يأتي عيد السويس القومي هذا الشهر (24 أكتوبر) بعد أكثر من 50 عامًا – العيد الذهبي للمقاومة الشعبية ضد العدو الصهيوني، تعبيرًا عن إرادة المقاومة الشعبية المصرية لأنبل وأشرف المعارك الوطنية، حيث تم تدمير الدبابات الأمريكية الصنع (الإسرائيلية) وقتل جنود وضباط العدو وتدمير آلياته العسكرية في شوارع السويس بفضل شباب السويس الأبطال الذين تصدوا وهزموا محاولة احتلال السويس، والالتفاف الصهيوني الخبيث على انتصارات الجيش المصري في 6 أكتوبر 1973م، تأتي هذه المعركة بعد 166 عامًا حيث كانت مقاومة أبناء رشيد للاحتلال الانجليزي 1807م.
وهنا يسجل شباب السويس وشعبه المقاوم أشرف وأنبل معارك المقاومة الشعبية في تاريخ مصر الحديث.
يأتي عيد السويس القومي ومازالت الحرب على أراضي غزة وفلسطين ولبنان، وما يحدث من قتل للمدنين والأبرياء وتدمير للأهداف المدنية وهي نفس الأساليب التي قام بها العدو الصهيوني الذي دمر 86% من مباني السويس ودمر مصانع البترول والشركات الصناعية والبنية الأساسية من طرق وصرف صحي وشبكات المياه والكهرباء مع ردم جزء من ترعة السويس المصر الرئيسي لمياه الشرب والري، كما استخدم الجيش الإسرائيلي سلاح المنشورات ضد الجيش الثالث الميداني البطل مدعيًا بالكذب تدميره، ومطالبأ المواطنين أن يسلموا أنفسهم تمامًا كما يحدث الآن من الصهاينة في غزة.
ان عدونا المشترك هو الكيان الإسرائيلي والأمريكي الذي يسانده بالسلاح والمال والمواقف السياسية الداعمة له؛ ومن هنا لابد أن نتمسك بمعركة الوعي وإحياء الذكرى الوطنية من أجل تعزيز الانتماء الوطني لأهميته في المقاومة.
وهنا نطرح الأسئلة التالية بعد أكثر من 50 عامًا على معركة السويس:
- لماذا تم تجاهل قرار الرئيس السادات رقم 1540 لسنة1974م باعتبار 24 أكتوبر عيد مدينة السويس والمقاومة الشعبية ثم تم إلغاؤه من قائمة الأعياد المصرية الرسمية؟
- لماذا لم يفعل قرار الرئيس السادات بإنشاء ومنح وسام نجمة السويس (من ثلاث طبقات: ذهبية، فضية، وبرونزية) لأبناء السويس الذين قدموا تضحيات من القيادات الميدانية والعاملين وأبناء السويس الذين قدموا للوطن الغالي والنفيس، وهذا الوسام مشفوعًا بشهادات تقدير وإعفاءات إنسانية؛ وهو ما تم نشره في ذلك الوقت ولم يفعل حتى الأن، ولم يتم إهداؤه لأي مواطن في السويس؟
- لماذا تم ترميم عمارة المثلث التي دمرها العدو على ناصيتي طريق العوايد (تقاطع شارع ناصر وناصية المثلث) والتي وضع أمامها لافتة كبيرة تحمل عبارة "حتى لا ننسى" إحياء للانتماء والذاكرة الوطنية؛ وقد أزيلت اللافتة ليصبح الواقع "ننسى" وتأثيره الخطير على وعي الأجيال القادمة؟!
- لماذا تم تجاهل المخطط العمراني لإعمار السويس الذي قام به بيت الخبرة الإنجليزي بقيمة 5 مليون جنيه إسترليني والمفترض فيه أن تترك مباني وعمارات سكنية وبعض أجزاء المصانع التي تم تدميرها إحياءًا للذاكرة الوطنية وفهم الأجيال القادمة خسائر الحرب وفظاعة الإجرام الصهيوني؟
- لماذا تم طمث جدارية أشعار المقاومة الشعبية للكابتن غزالي وفرقة أولاد الأرض من على سور ورشة قطارات السكة الحديد بطول 1200 متر والتي صممها د. علي السويسي ونفذها الخطاط محمود خطاب بالألوان، والتي كانت تحي الذاكرة الوطنية؟
- لماذا تم تحويل حديقة الشهداء الرمزية في حي الأربعين، مرة بتأجيرها كافيتريا للمشوبات والالعاب (المراجيح) والمرة الثانية بتحويلها إلى جراج وموقف للسيارات الميكروباص، مع نزع اللوحة القرآنية الجميلة {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (169آل عمران) التي كانت تتوسط الحديقة التي أقامها المتبرع م. علي سليمان ابن السويس؟
- لماذا تم تحويل حديقة الخالدين الرمزية لشهداء السويس أمام مبنى الديوان العام للمحافظة باستغلال نصفها لبناء موقف للسيارات الخاصة والتعدي على الحديقة الرمزية وإزالة الاشجار المورقة (800 شجرة) التى كانت تظلل حديقة الخالدين وتم بيع هذه الأشجار، وبناء نقطة للحماية المدنية، ودارًا للأفتاء ومشروع مباني إدارية لهيئة الرعاية الصحية؟
- لماذا تم حتى الأن إغلاق طريق بورتوفيق والمتنفس الرئيسي لأبناء السويس على مر تاريخها (حتى كتابة السطور)، رغم أن معركة تدمير وهزيمة موقع بورتوفيق الحصينة الذي شهد معركة تاج نصر اكتوبر فوق النقطة الحصينة الإسرائيلية في بورتوفيق التي شهد الصليب الأحمر الدولي والصحافة العالمية هزيمة الجنود الصهاينة وإنزال العلم الإسرائيلي من موقع بورتوفيق، ليظل هذا الطريق (طريق النصر) مغلقًا أمام أبناء السويس صناع نصر المقاومة الشعبية؟
- ولعل السؤال الأهم لماذا تم تجاهل إنشاء متحف السويس للتاريخ الوطني للمحافظة، الذي قال فيه الرئيس جمال عبدالناصر "ما من بلد ارتبط اسمه في التاريخ بالكفاح الوطني كما ارتبط السويس"، والتي قال فيها الرئيس السادات "إن السويس في 24 أكتوبر لم تكن تدافع عن نفسها ولكن عن مصر وشرف الأمة العربية"، وقال عنها الرئيس مبارك "ان السويس مثل ستالينجراد.. كانت شامخة في الحرب العالمية الثانية"، وتغنى الكثير من الشعراء والفنانين في بطولة السويس؟
أننا في العيد القومي للسويس نطالب بضرورة تنشيط وإحياء الذاكرة الوطنية للأجيال القادمة خصوصًا ونحن أمام عدو يخطط علنًا ويضع على خرائطه المستقبلية بلادنا العزيزة مصر باعتبارها الجائزة الكبرى له من الفرات إلى النيل.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.. ونحن على ثقة أن تكون هناك الاستجابة الوطنية فوق كل الاعتبارات.