الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

إفيه يكتبه روبير الفارس: "نظرية شيبوب"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قدم الفنان الجميل سعيد أبو بكر شخصية "شيبوب" في فيلم "عنتر ابن شداد" بطولة فريد شوقي وكوكا، وإخراج نيازي مصطفى عام 1961. وشخصية شيبوب هي شخصية ظريفة لمساعد البطل الذي يتمتع بخفة ظل، شخصية محببة للمشاهد ومعاونة في تصاعد الأحداث. ولكن هذه الشخصية حملت طيات ومواقف عجيبة ومتناقضة تجعلها مادة خام لنستخدمها في إسقاطات تناسب أيامنا وأوجاعنا ووقائع لا تخلو من العجب وتثير الاندهاش والبكاء معًا.

"شيبوب" يا سادة، يتجلى كظاهرة حياتية في نماذج بشرية عديدة تجدها تحيط بك وتكتم أنفاسك، بل وتثير شهيتك للضحك الأسود، فهو معبر عن شلة من أنصاف المتعلمين، بل ورجال دين كثيرين. يتفقون معه في نظريته الغريبة غير المنطقية لأنهم أعداء للمنطق والعقلانية، وكيف ذلك؟ لم يكن شيبوب في الفيلم "أعمى أو أعور"، ومع ذلك عندما يجد فتاة جميلة يغازلها طارحًا عليها نظريته قائلًا: “إنتي تقلعي لي عين وأنا أقلع لك عين ونعيش عور إحنا الاثنين”، ولماذا يا شيبوب؟ فقد خلقك الله كامل النظر والرؤية، فلماذا تختار أن تكون أعور؟ يبدو أن "العوار" أمر عقلي يريح المرء في رؤية الحياة بعين واحدة، فتجده يسقط في الجزئيات دون الكليات، ولا يمكن أن يكون صورة كاملة. وبالعين الواحدة يبتر السطور من الروايات والكتب والمشاهد والأفكار، بل ويبتر الأشخاص. ويتقمص شخصية القرصان الذي يقتنص بعينه الواحدة الفريسة التي يراها، إنها نظرية مريحة لشخص يمجد وحدانية خربة، يعلمها رجل دين حيث يقلعون عينك بتعاليمهم العوراء، يقدمون "الخرافة لا العلم"، "الدروشة لا العقلانية"، "الموروث لا المدروس ولا المفحوص". فمنظورهم الأعور يتم الحكم به على الأشياء والأشخاص والأفعال، وعندما تطلب من أتباعهم أن يفتح كلا عينيه على الآخر، يرفض، إنه مثل شيبوب تمامًا، يريد أن يرى الكل مثله، يقرأ فقط ما يقرأه ويفهمه على طريقته،. يجد في الهزيمة نصرًا، وفي الإرهاب بطولة، وفي التعدد بدعة وهرطقة وزندقة للأسف، نظرية شيبوب ودعوته لنعيش عور تجد صدى وترحابًا كبيرًا في مجتمعاتنا ومؤسساتنا الكثيرة، رغم هزليتها الشديدة.

"شيبوب" أيضًا صوته عالٍ، فيعلن عن نظريته وحضوره بصوت مجلجل رنان. ودون خجل أو تردد، إنها ثقة الجاهل المرعبة. وهكذا صوت الجهلاء عالٍ لأنه جزء من خطتهم لنشر أفكارهم. وتجد الجاهل ينتصر بصوته لا بمنطقه في أي حوار أو مناظرة. ولعن الله من جعل الميكروفون، بأشكاله المختلفة من إعلام وسوشيال ميديا، سلاحًا في يد المتسلطين ليصل صوتهم النشاز بالإكراه حتى لمن يرفضهم.

وطوال الفيلم، يبرع "شيبوب" في سرقة الكاميرا بخفة دمه ونكاته المستمرة، وبهذه النكات وخفة الدم يتسلل للمشاهدين، وهكذا تجد له أتباعًا كثيرين يوظفون خفة دمهم لدس أفكارهم المسمومة، ويجذبون الجماهير العريضة المأخوذة بسحر الفكاهة رغم مرارة واقعهم.

كذلك، تجد "شيبوب" على عكس شخصية "عنتر"، رغم أنه شقيقه، لا يهتم بحريته، بل يخضع لعبوديته خانعًا وراضيًا، بل وسعيدًا، والأهم عنده هو أكل “الدشيشة والبسيسة والهريسة”، وتجد أتباعه يخطبون فيك محببين عبوديتك لسلطانهم السماوي، مدافعين عن تقبيل يدهم والسجود لقدمهم، يعظون باستمرار عن عظمة الفقر والزهد والنسك والتقشف، و"كروشهم" ممتدة أمامهم فتحجب الرؤية، وإذا عدت لهذه الخطب والعظات تجدها صدى لنظرية شيبوب: "نعيش عور".

إفيه قبل الوداع

"الجبان والحب"، اسم فيلم لحسن يوسف وشمس البارودي

الحب لا يجتمع مع الجبن... الحب قوة وشجاعة، لذلك الجبان لا يسقط في الحب مهما ادعى ذلك