الخميس 26 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

أزمة الديون تحاصر رئيس أمريكا المقبل.. أعباء الفائدة في الولايات المتحدة تتجاوز أعلى مستوى منذ 28 عامًا

البيت الأبيض
البيت الأبيض
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أصبحت أزمة الديون الأمريكية تشكل تحديًا كبيرًا أمام الرئيس المنتظر انتخابه، أيًا من كان، فى انتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة فى ٥ نوفمبر، إذ ارتفعت أعباء تكاليف الفائدة على الديون الأمريكية إلى أعلى مستوياتها منذ تسعينيات القرن العشرين فى السنة المالية المنتهية، ما أدى إلى تصعيد خطير أن تحد المخاوف المالية من خيارات السياسة للإدارة المقبلة فى واشنطن.

كما أنفقت وزارة الخزانة الأمريكية ٨٨٢ مليار دولار على مدفوعات الفائدة الصافية فى السنة المالية حتى سبتمبر بمعدل ٢.٤ مليار دولار تقريبًا يوميًا، وفقًا للبيانات التى أصدرتها الوزارة، مؤخرا وكانت التكلفة تعادل ٣.٠٦٪ كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي، وهى أعلى نسبة منذ عام ١٩٩٦.

وهذا العجز المرتفع تاريخيًا فى الميزانية، والذى تسبب بارتفاع إجمالى الديون المستحقة على الولايات المتحدة فى السنوات الأخيرة، هو السبب الرئيسى وراء الزيادة.

ويعكس هذا العجز ارتفاعًا مطردًا فى الإنفاق على الضمان الاجتماعى والرعاية الطبية، فضلًا عن الإنفاق الاستثنائى الذى أطلقته الولايات المتحدة لمواجهة جائحة فيروس كورونا، والقيود المفروضة على الإيرادات من التخفيضات الضريبية الشاملة لعام ٢٠١٧، وهناك دافع كبير آخر: الارتفاع الناجم عن التضخم فى أسعار الفائدة.

وقالت ويندى إيدلبيرج، مديرة مشروع هاملتون التابع لمؤسسة بروكينجز فى تصريحات صحفية: "كلما ارتفعت تكاليف الفائدة، زادت أهمية هذه القضايا سياسيًا".

وأضافت أن هذا يزيد من فرصة إدراك الساسة أن "تمويل أولويات الإنفاق لدينا من خلال الاقتراض، له تكلفة".

وبينما لم يجعل الرئيس السابق دونالد ترامب ولا نائبة الرئيس كامالا هاريس خفض العجز عنصرًا أساسيًا فى حملتهما، فإن قضية الديون تلوح فى الأفق على الإدارة المقبلة.

ومع توجه الكونجرس نحو الانقسام، فقد لا يتطلب الأمر سوى حفنة، أو ربما مشرع وحيد، لعرقلة خطط الضرائب والإنفاق.

كما تجاوزت فاتورة الفائدة الصافية لأول مرة إنفاق وزارة الدفاع على البرامج العسكرية، وفقًا لبيانات وزارة الخزانة ومكتب الإدارة والميزانية، كما بلغت حوالى ١٨٪ من الإيرادات الفيدرالية أى ما يقرب من ضعف النسبة قبل عامين.

فى حين يقدم تحول بنك الاحتياطى الفيدرالى إلى خفض الأسعار بعض الراحة لوزارة الخزانة، وكان متوسط الفائدة المرجح على الديون الأمريكية المستحقة ٣.٣٢٪ فى نهاية سبتمبر، وهو ما يمثل أول انخفاض شهرى منذ ما يقرب من ٣ سنوات.

ومع ذلك، أصبح حجم تكاليف الفائدة الآن كبيرًا لدرجة أنها تضيف فى حد ذاتها إلى إجمالى عبء الدين الذى يتحمله عامة الناس، والذى يبلغ ٢٧.٧ تريليون دولار، وهو ما يقترب من ١٠٠٪ من الناتج المحلى الإجمالي.

وكانت خدمة الدين من بين أسرع عناصر الميزانية نموًا فى العام الماضي، كما أن الإنفاق على الفائدة يخاطر أيضًا بالتأثير على النمو الاقتصادى من خلال إزاحة الاستثمار الخاص.

ويقدر مكتب الميزانية فى الكونجرس أن كل دولار إضافى من الإنفاق الممول بالعجز يقلل الاستثمار الخاص بنحو ٣٣ سنتًا.

وقللت وزيرة الخزانة جانيت يلين من المخاوف، قائلة إن المقياس الرئيسى الذى يجب تتبعه فى تقييم الاستدامة المالية الأمريكية هو مدفوعات الفائدة المعدلة حسب التضخم مقارنة بالناتج المحلى الإجمالي.

كما قفزت هذه النسبة فى العام الماضي، لكن البيت الأبيض يرى أنها ستستقر عند حوالى ١.٣٪ على مدى العقد المقبل. وقالت يلين إن من المهم البقاء دون مستوى ٢٪، وهو المستوى الذى يراه البعض عتبة رئيسية للاستدامة.

ومع ذلك، تفترض توقعات البيت الأبيض إقرار تدابير زيادة الإيرادات التى اقترحتها إدارة بايدن المنتهية ولايته. كما دعت هاريس إلى زيادة الضرائب على الأغنياء الأمريكيين والشركات.

ويقول ترامب إن مفتاح معالجة التوقعات المالية هو المزيد من التخفيضات الضريبية، والتى يزعم أنها ستعزز النمو الاقتصادي.

ويرى معظم خبراء الاقتصاد أن الديون ستستمر فى الارتفاع فى ظل أى من المرشحين وتقدر لجنة الميزانية الفيدرالية أن خطة هاريس الاقتصادية من شأنها أن تزيد الدين بمقدار ٣.٥ تريليون دولار على مدى عقد من الزمان، فى حين أن خطة ترامب ترفعها بمقدار ٧.٥ تريليون دولار.

وإلى جانب نتائج الانتخابات، فإن حجم تخفيضات أسعار الفائدة، التى ينفذها بنك الاحتياطى الفيدرالي، يؤثر على التوقعات المالية.

وفى حين انعكست زيادات أسعار الفائدة بسرعة فى فاتورة الفائدة التى أقرتها وزارة الخزانة بعد أن بدأها صناع السياسات فى مارس ٢٠٢٢، قد تستغرق تخفيضات أسعار الفائدة وقتًا أطول لخفض تكاليف الاقتراض الحكومية.

ويرجع هذا جزئيًا إلى أن شريحة من الديون الأمريكية المستحقة فى السنوات المقبلة تحمل أسعار فائدة منخفضة بشكل خاص، وهو ما سبق دورة تشديد بنك الاحتياطى الفيدرالي.

كما يتم استبدال العديد من الأوراق المالية بسندات الخزانة التى ستكون تكاليف خدمتها أعلى. وقد يثبت أن هذا هو الحال لسنوات قادمة، خاصة إذا أوقف بنك الاحتياطى الفيدرالى تخفيضات الأسعار عند مستوى أعلى من مستوى ما قبل كوفيد.

فى حين بلغ متوسط سعر الفائدة القياسى قصير الأجل لبنك الاحتياطى الفيدرالى أقل من ٠.٧٥٪ على مدى العقد حتى عام ٢٠١٩؛ وتوقع صناع السياسات فى سبتمبر أن يستقر المعدل عند حوالى ٢.٩٪ فى الوقت المناسب.

وفى الوقت نفسه، تستمر التكاليف المرتبطة بالضمان الاجتماعى والرعاية الطبية فى الارتفاع مع تقدم سكان الولايات المتحدة فى السن، ما يساهم فى عجز الميزانية الضخم لعقود قادمة ما لم يتم إجراء الإصلاحات.

وفى ستينيات القرن العشرين، شكل الإنفاق التقديرى نحو ٧٠٪ من إجمالى الإنفاق الفيدرالي، لكن الآن لا تتجاوز النسبة ٣٠٪، وفقًا لتحليل تورستن سلوك، كبير خبراء الاقتصاد فى شركة "أبولو جلوبال مانجمنت".
فى الوقت الحالي، لا يُظهر المستثمرون أى علامة على القلق بشأن التحديات المالية الأمريكية، مع استمرار دورة تخفيف بنك الاحتياطى الفيدرالى والمخاوف بشأن ضعف سوق العمل فى دعم الطلب على سندات الخزانة، لكن إذا حدث ذلك، فقد يكون ذلك حاسمًا بالنسبة لواشنطن، كما قال الاستراتيجى العالمى فى معهد ويلز فارجو للاستثمار جارى شلوسبرج.

وقال شلوسبرج فى تصريحات صحفية: "لقد تغير المشهد"، وأضاف: "مع انخفاض أسعار الفائدة. كان بإمكانك زيادة الديون، ولم ينعكس ذلك كثيرًا على نفقات الفائدة. من الواضح أن هذا ليس موجودًا الآن".