتيح معرفة طبيعة المكالمة، وتساعدهم على اتخاذ القرار بالرد أو تجاهل المكالمات الترويجية.
إن وعي المستهلك بحقوقه ودوره في الإبلاغ عن المخالفات يمنح الجهاز قوة إضافية لمراقبة أداء الشركات ومعاقبة المخالف منها.
في الختام.. يمثل هذا القرار رادعًا للشركات، ويبعث برسالة واضحة مفادها أن خصوصية المستهلكين ليست قابلة للتفاوض. وبغض النظر عن الأهداف الترويجية، يجب على الشركات احترام حقوق عملائها وضمان تقديم خدماتهم بطرق تحترم الراحة والخصوصية.