الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

«بريكس» والنظام العالمي ‏

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قمة مجموعة «بريكس»، التي اختتمت أعمالها منذ أيام في مدينة قازان عاصمة تترستان في ‏روسيا، حظيت بمتابعة حثيثة في ظل تزايد الدعوات إلى إعادة تشكيل النظام العالمي القائم. ‏كما أنها تأتي بينما تقترب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية وتتصاعد التوترات الجيوسياسية‎.‎‏ ‏ولهذا اكتسبت المجموعة مزيدًا من الاهتمام وتسليط الضوء على أعمالها. ‏

بينما تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون الهيمنة على صنع القرار داخل المجتمع ‏الدولي، ووسط تململ واعتراض مكتوم من سياسة ذلك النظام الذي يكيل بمكيالين ويحاول ‏الاستمرار فى نهب ثروات وموارد الدول النامية عن طريق تغذية إشعال النزاعات ‏والانقسامات الداخلية والحروب الإقليمية، برزت «بريكس» كبديل يسعى إلى تعزيز التنوع ‏والمساواة في صنع القرار العالمي، واستطاعت لفت الأنظار إليها كمستقبل لنظام دولي جديد ‏متعدد الأقطاب وأكثر تنوعًا وعدلًا، خاصة مع فتحها الأبواب أمام مزيد من الأعضاء وضمها ‏أخيرًا بلدانًا ذات ثقل جيوسياسي كبير. 

دعا تكتّل «بريكس» إلى إصلاحات من قبيل توسعة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي ‏تهيمن عليه بوضوح القوى الغربية، وإنشاء بدائل لصندوق النقد الدولي الخاضع للقرار ‏الغربي والمتّهم بعدم منح مساحة أكبر لدول الجنوب‎.‎‏ كما يسعى التكتل إلى تشكيل جبهة ‏يمكن أن تشكل ثقلًا موازنًا للغرب، الذي تمثله تقليديًا مجموعة السبع والمؤسسات التي ولدت ‏من رحم اتفاقية «بريتون وودز»‏‎.‎

وقد أحرز التكتل تقدمًا في هذا الإطار، من خلال إنشاء مؤسستين، الأولى هي «بنك التنمية ‏الجديد ‏(NDB)»، بقيادة رئيسة البرازيل السابقة ديلما روسيف، كأول بنك للاقتصادات ‏الناشئة وشركائها يُغني عن الحاجة إلى البنك الدولي. ومنذ عام 2016، وافق البنك على ‏تمويل 96 مشروعًا بما يقرب من 32.8 مليار دولار، بحسب ما نشر من بيانات على موقعه ‏الإلكتروني، أما المؤسسة الأخرى فهي صندوق احتياطي الطوارىء ‎ (CRA)‎ كبديل لصندوق ‏النقد الدولي، والذي يسعى إلى مساعدة دول «بريكس+» التي تعاني من مشاكل متعلقة ‏بالسيولة الدولارية، بتعهدات مبدئية قدرها 100 مليار دولار‎.‎

ومن أجل مواصلة تطوير التعاون، اقترحت موسكو إنشاء منصة استثمارية مستقلة، وإطلاق ‏بورصة للحبوب ومنصة مخصّصة لسوق المعادن الثمينة والماس.‏

وفيما لا يزال الدولار الأمريكي العملة الرئيسة للمعاملات الدولية، ما يضبط اقتصادات العالم ‏على إيقاع السياسة النقدية التي ينتهجها البنك المركزي الأمريكي، دعت موسكو إلى إنهاء ‏هيمنة الدولار وعدم استخدامه كـ«سلاح للابتزاز»، وشجعت على استخدام العملات الوطنية ‏في التجارة العالمية، فضلًا عن استخدام أنظمة دفع ومراسلة بديلة، حيث يعمل تكتل ‏‏«بريكس» على إنشاء نظام للمراسلات المالية على غرار نظام «سويفت (SWIFT)  «‎محصن ضد العقوبات الغربية، وكذلك على استخدام «العملات الرقمية الوطنية‎«‎‏.‏

أما بخصوص انضمام مصر إلى مجموعة بريكس منذ بداية يناير 2024، فهي تمثل حجر ‏الزاوية والشريان الجيوسياسي واللوجستي القوي الذي سيربط بين المجموعة وقارات العالم ‏حيث إنها تمثل المرتكز الأهم لطريق الحرير الصيني «الحزام والطريق«وهو بمثابة ‏الحصان الذي تمتطيه دول المجموعة بقيادة الصين وروسيا، ومتفرع منه نقاط قارعة طرق ‏ستتواجد عليه أقطاب متعددة ومتنوعة يمثلون النظام العالمي الجديد، ولذا يعتبر قرار انضمام ‏مصر للمجموعة هو القرار الأهم في تاريخ النظام العالمي الحالي، ويتجلى ذلك في الحزام الناري المشتعل حول مصر في السنوات الأخير ‏ومحاولة تطويقها برًا وبحرًا لمحاولة إسقاطها أو جرها لتكون عويل اشتعال لكل المنطقة.‏

‏ فسقوط مصر لا قدر الله يعني سقوط أهداف مجموعة بريكس في إقامة نظام عالمي متعدد ‏الأقطاب،  مع سقوط حلم دول الجنوب في التحرر من الهيمنة الغربية، واستمرار هيمنة ‏النظام القائم علي القرار العالمي، لكن تماسك واستقرار مصر يعني السير بنجاح في تحقيق ‏الأهداف وليس أمام النظام العالمي القائم بقيادة أمريكا ودول الغرب إلا المساومة وإعادة ‏التموضع وربما التقوقع داخل أقطاب جغرافية ليكونوا جزءًا من النظام العالمي متعدد الأقطاب ‏القادم، وهنا يأتي عبقرية القرار المصري الفعال في إدارة ملفات الخارج عن طريق صناعة ‏درب ومسار يخلق التوازن في العلاقات بين الشرق والغرب بما يخدم مصالح مصر ويجعلها ‏ذات مكانة مؤثرة في النظام العالمي القادم.‏