على مدار يومين ظلت الأضواء تتجه نحو مدينة "قازان" الروسية والتي تستضيف قمة "بريكس"، التي انطلقت الأربعاء، بحضور 24 زعيمًا من مختلف دول العالم، لمناقشة مجموعة من التحديات التي يواجهها العالم وعلى رأسها التحديات الاقتصادية وإصدار عملة موحدة للعلاقات الاقتصادية البينية بين دول التكتل، وكانت مصر حاضرة بقوة في القمة حيث شارك الرئيس السيسي بصحفة وفد رفيع المستوى في العديد من الجلسات التي تضمنتها القمة.
وأكد "السيسي" تأكيد اعتزاز مصر بمشاركتها الأولى كعضو في تجمع بريكس منذ انضمامها له مطلع العام الجاري، والحرص الذي توليه لتعزيز انخراطها بشكل فاعل فى جميع آليات عمل التجمع، في إطار تطوير العلاقات الاستراتيجية التى تربط مصر بأعضاء البريكس.
وسلط "السيسي" الضوء على ضرورة اتخاذ خطوات حقيقية وفاعلة، لإصلاح الهيكل المالي العالمي، بما فى ذلك مؤسسات التمويل الدولية، وبنوك التنمية متعددة الأطراف، لتعزيز استجابتها للاحتياجات الفعلية للدول النامية، وأهمية تعزيز التعاون بين دول تجمع البريكس، فى مواجهة التداعيات السلبية لتغير المناخ، فضلًا عن وجوب استثمار المميزات النسبية التى تتمتع بها دول التجمع لتنفيذ مشروعات مشتركة فى قطاعات الاقتصاد الرئيسية، خاصة قطاعات الطاقة والبنية التحتية، والصناعات التحويلية، والعلوم والتكنولوجيا والابتكار، ودفع أطر التعاون المشترك فيما يتعلق بالتسوية المالية بالعملات المحلية، إضافة إلى دعوته لتكثيف وتعميق التواصل والتعاون الثقافي بين شعوب دول التجمع.
ماذا تنتظر مصر من "بريكس"؟
وفي أغسطس 2023، أعلن قادة بريكس، الخميس، عن انضمام 6 دول جديدة إلى التكتل الاقتصادي، من بينهم 3 دول عربية هم مصر والسعودية والإمارات، في خطوة تستهدف تقوية التحالف وتعزيز دوره العالمي.
العديد من التحليلات الاقتصادية صدرت بعد انضمام مصر للبريكس كان أبرزها التحليل الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، والذي سلط الضوء فيه على قمة "بريكس" والفوائد المحتملة لمصر من عضوية المجموعة.
وذكر المركز أن انضمام مصر لـ"بريكس"، يعد تأكيدا على متانة العلاقات الاقتصادية والسياسية الجيدة بين مصر ودول التكتل، وعلى مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشيرا إلى أن التقارب مع مجموعة "بريكس" يساعد في "الترويج للإصلاحات التي شهدتها البيئة المصرية الاقتصادية والاستثمارية في السنوات الأخيرة، بالصورة التي ترفع من فرص مصر لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية".
ولفت المركز إلى أن "استهداف التكتل تقليل التعاملات البينية بالدولار الأميركي سيخفف من الضغط على النقد الأجنبي في مصر الذي يمثل الدولار الحصة الكبرى منه، وهو ما يصب في صالح تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية المحلية"، مضيفا: "أن وجود مصر كدولة عضو ببنك التنمية التابع لتكتل البريكس سيمنح فرصا للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية، بالإضافة إلى أن وجودها داخل التكتل يعني استفادتها من ثمار نجاح مستهدفاته التي تقترب من التحقق، فيما يخص خلق نظام عالمي يمنح مزيدا من الثقل للدول النامية والناشئة".
خبراء يوضحون الفوائد
وفي هذا الشأن، قال الشالشأن، أوضح الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، إن هناك أهمية قصوى من انضمام مصر لتكتل البريكس، ومن أبرزها العمل على تحقيق المزيد من النمو الاقتصادي خلال الفترة المقبلة.
وأشار "بدرة" في تصريحات تليفزيونية إلى أن "انضمام مصر إلى مجموعة "بريكس" مع 6 دول أخرى، يستهدف أيضًا تحسين القدرات الاقتصادية للدولة، إذ أن اختيار مصر للانضمام إلى مجموعة البريكس جاء من بين أكثر من 40 دولة تقدموا للانضمام إلى المجموعة، مشيرًا إلى وجود الكثير من العلاقات الاستراتيجية والسياسية التي تربط بين دول مجموعة البريكس وبين الـ6 دول التي جرى اختيارها، وتحديدًا مصر.
وتابع: "مصر لها ثقل كبير بعدما نجحت في تحسين القدرات الاقتصادية سواء على المستوى الداخلي مما يتناسب مع دول "بريكس"، حيث أن انضمام مصر للتكتل سيفتح الطريق لزيادة المشروعات الكبرى داخل مصر، في ظل وجود علاقات وطيدة بين مصر والصين والهند وروسيا، وسيكون لذلك مردود كبير خلال السنوات المقبلة وترسيخ لعلاقات كبرى وتبادل بالعملات التجارية مما يخفف آلام الدولار على الموازنة الخاصة بمصر، أضف إلى ذلك اتفاقية للحبوب بين مصر وروسيا أو الصين والهند وسيكون لذلك مردود على المدى القريب والبعيد".
وعلى صعيد متصل، قال طارق البرديسى، الباحث فى العلاقات الدولية، إن انضمام مصر للبريكس، يعود بالخير على جميع الأطراف سواء مجموعة بريكس أو الدولة المصرية، وبخاصة على الجانب الاقتصادي.
وأضاف "البرديسي" أن مصر لها مكانة كبيرة من الناحية الجيوبوليتيكية والاقتصادية، الأمر الذي يعزز دورها في التكتل الاقتصادي الصاعد، وذلك بفضل الطفرة التى حققتها الدولة المصرية عبر العشر سنوات الماضية وانتقالها لمصر صاحبة الرؤى والساحات والمساحات المقتحمة للصحارى داخليا وبناء العمران والنهضة فى جميع المجالات والبقاع.
ولفت خبير العلاقات الدولية إلى أن تجمع بريكس سيستفيد استفادة قصوى من انضمام مصر له، لأن مصر موجودة فى البقعة الجغرافية العبقرية وأصبحت بوابة لمن يريد أن يدخل أفريقيا، وتتمتع بالدوائر العربية والإسلامية والأفريقية، ومن أراد أن يبنى شراكات مع هذه الدوائر فإن مصر تمسك بنواصى العالم كله وهو ما تستفيد منه مجموعة بريكس.