وسط تفاقم الصراعات الدولية والابادة الصهيونية الجماعية للشعب الفلسطينى، نستعيد التاريخ فى ذكرى دخول ميثاق الامم المتحدة حيز التنفيذ 24 اكتوبر 1945؛ إذ نشأت الأمم المتحدة في أعقاب الدمار الهائل الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، وهي حرب عالمية شاملة أودت بحياة عشرات الملايين وشردت الملايين، كانت هذه الحرب هي الأكثر دموية وتدميرًا في التاريخ؛ ما أظهر بوضوح الحاجة إلى نظام دولي جديد يهدف إلى منع تكرار مثل هذه الكارثة.
وأبرز الأسباب التي أدت إلى إنشاء الأمم المتحدة:
من جانبه، قال أليساندرو فراكاسيتي لـ "البوابة نيوز" الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي: أبرز الأسباب التي أدت إلى إنشاء الأمم المتحدة:الرغبة في تحقيق السلام الدائم بعد الخسائر الفادحة التي تكبدها العالم نتيجة للحرب العالمية الثانية، فأصبح هناك إجماع عالمي على ضرورة إنشاء منظمة دولية تعمل على حفظ السلم والأمن الدوليين ومنع نشوب الحروب، والحاجة إلى تعاون دوليحيث وقتها أدركت الدول أن التحديات العالمية مثل الفقر والمرض والجريمة المنظمة تتطلب تعاونًا دوليًا لحلها، والإيمان بحقوق الإنسان حيث كانت هناك رغبة قوية في حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع الأفراد، بغض النظر عن عرقهم أو دينهم أو جنسيتهم، والسبب الابرز كان فشل عصبة الأمم فى منع اندلاع الحرب العالمية الثانية، مما أظهر فشل نظامها وعدم كفاءته".
الظروف التي ساهمت في إنشاء الأمم المتحدة:
وأردف: "وساهم فى إنشاء المنظمة حدثان مهمان الإعلان الأطلسي وهو بيان مشترك أصدره الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في عام 1941، والذي حدد الأهداف المشتركة للحلفاء في الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك إنشاء منظمة دولية جديدة للحفاظ على السلام والأمن، ومؤتمر سان فرانسيسكو الذى عقد في عام 1945، حيث اجتمع ممثلو 50 دولة لصياغة ميثاق الأمم المتحدة وتأسيس المنظمة، باختصار، كانت الحرب العالمية الثانية هي القوة الدافعة الرئيسية لإنشاء الأمم المتحدة. وقد تم إنشاء هذه المنظمة الدولية بهدف بناء عالم أكثر سلامًا واستقرارًا، حيث تحترم حقوق الإنسان وتسود العدالة والمساواة بين جميع الدول والشعوب.
تاريخ دخول ميثاق الأمم المتحدة حيز التنفيذ والظروف المحيطة".
وأضاف: “دخل ميثاق الأمم المتحدة حيز التنفيذ رسميًا في يوم 24 أكتوبر 1945، هذا التاريخ يمثل نقطة تحول هامة في التاريخ المعاصر، حيث شهد ولادة منظمة دولية جديدة تحمل على عاتقها مسؤولية حفظ السلم والأمن الدوليين وتعزيز التعاون الدولي وحقوق الإنسان”.
الظروف المحيطة بدخول الميثاق حيز التنفيذ:
ويكمل: وأحاطت ظروف عالمية مؤثرة بهذا الحدث وهو دخول ميثاق الامم المتحدة حيز التنفيز وهذه الظروف بالترتيب حسب اهيتها هى : نهاية الحرب العالمية الثانية حيث كان العالم لا يزال يتأرجح على وقع الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية وكانت الرغبة في بناء عالم أكثر سلامًا واستقرارًا هي الدافع الرئيسي وراء إنشاء الأمم المتحدة، ومؤتمر سان فرانسيسكو وهوالمؤتمر الذى شهد فى عام 1945 صياغة ميثاق الأمم المتحدة وتوقيعه من قبل ممثلي 50 دولة ، والرغبة في بناء نظام دولي جديد بعد ان فشلت عصبة الأمم في تحقيق أهدافها، مما دفع الدول إلى البحث عن نظام دولي جديد قائم على التعاون والمشاركة، الأمل في مستقبل أفضل حيث كان هناك أمل كبير في أن تتمكن الأمم المتحدة من منع تكرار الكوارث التي شهدها العالم في الحرب العالمية الثانية".
أهمية هذا التاريخ:
وأوضح: "ويمثل 24 أكتوبر 1945 بداية عهد جديد في العلاقات الدولية، حيث تم وضع الأسس لمنظمة دولية تسعى إلى تحقيق السلام والعدالة والتنمية في العالم، ورمز للأمل فأصبح هذا التاريخ رمزا للأمل في مستقبل أفضل، حيث يمكن للدول أن تعمل معًا لحل المشكلات العالمية، وأساس للقانون الدولي حيث يعتبر ميثاق الأمم المتحدة أحد أهم الوثائق القانونية الدولية، وهو يشكل الأساس للقانون الدولي المعاصر، باختصار، كان دخول ميثاق الأمم المتحدة حيز التنفيذ حدثًا تاريخيًا بالغ الأهمية، حيث وضع الأسس لمنظمة دولية تلعب دورًا حاسمًا في الشؤون العالمية حتى يومنا هذا، وحفظ السلام وتلك الاتية أمثلة على عمليات حفظ السلام الناجحة".
أمثلة على عمليات حفظ السلام الناجحة للأمم المتحدة:
وأكد: "لقد نفذت الأمم المتحدة العديد من عمليات حفظ السلام حول العالم، حققت بعضها نجاحًا كبيرًا في تحقيق الاستقرار وإنهاء النزاعات. إليك بعض الأمثلة البارزة:
ناميبيا، تمكنت الأمم المتحدة من الإشراف على عملية انتقال سلمية إلى الاستقلال في ناميبيا، والتي كانت تحت الاحتلال الجنوب أفريقي، والعوامل التي ساهمت في النجاح: الدعم الدولي القوي، والتعاون بين الأطراف المتنازعة، والتنفيذ الفعال لخطة الأمم المتحدة.
موزامبيق، نجحت الأمم المتحدة في مساعدة موزامبيق على تحقيق السلام وإجراء انتخابات ديمقراطية والعوامل التي ساهمت في النجاح اتفاق السلام الشامل، ونشر قوات حفظ السلام، وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية.
كمبوديا، لعبت الأمم المتحدة دورًا حاسمًا في إعادة الاستقرار إلى كمبوديا بعد فترة من الصراعات والعنف، من خلال تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، والعوامل التي ساهمت في النجاح: التعاون بين الدول المجاورة، وتقديم الدعم الدولي، والتنفيذ الشامل لاتفاقات السلام.
السلفادور، نجحت الأمم المتحدة في المساعدة على إنهاء الحرب الأهلية في إل سلفادور، وتسهيل عملية المصالحة الوطنية، والعوامل التي ساهمت في النجاح: اتفاقات السلام التفصيلية، ونشر قوات حفظ السلام، وتقديم الدعم التقني للمؤسسات الديمقراطية.
العوامل المشتركة في عمليات حفظ السلام الناجحة:
وفى ذات السياق، قال جان لوك تونجليه رئيس مكتب الأمم المتحدة الإقليمي لتنسيق الشؤون الإنسانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالقاهرة لـ"البوابة نيوز": يلعب الدعم السياسي والمالي للدول الأعضاء دورًا حاسمًا في نجاح عمليات حفظ السلام، والتعاون بين الأطراف المتنازعة الذى يجب أن تكون وراءه إرادة سياسية من قبل الأطراف المتنازعة للوصول إلى حل سلمي، ووجود اتفاق سلام شامل واضح يحدد أهداف العملية وخطوات تنفيذها، ونشر قوات حفظ السلام التى تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على الأمن واستقرار الوضع، وتقديم الدعم التقني والمالي اللازم لبناء المؤسسات الحكومية وتقوية المجتمع المدني ولا تعد جميع عمليات حفظ السلام ناجحة والتى تواجه العديد من التحديات، وقد تفشل في تحقيق أهدافها في بعض الحالات، وتختلف الظروف في كل نزاع حيث تتطلب كل عملية حفظ سلام نهجًا مختلفًا، بناءً على الظروف المحلية والخصائص الفريدة للنزاع".
لماذا تنجح بعض عمليات حفظ السلام و تفشل أخرى؟
وأوضح: تعتمد نجاح عمليات حفظ السلام على العديد من العوامل، بما في ذلك طبيعة النزاع سواء نزاعات عرقية أو دينية والتى تكون أكثر صعوبة في حلها من النزاعات السياسية، والإرادة السياسية للأطراف المتنازعة إذا لم تكن تلك الأطراف المتنازعة ملتزمة بالسلام، فمن الصعب تحقيق نجاح، والدعم الدولي الذى يلعب دورًا حاسمًا في توفير الموارد اللازمة لعمليات حفظ السلام، والظروف الأمنية إذا كانت الظروف متدهورة، فمن الصعب على قوات حفظ السلام تنفيذ مهامها.
دور الأمم المتحدة في حماية حقوق الإنسان وتطوير المعايير الدولية
وزاد شرحا: تلعب الأمم المتحدة دورًا محوريًا في حماية حقوق الإنسان وتطوير المعايير الدولية في هذا المجال وحماية حقوق الإنسان هي أحد الأهداف الأساسية التي أنشئت من أجلها الأمم المتحدة، وقد بذلت جهودًا كبيرة على مر السنين لتعزيز هذه الحقوق وتوفير الحماية الضرورية للجميع، ودور الأمم المتحدة في حماية حقوق الإنسان يتجسد في عدة جوانب مثل وضع المعايير الدولية الواردة فى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويعد هذا الإعلان وثيقة تاريخية أساسية حددت الحقوق الأساسية التي يجب أن يتمتع بها جميع الأفراد دون تمييزن والعهدان الدوليان، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، هما معاهدتان دوليتان شاملتان تحددان مجموعة واسعة من الحقوق، والمعاهدات الأخرى المتخصصة التي تتناول قضايا محددة مثل حقوق المرأة، وحقوق الطفل، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
إنشاء آليات لحماية حقوق الإنسان:
وعن إنشاء آليات لحماية حقوق الإنسان قال : تلعب الأمم المتحدة دورًا حاسمًا في حماية حقوق الإنسان وتطوير المعايير الدولية. على الرغم من التحديات التي تواجهها، إلا أن الأمم المتحدة تبقى الأمل في بناء عالم يحترم حقوق الإنسان ويعيش فيه الجميع في كرامة وسلام، مجلس حقوق الإنسان وهو الهيئة الحكومية الدولية المسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، والمفوض السامي لحقوق الإنسان وهو مسؤول عن تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان لجميع الناس في كل مكان، واللجان المعنية بمعاهدات حقوق الإنسان وهي لجان من الخبراء المستقلين الذين يراقبون تنفيذ الدول للأعراف الدولية لحقوق الإنسان، والتدخل لحماية المدنيين في حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مثل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، وتقوم الأمم المتحدة بإرسال بعثات حفظ سلام إلى مناطق النزاع لحماية المدنيين وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، وبناء القدرات؛ تدعم الأمم المتحدة الدول الأعضاء في بناء قدراتها على حماية حقوق الإنسان من خلال تقديم المساعدة التقنية والتدريب، وتعمل الأمم المتحدة على رفع مستوى الوعي بحقوق الإنسان لدى الأفراد والمجتمعات.
التعاون مع المنظمات غير الحكومية:
وأفاض حول التعاون مع المنظمات غير الحكومية حيث قال : تعمل الأمم المتحدة بشكل وثيق مع المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان لتعزيز الحماية والتوعية وتواجه العديد من التحديات في مجال حقوق الإنسان مثل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والتى لا تزال تحدث في العديد من دول العالم والتدخلات السياسية التى تؤثر على قرارات الأمم المتحدة فى كثير من الاحيان بالتدخلات السياسية للدول الأعضاء، والتمويل حيث تواجه الأمم المتحدة تحديات في الحصول على التمويل الكافي لتنفيذ برامجها في مجال حقوق الإنسان.
التأكيد على أهمية التعاون الدولي لتحقيق أهداف الميثاق:
وفى ذات السياق، قالت إلينا بانوفا لـ "البوابة نيوز" المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر مكتب المنسق(ـة) المقيم (ـة): “إن التعاون الدولي هو حجر الزاوية في تحقيق أهداف ميثاق الأمم المتحدة، فمنذ تأسيسها، دعت الأمم المتحدة الدول الأعضاء إلى العمل معًا من أجل بناء عالم أكثر سلامًا وعدالة ورخاء. ولا يمكن تحقيق هذه الأهداف النبيلة إلا من خلال تضافر الجهود وتوحيد الرؤى بين الدول، وعن أسباب أهمية التعاون الدولى قالت : تعقيد التحديات العالمية التى تواجه البشرية مثل التغير المناخي، الإرهاب، والجائحات، هذه التحديات تتطلب حلولاً عالمية لا يمكن لأي دولة أن تواجهها بمفردها الترابط المتزايد حيث أصبح العالم أكثر ترابطًا من أي وقت مضى بفضل التقدم التكنولوجي والعولمة فما يحدث في دولة واحدة يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على دول أخرى، وتكامل الاقتصاد العالمي في التجارة والاستثمار، بمعنى ان أي اضطراب في اقتصاد دولة واحدة يمكن أن يؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي بأكمله، وكذلك حماية البيئة: تتطلب جهودا مشتركة من جميع الدول، حيث أن التلوث والتغير المناخي يؤثران على الجميع، بالاضافة الى تعزيز حقوق الإنسان و حمايتها التى تتطلب تعاونا دوليا لضمان احترام هذه الحقوق في جميع أنحاء العالم وهناك أمثلة على التعاون الدولي الناجح مثل أهداف التنمية المستدامة فتمثل أهداف التنمية المستدامة مثالاً واضحًا على التعاون الدولي لتحقيق أهداف مشتركة، واتفاقية باريس للمناخ حيث تمثل هذه الاتفاقية إطارًا عالميًا للتصدي لتغير المناخ، وعمليات حفظ السلام التى تنظمها الأمم المتحدة وبالفعل تساهم عمليات حفظ السلام في تحقيق الاستقرار في مناطق النزاع”.
التحديات التي تواجه التعاون الدولي:
وتكمل: “أما التحديات التي تواجه التعاون الدولي والتباينات في المصالح الوطنية فقد تختلف مصالح الدول الأعضاءوتمثل تحى ، مما قد يعوق التوصل إلى توافق في الآراء وكذلك السياسة الداخلية التى قد تؤثرعلى قدرتها على التعاون مع الدول الأخرى ، وهناك ايضا الافتقار إلى الثقة والذى قد يؤدي الى انعدام الثقة بين الدول و بالتالى إلى عرقلة التعاون، ولتلافى هذا يجب تعزيز التعاون الدولي، حيث يجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عدة خطوات مهمة دائما لتفعيل هذا التعزيز مثل الالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك حل النزاعات بالوسائل السلمية واحترام حقوق الإنسان ن وبناء الثقة من خلال الحوار والتفاهم المتبادل، وتعزيز المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة لتمكينها من القيام بدورها في تسهيل التعاون الدولي، والاستثمار في الدبلوماسية لتعزيز الحوار والتفاهم بين الدول ، لإن التعاون الدولي هو شرط أساسي لتحقيق أهداف ميثاق الأمم المتحدة وبناء عالم أكثر سلامًا ورخاءً. من خلال العمل معًا، يمكن للدول الأعضاء في الأمم المتحدة مواجهة التحديات العالمية وتوفير مستقبل أفضل للأجيال القادمة”.