تمثل مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي، في قمة “بريكس”، في أول مشاركة له بعد انضمام مصر رسميا للتكتل، مع بداية العام الجاري، بعد الموافقة على انضمام مصر للتكتل خلال اجتماع المجموعة العام الماضي في جنوب أفريقيا، أهمية كبرى للاقتصاد المصري، وفرصة لعقد اتفاقيات تبادل السلع بالعملات الوطنية، وتقليل الاعتماد على الدولار، والحصول علي التمويلات التي يقدمها بنك التنمية الجديد للدول الأعضاء، ومن بينها “مصر”.
زيارة الرئيس السيسي لروسيا لحضور قمة بريكس، سبقتها مشاركة المصرفي حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي، في قمة محافظي البنوك المركزية لمجموعة بريكس، والتي ناقشت النظم المالية المقترح التعامل بها، بين دول البريكس، ومنها: تخفيف الاعتماد على الدولار الأمريكي، وكسر الهيمنة الأوروبية علي الاقتصاد العالمي؛ حيث يمثل تجمع دول بريكس قوى اقتصادية جنوبية تفوق علي دول السبع الكبيرة في قوتها الاقتصادية.
كما أن المشاركة القوية لمصر في قمة بريكس في قازان الروسية بعثت رسالة مهمة لصندوق النقد الدولي بأن البديل لقروضه جاهز، وأن مصر عندها حلول كثيرة جدا بعيدا عن الصندوق وشروطه ومراجعاته المجحفة والتي رفضها صراحة الرئيس السيسي في توجيهاته للحكومة منذ أيام بمراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي الحالي مع صندوق النقد الدولي.
وقال السيسي في تصريحاته، إن مصر تنفذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الحالي الذي حصلت بموجبه على قرض قيمته 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي «في ظل ظروف إقليمية ودولية شديدة الصعوبة لها تأثيرات سلبية»؛ مشدداً على أن اقتصادنا خسر خلال الشهور العشرة الأخيرة «6 أو 7 مليارات دولار»، هي حجم الانخفاض في عائدات قناة السويس.
وأضاف السيسي، أن هذا الوضع «قد يستمر لمدة عام كامل»، متابعاً: "إذا كان هذا التحدي سيجعلني أضغط على الرأي العام بشكل لا يتحمله الناس فلا بد من مراجعة الموقف مع صندوق النقد الدولي".
وبحسب الصندوق، فإنّ أهمّ الإصلاحات الاقتصادية في مصر تشمل التحوّل إلى نظام سعر صرف مرن، وتشديد السياسة النقدية والسياسة المالية العامة، وإبطاء الإنفاق على البنية التحتية للحد من التضخم، والمحافظة على استدامة القدرة على تحمل الديون، مع تعزيز بيئة تمكن القطاع الخاص من ممارسة نشاطه.
وأكد صندوق النقد الدولي أن هذه السياسات ستساهم في المحافظة على الاستقرار الاقتصادي الكلي واستعادة الثقة، كما ستمكّن مصر من مواجهة التحديات التي طرحتها الصدمات الخارجية في الآونة الأخيرة.
السمدوني: انضمام مصر لـ"البريكس" يسهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية من دول التجمع يستحوذ على 25% من صادرات العالم ويمثل 30% من حجم الاقتصاد العالمي وينتج 35% من الحبوب
في البداية؛ أكد الدكتور عمرو السمدوني، سكرتير عام شعبة النقل الدولي واللوجستيات بغرفة القاهرة التجارية، أن مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي في القمة السادسة عشرة لتجمع بريكس المنعقدة في مدينة قازان الروسية تحت شعار «تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين».
وبمشاركة 24 زعيما، بعد انضمام مصر عضوا رسميا في التجمع، سوف يعود على مصر بالعديد من المكاسب الاقتصادية التي تصب في صالح الاقتصاد الوطني، حيث تركز مصر من خلال مشاركتها علي الإصلاح الاقتصادي والتنمية الشاملة وتعزيز دور القطاع الخاص وتحسين مناخ الاستثمار في مصر، إضافة لطرح أهم الفرص الاستثمارية والاقتصادية الواعدة في مصر خاصة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
مما يسهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية من دول التجمع الذي يصل حجم الناتج الإجمالي المحلي لأعضائه لنحو 30 تريليون دولار، ويستحوذ على 25% من صادرات العالم، ويمثل نحو 30% من حجم الاقتصاد العالمي، وينتج نحو 35% من الحبوب في العالم، لكونه يضم أكبر الاقتصادات عالميا.
وأشار إلى ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طرح اقتراحين على طاولة قادة مجموعة "بريكس" لتأسيس بورصة حبوب، خاصة أن من الدول الأعضاء في التجمع تعد من بين كبار منتجي الحبوب والبقوليات والبذور الزيتية في العالم، لذلك اقترح إنشاء بورصة حبوب لدول "بريكس"، والتي ستساهم في تشكيل مؤشرات أسعار عادلة للحبوب. كذلك إطلاق منصة استثمارية جديدة للمجموعة، لدعم اقتصادات المجموعة ودول الجنوب والشرق العالميين.
وأضاف "السمدوني" في تصريحات لـ"البوابة"، أن التجارة العالمية والاقتصاد العالمي تأثرا كثيرا بالتوترات السياسية التي يشهدها العالم، وما نتج عنها من تغيرات اقتصادية كبيرة، مع تحول مراكز النشاط نحو الأسواق الناشئة، وبالنظر إلي اقتصادات دول "بريكس" نجد أنها الأكثر استقرارا بفضل السياسات المتوازنة التي تنتهجها هذه الدول.
وأوضح أن حصة دول "بريكس" في الاقتصاد العالمي من حيث تعادل القوة الشرائية تتجاوز بقوة حصة دول مجموعة السبع الكبار (G7) كما أن النمو الاقتصادي لدول "بريكس" في 2024-2025 سيصل إلي 3.8% مقابل 3.2% في دول العالم المتقدمة، كما أن حصتها في الاقتصاد العالمي بنهاية 2024 ستمثل 36.7% أي ما يفوق حصة دول السبع والتي تصل حصتها إلي نحو 30%.
ورحب الدكتور عمرو السمدوني باتفاق المشاركين من الدول الأعضاء في قمة بريكس في روسيا، بإجراء التسويات المالية والجارية بالعملات الوطنية، وبنك “بريكس”، بعدما أصدرت قمة "بريكس" تعليمات لوزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية في دول المجموعة بمواصلة بحث مسألة زيادة استخدام العملات الوطنية في التجارة البينية وأدوات الدفع والمنصات الإلكترونية المستقلة عن "سويفت".
كما دعا قادة دول المجموعة إلى تعزيز شبكات بنوك المراسلة بين دول المجموعة، ورحبوا باستخدام العملات الوطنية في التعاملات المالية بين دول المجموعة وشركائها التجاريين.
وأكد أن هذا القرار من شأنه إعادة موازين القوي المالية العالمية وكسر هيمنة الدولار وهو ما يعود علي مصر بالنفع الكبير، من زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر ودول التجمع بالعملات المحلية ما يخفف من الضغط على العملة الصعبة، كما أنه يفتح أسواقا جديدة للمنتج المصري بأسواق هذه الدول بعد زيادة أعدادها.
وقال "السمدوني": بدأت دول تحالف "بريكس " ومنها مصر في مشاريع طموحة للبنية التحتية مما سيؤدي للتنمية الذكية والمستدامة، فعلى سبيل المثال، تهدف مبادرة الحزام والطريق الصينية إلى إنشاء شبكات بنية تحتية واسعة النطاق تربط آسيا وأوروبا وأفريقيا.
كذلك، خططت الهند لتطوير 100 مدينة ذكية مرتبطة بقطارات سريعة، بينما تسعى روسيا إلى بناء الشرق الأقصى الروسي كجسر اقتصادي جديد بين أوروبا وآسيا من خلال المناطق الاقتصادية الخاصة المتقدمة، وكان لمصر نصيب من هذه المناطق المتخصصة مثل المنطقة الروسية والصينية في اقتصادية قناة السويس.
العرجاوي: مشاركة مصر في البريكس يمنحها حق الاقتراض والاستفادة من خدمات «بنك التنمية الجديد» التمويلية .. وهو البديل المثالي لمصر عن صندوق النقد الدولي
من جانبه؛ أكد محمد العرجاوي رئيس لجنة الجمارك بالشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن "تجمع البريكس" هو ثاني أكبر تكتل اقتصادي عالمي بعد مجموعة الدول الصناعية السبع، ويضم في عضويته (البرازيل روسيا والصين والهند ومصر والإمارات العربية المتحدة وإيران وإثيوبيا).
وتم تأسيس المجموعة في يونيو 2009، وأسس التكتل “بنك التنمية الجديد” كذراع مصرفية تابعة للمجموعة عام 2015، ومهمته تقديم قروض وتمويلات ميسرة للدول الأعضاء، وبفائدة أقل بكثير من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومدة سداد أطول، وهو البديل المثالي بالنسبة لمصر عن صندوق النقد الدولي الذي يفرض شروط قاسية على منح القروض.
وأوضح "العرجاوي" في تصريحات لـ“البوابة”، أن مجموعة البريكس تهدف إلى إيجاد أقطاب اقتصادية بخلاف تلك التي تقودها واشنطن، وتعتمد في أهميتها على أن دولها العشر الحالية تشكل 31,5% من حجم الاقتصاد العالمي و18٪، من حجم التجارة، و26 ٪، من مساحة العالم و43٪، من سكان العالم، وتنتج أكثر من ثلث حبوب العالم.
كما أنها أقرت خلال قمة قازان في روسيا، التعامل التجاري لعملات بديلة عن الدولار سواء عن طريق بالتعامل بالعملات المحلية أو بإيجاد عملة جديدة مقومة بالذهب يتم التعامل بها في التبادل التجاري بين الدول الأعضاء.
وقد رأينا الرئيس الروسي يعاين بالفعل نموذجا لورقة نقدية رمزية تحاكي عملة الربيكس المنتظر إصدارها، لتكون عملة موحدة لكسر هيمنة الدولار، وبالتالي يسعي التحالف لإعادة تشكيل النظام العالمي من خلال تحويل القوة من "الشمال العالمي" إلى "الجنوب العالمي".
وذلك بعدما أطلقت الدول الأعضاء بنك التنمية الجديد (NDB) برأس مال أولي قدره 50 مليار دولار عام 2014، يعمل كبديل للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، حيث يوفر التمويل لمشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة.
وقد انضمت مصر لعضوية البنك، كما أنشأت دول بريكس ترتيب احتياطي الطوارئ (CRA)، وهي آلية سيولة مصممة لدعم الدول الأعضاء التي تواجه صعوبات في الدفع، ويعد منافسا لصندوق النقد الدولي.
سمير رؤوف: اتجاه بريكس لإنشاء نظام مالي عالمي وطرح عملة جديدة ينمي التجارة البينية بين مصر ودول التجمع ويقلل اعتماد مصر على الدولار الأمريكي ويحسن قيمة الجنيه
فيما أكد الدكتور سمير رؤوف، الخبير الاقتصادي والمحلل المالي، أن مشاركة الرئيس السيسي في قمة بريكس السادسة عشرة، وهي القمة الأولي بعد انضمام مصر رسميا إلي عضويتها، يعزز الشراكات الاقتصادية بين مصر ودول التجمع، ويعظم الاستفادة من المزايا التفضيلية التي تتيحها اتفاقيات التعاون والتبادل التجارى لجذب الاستثمارات للاقتصاد المصرى.
وأوضح أن اتجاه بريكس لإنشاء نظام مالي عالمي وطرح عملة جديدة خاصة مع زيادة عدد دول التجمع يعمل على تنمية التجارة البينية بين مصر ودول التجمع ويقلل من اعتماد مصر على العملة الصعبة ما يحسن من قيمة الجنيه، خاصة أن “الصين” من أكبر اقتصادات العالم وهي أكبر مصدر للمواد الخام عالميا.
وهو ما يسهم في زيادة حجم وارداتها لمصر بالعملة المحلية، ويعمل علي دعم وتنمية الصناعة الوطنية وتعظيمها ونجاح الدولة في تعميق التصنيع المحلي، وبالتالي تقليل فاتورة الواردات، حتى نصل للاعتماد بنسبة كبيرة على المنتج المحلي فيما بعد.
وأضاف "رؤوف" في تصريحات لـ"البوابة"، أن مصر ستجني الكثير من المكاسب الاقتصادية من الانضمام لبريكس، علي رأسها التعامل مع دول أعضاء التحالف بالعملة المحلية او بعمله اخري مقومه بالذهب مما سيقلل الضغط علي الدولار وسيساعد علي تقليل الفجوة التمويلية التي تعاني منها مصر حاليا، وزياده التبادل التجاري بين مصر والدول أعضاء البريكس.
كما سيحسن الناتج المحلي الإجمالي المصري، ويجذب الاستثمارات الأجنبية من الدول الأعضاء، مما سيؤدي إلي زياده معدلات التشغيل وتخفيض معدلات البطالة وزيادة المعروض من السلع والمنتجات في السوق المصرية، ويعمل علي زيادة الصادرات المصرية وفتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية مما سيحسن حجم الصادرات المصرية.
وقال الخبير الاقتصادي سمير رؤوف، إن من المكاسب التي تحققها مصر من انضمامها رسميا للتجمع زيادة حجم الوفود السياحية من دول تجمع "بريكس" خلال الأعوام المقبلة، خاصة أن مصر تتمتع بمناخ سياحي متميز، ووجود أهم آثار العالم من الآثار الفرعونية والإسلامية والرومانية والشواطئ والمدن الساحلية المتميزة والسياحة العلاجية، بما يفتح أسواقا سياحية جديدة مما سيعظم عوائد السياحة المصرية وتنشيط القطاع السياحي بشكل عام.
بالإضافة إلى أن عضوية مصر في بنك التنمية الجديد التابع لتجمع بريكس يعزز قدرتها على دعم التنمية المستدامة وتعزيز السيولة وتنويع مصادر تمويلها بشروط وإجراءات ميسرة لمواجهة الأزمات الاقتصادية.