في ظل الأهمية الكبيرة التي يتمتع بها القطاع السياحي في دعم الاقتصاد المصري، تسعى الحكومة المصرية إلى تعزيز هذا القطاع الحيوي من خلال إطلاق مبادرات مختلفة تهدف إلى تحسين بنيته التحتية وزيادة قدرته الاستيعابية وتعد السياحة من أهم مصادر الدخل القومي في مصر، حيث يساهم في جلب العملات الأجنبية ويوفر فرص عمل لملايين المواطنين، فضلًا عن دوره المحوري في تنمية المجتمعات المحلية ورفع مستوى المعيشة في المناطق السياحية.
حيث أعلن البنك المركزي المصري، موافقة مجلس الوزراء على إطلاق مبادرة جديدة تهدف إلى دعم القطاع السياحي بقيمة 50 مليار جنيه مصري (ما يعادل 1.03 مليار دولار أمريكي)، وذلك بتمويل من وزارة المالية وبالتنسيق مع وزارة السياحة والآثار.
وتهدف هذه المبادرة إلى مساعدة الشركات العاملة في المجال السياحي وتوسيع القدرة الاستيعابية للفنادق في مصر، وهو ما يتماشى مع جهود الحكومة لتعزيز القطاع السياحي الذي يُعدّ أحد أهم مصادر النقد الأجنبي للبلاد.
ووفقاً لبيان البنك المركزي، فإن المبادرة تشمل تقديم قروض للشركات السياحية بفائدة مخفضة تبلغ 12% بنظام العائد المتناقص، وهو ما يساهم في تخفيف الأعباء المالية عن المستثمرين وتحفيزهم على زيادة استثماراتهم في القطاع. يُركز التمويل بشكل رئيسي على تطوير البنية التحتية للقطاع الفندقي، بما في ذلك بناء غرف فندقية جديدة، أو الاستحواذ على الغرف الفندقية المغلقة وإعادة تأهيلها وتجديدها لتكون جاهزة لاستقبال السياح.
بالإضافة إلى ذلك، ستتيح المبادرة تمويل الاستحواذ على المباني المغلقة بهدف تحويلها إلى منشآت فندقية، وهو ما يُتوقع أن يساهم في زيادة عدد الغرف المتاحة والإسراع في تلبية الطلب المتزايد على الإقامة الفندقية. وتضمنت المبادرة أيضًا شرطًا يلزم المستفيدين ببيع 40% من إيراداتها من العملة الأجنبية إلى البنوك، مما يعزز الاحتياطي النقدي الأجنبي ويدعم استقرار سعر الصرف.
ومن بين المعايير المهمة التي تم تحديدها ضمن المبادرة، هي ضرورة تسريع الحصول على تراخيص التشغيل للفنادق الجديدة والمنشآت التي يتم تجديدها، مما يساعد على تقليل العقبات البيروقراطية وتسريع إطلاق المشاريع.
تحسين جودة الخدمات السياحية
وفي هذا السياق يقول الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي، أن تلك المبادرة تشمل دعمًا ماليًا للمنشآت السياحية من مختلف الأحجام، مع التركيز على المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى جانب أن هذا التمويل سيتيح للمنشآت السياحية تحسين البنية التحتية، تجديد الفنادق، وتطوير المرافق العامة التي تسهم في تحسين تجربة السياح ومن المتوقع أن تساهم هذه التحسينات في جذب المزيد من السائحين وزيادة العائدات السياحية على المدى الطويل.
وأضاف الشافعي، من الأهداف الأساسية للمبادرة تحسين جودة الخدمات السياحية المقدمة وهذا يتطلب رفع مستوى المنشآت والمنتجعات السياحية، مما يعزز من جاذبية البلاد كوجهة سياحية عالمية موضحًا ان تعزيز الجودة سيؤدي إلى زيادة رضا الزوار، وبالتالي رفع نسبة العائدات السياحية بشكل مباشر، وتابع كما تهدف المبادرة إلى خلق فرص عمل جديدة في القطاع، نظرًا لأن التوسع في البنية التحتية وتحسين الخدمات سيتطلب المزيد من العاملين. من المتوقع أن توفر هذه المبادرة آلاف الوظائف، ما سيعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني من خلال تقليص معدلات البطالة ودعم الأسر العاملة في مجال السياحة.
أزمات اقتصادية
وفي نفس السياق يقول أحمد عامر الخبير السياحي والأثري، إن إطلاق المبادرة يأتي في وقت تعاني فيه السياحة العالمية من أزمات اقتصادية وتأثيرات كبيرة على جميع القطاعات وليس السياحة فقط، لكن رغم هذه التحديات، يمثل قطاع السياحة أحد أسرع القطاعات الاقتصادية نمواً، مؤكدًا إن دعم القطاع في هذه المرحلة يعتبر خطوة استراتيجية، حيث يُنتظر أن يسهم هذا الدعم في تعزيز قدرة البلاد على التعافي سريعاً واستعادة نشاطها السياحي.
وأضاف عامر، في المستقبل القريب، يتوقع أن تؤدي هذه المبادرة إلى تحفيز الاستثمار في المشاريع السياحية، وتحسين صورة البلاد كوجهة سياحية جاذبة من خلال التركيز على تطوير البنية التحتية وتعزيز مستوى الخدمات، ستزداد قدرة البلاد على استقطاب عدد أكبر من السائحين، مما يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز النمو المستدام.
وأوضح عامر، تعد مبادرة البنك المركزي لدعم قطاع السياحة خطوة استراتيجية هامة تضع الأسس لتعافي سريع ومستدام لهذا القطاع الحيوي من خلال تقديم التمويل اللازم وتحسين جودة الخدمات والبنية التحتية، من المتوقع أن يعزز قطاع السياحة قدرته على مواجهة التحديات وتحقيق مزيد من النجاح في المستقبل.