أعلن مجلس الوزراء، برئاسة المهندس إبراهيم محلب مساء الخميس 27 من مارس الماضي موافقته على مشروع مبدئي وليس نهائيا تقدمت به د. درية شرف الدين وزيرة الإعلام لميثاق للشرف الإعلامي يصلح كنقطة بداية قابلة للنقاش والتعديل والإضافة والحذف. وبحسب بيان صادر عن مجلس الوزراء في اليوم نفسه، أوصى مجلس الوزراء بطرح مشروع الميثاق للحوار المجتمعي والنقاش عبر جموع الإعلاميين تمهيدًا للتوافق عليه وإصداره عن طريقهم.
وقد أثار هذا الميثاق لغطًا غير مسبوق في الساحة الإعلامية المصرية، فقد رفضه الإعلاميون ورموز نقابة الصحفيين والنقابات الإعلامية تحت التأسيس وخبراء وأساتذة الإعلام وثوار ماسبيرو الذين ينتمون للمبنى نفسه الذي تباشر منه وزيرة الإعلام عملَها، وللحقيقة فإن محاولات شتى بذلت لصياغة عديدٍ من مواثيق الشرف الإعلامية بعضها نجح بالفعل وبعضها الآخر لم يكلل بالنجاح، ولكن لم يُواجه أحدها بمثل هذه العاصفة من النقد الحاد والجدل الذي لا يزال محتدمًا حتى الآن.
فتُرى ما سرُ هذا الجدل والانتقاد الحاد لميثاق شرف الوزيرة الذي أقرته الحكومة كمشروع قابل للنقاش من قِبل الإعلاميين والجمهور؟.. إن سرَ هذا الجدل - من خلال استعراض عديدٍ من الكتابات والتغطيات الصحفية حول الموضوع- يتمحور حول النقاط التالية:
أولا: مواثيق الشرف المهنية ومدونات السلوك لا تصدرها الحكومات، وإنما يصدرها أصحاب الشأن، فالإعلاميون في الدول الديمقراطية يصدرون مواثيق الشرف الإعلامي من خلال نقاباتهم المستقلة وبعد حوار مجتمعي يشارك فيه الإعلاميون والأكاديميون والجمهور.
ثانيًا: قالت د. درية شرف الدين، وزيرة الإعلام، إن فكرة إنشاء ميثاق الشرف الإعلامي جاءت امتثالًا لرغبة الرأي العام بعمل ميثاق شرف إعلامي، منوهة بأنها طرحت المشروع بشكل مبدئي، حتى يتسنى إسهام الإعلاميين بآرائهم، والسؤال هنا هو: هل أجرت الوزيرة دراسة على الرأي العام المصري حتمت نتائجها صياغة ميثاق شرف إعلامي في هذا التوقيت؟ ولماذا لم تطرح السيدة الوزيرة نتائج هذه الدراسة على الإعلاميين أنفسهم –باعتبارهم أصحاب المهنة- لكي تحفزهم على صياغة هذا الميثاق بضغطٍ من الرأي العام المصري، وليس من وزارة الإعلام أو الحكومة.
ثالثًا: ذكرت د. درية أن مشروع ميثاق الشرف الإعلامي لم يوضع بشكل شخصي من وزارة الإعلام، وإنما عن طريق اطلاعها على عدد من مواثيق الشرف في دول عربية وإسلامية، وأن هذا المشروع جاء نتيجة عدم تقدم أحد من الإعلاميين بميثاق شرف، ونأمل في أن يتم العمل بهذا الميثاق في جميع المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة قبل انتهاء عام ٢٠١٤، نافية مشاركة أي شخصية من خارج مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون في المشروع.
وفي الحقيقة، فإن ما ذكرته الوزيرة يدين مشروع الميثاق أكثر مما يُحسب له كما أرادت الوزيرة، فمسألة اطلاعها على عدد من مواثيق الشرف في دول عربية وإسلامية قد تكون في الأساس لم تعرف الديمقراطية بعد، وقد يكون سجلها سيئًا في حرية الرأي والتعبير، وحرية الإعلام قد تكون محفوفة بالمخاطر للاسترشاد بها في صياغة ميثاق شرف إعلامي (حكومي) لدولة كبيرة كمصر ثارت مرتين من أجل الحرية، وقد يكون من المفيد هنا أن تُطالع السيدة الوزيرة مواثيق الشرف الإعلامية في الدول الغربية الديمقراطية، إذا كانت تؤمن حقًا أننا في مرحلة للتحول الديمقراطي.
كما أنه على ما يبدو أن الوزيرة لا تعلم أن نقابات الإعلام (المستقلة) لديها مشروعات لمواثيق الشرف الإعلامي، إلا أن هذه النقابات لم ترَ النور، ووضعت أمامها العراقيل منذ عهد الإخوان وحتى الآن، كما أنه بفرض عدم تقدم أحد من الإعلاميين بميثاق شرف، ورغم ما تحمله هذه العبارة من تسلط وفردية لا تتناسب بحالٍ من الأحوال مع مواثيق الشرف المهنية التي تضعها (الجماعة) الإعلامية وبشكلٍ طوْعي، إلا أن هذا لا يقوم سببًا لقيام الوزيرة بطرح ميثاقٍ إعلامي، ناهيك عن تحديد موعد لإنفاذ هذا الميثاق والعمل به.
ورغم نفي الوزيرة مشاركة أية شخصية من خارج مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون في مشروع الميثاق، فإن هذا لا يُحسب له بل يُحسب عليه، لأن هذا يعني أنه ميثاق سلطوي حكومي بامتياز لم يشارك فيه إعلاميو ماسبيرو أنفسهم الذين أعلن ائتلافهم الثوري رفضه على صفحتهم على الفيس بوك، كما لم يشارك فيه الإعلاميون العاملون في القنوات الفضائية الخاصة، ولم يشارك فيه أساتذة وخبراء الإعلام، كما لم يشارك في صياغته الجمهور أو الرأي العام الذي أعطت الوزيرة لنفسها الحق أن تتحدث عنه دون أن تدرس اتجاهاته على الأرجح ودون تمثيله للتعرف على وجهة نظره.
رابعًا: أن دعوة المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء أصحاب القنوات الفضائية التليفزيونية الخاصة ومديريها دون حضور للإعلاميين أصحاب المهنة لمناقشة ميثاق الشرف الإعلامي لم تكن خطوة موفقة على الإطلاق في سبيل دعم الميثاق المقترح قد بعث برسائل خاطئة على مستويات عدة منها: أن سلطوية الحكومة في عرض المشروع على مجلس الوزراء والموافقة عليه يصب في التوافق مع سلطوية أصحاب القنوات الخاصة ومديريها لإنفاذ مشروع الميثاق، أن هذا الاجتماع نظر إليه البعض على أنه تزاوج جديد بين السُلطة ورأس المال، وهو ما حفَز عديد من كبار الإعلاميين ضد هذا الاجتماع وعلى رأسهم الإعلامي الكبير الأستاذ حمدي قنديل الذي كتب تغريدة حول هذا الاجتماع على تويتر في هذا الصدد.
خامسًا: رأى البعض من الإعلاميين وأعضاء مجلس نقابة الإعلاميين (تحت التأسيس) وائتلاف ثوار ماسبيرو وأساتذة وخبراء الإعلام أن إطلاق وزيرة الإعلام ميثاق الشرف الإعلامي أمر غير مرحب به، ويعتبر تدخلًا واضحًا منها في شئون تنظيم المهنة، وانتهاكا للدستور الذي ينص في المادة 77 منه عن اختصاص النقابات بالمواثيق الشرفية والمهنية، بل ذهب البعض إلى أن وجود الوزيرة في حد ذاته مخالفًا للدستور الجديد، لذا فإن مشروع الميثاق صدر من غير ذي صفة، وكان يجب على الوزيرة أن تنتظر أن يتم تخليق الكيانات الجديدة التي نص عليها الدستور الجديد مثل المجلس الوطني للإعلام، ليتعرض لمثل هذه النوعية من القضايا المتعلقة بمهنة الإعلام.
سادسًا: أن الدستور الجديد يمنع محاسبة الصحفيين والإعلاميين إلا من قبل نقابتهم أو القضاء فقط، وذلك على عكس ما أشارت إليه الوزيرة من البحث عن آليات للمحاسبة والعقاب، وأشار البعض إلى أن الحكومة التي تصدر ميثاق شرف تصبح حكومة سلطوية، وفي رأينا أن مثل هذه النوعية من المواثيق تُولد ميتة لا حياةَ فيها، ويُكتب لها الفناء، مثلما حدث مع مقترح تنظيم البث الإعلامي العربي وميثاق الشرف الإعلامي اللذيْن طرحهما أنس الفقي آخر وزير إعلام في حكومات الحزب الوطني المُنحل وصلاح عبد المقصود وزير الإعلام الإخواني.
وقد أثار هذا الميثاق لغطًا غير مسبوق في الساحة الإعلامية المصرية، فقد رفضه الإعلاميون ورموز نقابة الصحفيين والنقابات الإعلامية تحت التأسيس وخبراء وأساتذة الإعلام وثوار ماسبيرو الذين ينتمون للمبنى نفسه الذي تباشر منه وزيرة الإعلام عملَها، وللحقيقة فإن محاولات شتى بذلت لصياغة عديدٍ من مواثيق الشرف الإعلامية بعضها نجح بالفعل وبعضها الآخر لم يكلل بالنجاح، ولكن لم يُواجه أحدها بمثل هذه العاصفة من النقد الحاد والجدل الذي لا يزال محتدمًا حتى الآن.
فتُرى ما سرُ هذا الجدل والانتقاد الحاد لميثاق شرف الوزيرة الذي أقرته الحكومة كمشروع قابل للنقاش من قِبل الإعلاميين والجمهور؟.. إن سرَ هذا الجدل - من خلال استعراض عديدٍ من الكتابات والتغطيات الصحفية حول الموضوع- يتمحور حول النقاط التالية:
أولا: مواثيق الشرف المهنية ومدونات السلوك لا تصدرها الحكومات، وإنما يصدرها أصحاب الشأن، فالإعلاميون في الدول الديمقراطية يصدرون مواثيق الشرف الإعلامي من خلال نقاباتهم المستقلة وبعد حوار مجتمعي يشارك فيه الإعلاميون والأكاديميون والجمهور.
ثانيًا: قالت د. درية شرف الدين، وزيرة الإعلام، إن فكرة إنشاء ميثاق الشرف الإعلامي جاءت امتثالًا لرغبة الرأي العام بعمل ميثاق شرف إعلامي، منوهة بأنها طرحت المشروع بشكل مبدئي، حتى يتسنى إسهام الإعلاميين بآرائهم، والسؤال هنا هو: هل أجرت الوزيرة دراسة على الرأي العام المصري حتمت نتائجها صياغة ميثاق شرف إعلامي في هذا التوقيت؟ ولماذا لم تطرح السيدة الوزيرة نتائج هذه الدراسة على الإعلاميين أنفسهم –باعتبارهم أصحاب المهنة- لكي تحفزهم على صياغة هذا الميثاق بضغطٍ من الرأي العام المصري، وليس من وزارة الإعلام أو الحكومة.
ثالثًا: ذكرت د. درية أن مشروع ميثاق الشرف الإعلامي لم يوضع بشكل شخصي من وزارة الإعلام، وإنما عن طريق اطلاعها على عدد من مواثيق الشرف في دول عربية وإسلامية، وأن هذا المشروع جاء نتيجة عدم تقدم أحد من الإعلاميين بميثاق شرف، ونأمل في أن يتم العمل بهذا الميثاق في جميع المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة قبل انتهاء عام ٢٠١٤، نافية مشاركة أي شخصية من خارج مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون في المشروع.
وفي الحقيقة، فإن ما ذكرته الوزيرة يدين مشروع الميثاق أكثر مما يُحسب له كما أرادت الوزيرة، فمسألة اطلاعها على عدد من مواثيق الشرف في دول عربية وإسلامية قد تكون في الأساس لم تعرف الديمقراطية بعد، وقد يكون سجلها سيئًا في حرية الرأي والتعبير، وحرية الإعلام قد تكون محفوفة بالمخاطر للاسترشاد بها في صياغة ميثاق شرف إعلامي (حكومي) لدولة كبيرة كمصر ثارت مرتين من أجل الحرية، وقد يكون من المفيد هنا أن تُطالع السيدة الوزيرة مواثيق الشرف الإعلامية في الدول الغربية الديمقراطية، إذا كانت تؤمن حقًا أننا في مرحلة للتحول الديمقراطي.
كما أنه على ما يبدو أن الوزيرة لا تعلم أن نقابات الإعلام (المستقلة) لديها مشروعات لمواثيق الشرف الإعلامي، إلا أن هذه النقابات لم ترَ النور، ووضعت أمامها العراقيل منذ عهد الإخوان وحتى الآن، كما أنه بفرض عدم تقدم أحد من الإعلاميين بميثاق شرف، ورغم ما تحمله هذه العبارة من تسلط وفردية لا تتناسب بحالٍ من الأحوال مع مواثيق الشرف المهنية التي تضعها (الجماعة) الإعلامية وبشكلٍ طوْعي، إلا أن هذا لا يقوم سببًا لقيام الوزيرة بطرح ميثاقٍ إعلامي، ناهيك عن تحديد موعد لإنفاذ هذا الميثاق والعمل به.
ورغم نفي الوزيرة مشاركة أية شخصية من خارج مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون في مشروع الميثاق، فإن هذا لا يُحسب له بل يُحسب عليه، لأن هذا يعني أنه ميثاق سلطوي حكومي بامتياز لم يشارك فيه إعلاميو ماسبيرو أنفسهم الذين أعلن ائتلافهم الثوري رفضه على صفحتهم على الفيس بوك، كما لم يشارك فيه الإعلاميون العاملون في القنوات الفضائية الخاصة، ولم يشارك فيه أساتذة وخبراء الإعلام، كما لم يشارك في صياغته الجمهور أو الرأي العام الذي أعطت الوزيرة لنفسها الحق أن تتحدث عنه دون أن تدرس اتجاهاته على الأرجح ودون تمثيله للتعرف على وجهة نظره.
رابعًا: أن دعوة المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء أصحاب القنوات الفضائية التليفزيونية الخاصة ومديريها دون حضور للإعلاميين أصحاب المهنة لمناقشة ميثاق الشرف الإعلامي لم تكن خطوة موفقة على الإطلاق في سبيل دعم الميثاق المقترح قد بعث برسائل خاطئة على مستويات عدة منها: أن سلطوية الحكومة في عرض المشروع على مجلس الوزراء والموافقة عليه يصب في التوافق مع سلطوية أصحاب القنوات الخاصة ومديريها لإنفاذ مشروع الميثاق، أن هذا الاجتماع نظر إليه البعض على أنه تزاوج جديد بين السُلطة ورأس المال، وهو ما حفَز عديد من كبار الإعلاميين ضد هذا الاجتماع وعلى رأسهم الإعلامي الكبير الأستاذ حمدي قنديل الذي كتب تغريدة حول هذا الاجتماع على تويتر في هذا الصدد.
خامسًا: رأى البعض من الإعلاميين وأعضاء مجلس نقابة الإعلاميين (تحت التأسيس) وائتلاف ثوار ماسبيرو وأساتذة وخبراء الإعلام أن إطلاق وزيرة الإعلام ميثاق الشرف الإعلامي أمر غير مرحب به، ويعتبر تدخلًا واضحًا منها في شئون تنظيم المهنة، وانتهاكا للدستور الذي ينص في المادة 77 منه عن اختصاص النقابات بالمواثيق الشرفية والمهنية، بل ذهب البعض إلى أن وجود الوزيرة في حد ذاته مخالفًا للدستور الجديد، لذا فإن مشروع الميثاق صدر من غير ذي صفة، وكان يجب على الوزيرة أن تنتظر أن يتم تخليق الكيانات الجديدة التي نص عليها الدستور الجديد مثل المجلس الوطني للإعلام، ليتعرض لمثل هذه النوعية من القضايا المتعلقة بمهنة الإعلام.
سادسًا: أن الدستور الجديد يمنع محاسبة الصحفيين والإعلاميين إلا من قبل نقابتهم أو القضاء فقط، وذلك على عكس ما أشارت إليه الوزيرة من البحث عن آليات للمحاسبة والعقاب، وأشار البعض إلى أن الحكومة التي تصدر ميثاق شرف تصبح حكومة سلطوية، وفي رأينا أن مثل هذه النوعية من المواثيق تُولد ميتة لا حياةَ فيها، ويُكتب لها الفناء، مثلما حدث مع مقترح تنظيم البث الإعلامي العربي وميثاق الشرف الإعلامي اللذيْن طرحهما أنس الفقي آخر وزير إعلام في حكومات الحزب الوطني المُنحل وصلاح عبد المقصود وزير الإعلام الإخواني.