تسلم الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة، شهادة خلو مصر من الملاريا من المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية.
كما تسلم "عبدالغفار" نسخة من الاستراتيجية الوطنية للصحة والسكان 2024، في انطلاق فعاليات النسخة الثانية من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية.
وتعد الملاريا، مرض معدي يصيب الإنسان، وينتقل عبر الباعوض المعدى الحامل للمرض، وهو مرض من الأمراض المهددة لحياة الإنسان.
الصحة العالمية: إنجاز مهم آخر
قال تيدروس أدهانوم مدير منظمة الصحة العالمية، خلال كلمته بالمؤتمر العالمي للصحة والسكان والتنمية البشرية، إن اليوم تحتفل المنظمة بإنجاز مهم آخر، وهو حصول مصرعلى شهادة القضاء على الملاريا.
وأضاف مدير منظمة الصحة العالمية،:" العام الماضي تشرفت بوجودي في مصر لتقديم منظمة الصحة العالمية، لتصبح مصر أول دولة في العالم تحقق المستوى الفضي في مسار القضاء على فيروس سي.
الاستثمار في القطاع الصحي
وأشاد “ تيدروس” بمبادرة «بداية» المصرية للتنمية البشرية، مشيرًا إلى أنها تحتاج إلى تعاون وثيق بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، لإظهار قوة هذا التعاون في خدمة المجتمع وتحسين الصحة والتعليم وحماية المجتمع.
وتابع:" الاستثمار في القطاع الصحي لا يقتصر على حماية الأرواح فقط، بل يساهم في تحقيق تطور اقتصادي من خلال خلق بيئة عمل صحية، تساعد على الإبداع و الإنتاج، وتوفر حماية حقيقية للأجيال القادمة".
متى ظهرت الملاريا في مصر؟
ظهرت الملاريا في مصر القديمة ومثلها أجدادنا في نقوشهم القديمة، فجدران معبد دندرة- فترة الحكم البطلمي- تصوّر حالات الإصابة بمرض الملاريا، كما أكدت التحاليل المعاصرة للملك توت عنخ امون، أحد ملوك الأسرة الثامنة، وفاته بسبب مضاعفات وباء الملاريا.
وتشيرنتائج تحليل الحمض النووي والمسح بالاشعة المقطعية لمومياء الملك توت عنخ امون الذي توفي قبل نحو 3362 عامًا إلى أنه توفي متأثرًا بمضاعفات مرض الملاريا، وأن والده هو أمنتحتب الرابع (اخناتون) الملقب بفرعون التوحيد في مصر القديمة.
في عام 2010 أعلنت وزارة الثقافة المصرية، أن نتائج تحليل الحمض النووي والمسح بالأشعة المقطعية لمومياء الملك توت عنخ أمون الذي توفي قبل نحو 3362 عامًا أثبتت أنه توفي متأثرًا بمضاعفات مرض الملاريا.
موجة وبائية عنيفة في القرن العشرين
وبحسب البحث الذي نشره الأكاديمي المصري رضا عبد الفتاح في دراسته "وباء الملاريا في مصر 1942-1945" أن في بداية الأربعينيات من القرن الـ20 تعرضت مصر لموجة وبائية حادة من مرض الملاريا بدأت في مارس 1942 في محافظة أسوان جنوبي البلاد، وانتقلت شمالا لتصل مع نهاية نوفمبر من العام نفسه إلى مدينة منفلوط شمالي أسيوط.
وبحسب دراسة "عبدالفتاح" خلّفت الموجة الوبائية التي انتهت عام 1945 خسائر بشرية ومادية فادحة، وراح ضحيتها نحو 20 ألفا من أهالي مديريات جنوب الصعيد، بجانب التكاليف المادية الباهظة لأعمال المكافحة وتوفير العلاج، وتعطل عمليات الإنتاج الزراعي في المناطق الموبوءة.
كيف بدأت رحلة التخلص من الملاريا؟
منذ 1998 وحتى هذه اللحظة لا يوجد أى سريان داخلي لمرض الملاريا داخل مصر، إنما الحالات التي تظهر جاءت من الخارج، بحسب حسام عبد الغفار المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة.
وخاطبت وزارة الصحة والسكان، بتاريخ فبراير 2023 مدير عام منظمة الصحة العالمية بجنيف، بملف يتضمن جهود الوزارة في مواجهة المرض وإجراءات الحصول على شهادة بخلو مصر من الملاريا، للبدء في اتخاذ الخطوات اللازمة للتحقق من خلو مصر من المرض.
وفي يونيو الماضي استقبل الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، وفدًا من منظمة الصحة العالمية (برنامج الملاريا العالمي) تمهيداً لحصول مصر على الإشهاد الدولي بالخلو من مرض الملاريا.
زيارات ميدانية لمدة أسبوع
وأوضح الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي، لوزارة الصحة والسكان، أن فريق المنظمة قام بزيارة ميدانية، خلال الفترة من 22 إلى 29 يونيو الماضي، للتحقق من عدم حدوث سريان لمرض الملاريا داخل مصر، مؤكدًا أن جميع الحالات المكتشفة كانت حالات وافدة من دول يتوطن بها المرض، ووجود نظام ترصد قوي، قادر على الاكتشاف المبكر للحالات، وذلك من خلال التعاون مع جميع الجهات المعنية.
ولفت «عبدالغفار» إلى أن برنامج البعثة في مصر تضمن زيارت ميدانية للتأكد من تطبيق إجراءات مكافحة البعوض الناقل للمرض، والمناطق التي تشكل خطورة في تزايد أعداد البعوض، وكذلك مراجعة إجراءات الإصحاح البيئي، وأدلة العمل القياسية الخاصة بترصد المرض، والإبلاغ الفوري عن أي حالات مكتشفة، والتأكد من تنفيذ إجراءات التقصي الوبائي والحشري اللازم لجميع المخالطين، لافتاً إلى أن البعثه قامت أيضاً بزيارة مكاتب المسافرين الخاصة بتنفيذ إجراءات الوقاية من مرض الملاريا للمسافرين إلى الدول التي يتوطن فيها المرض.
تشكيل فريق عمل من القطاع الوقائي
وأشار المتحدث الرسمي بإسم وزارة الصحة، إلى تشكيل فريق عمل من القطاع الوقائي بوزارة الصحة، لمرافقة الفريق، حيث تم زيارة عددًا من المستشفيات، والوحدات الصحية بمحافظات القاهرة، والفيوم، وأسوان، وذلك لمراجعة الإجراءات الوقائية والاحترازية التي تطبقها الدولة لمنع إعادة توطن مرض الملاريا بالبلاد، من خلال مراجعة ملفات الحالات، وكذلك المعامل والأنظمة المساعدة ونظام الإحالة، وبروتوكولات العلاج المطبقة.
وأضاف أن بعثة المنظمة قامت بزيارة عدد من وحدات الرعاية الصحية الأولية للوقوف على قدرات الأطقم الطبية في الاكتشاف والإحالة لأي حالة ملاريا وافدة، كما تم زيارة معامل وحدات الملاريا، لمراجعة قدرة العاملين على التشخيص السليم والترصد المستمر للحالات، وزيارة وحدات مكافحة نواقل الأمراض بالمحافظات، بالإضافة إلى مقابلة مجموعة من الرائدات الريفيات للتعرف على النظام المجتمعي، وطرق توصيل الرسائل الصحية المختلفة للمواطنين.
ولفت«عبدالغفار» إلى إشادة البعثة بجودة المنظومة الصحية المصرية، والتي تتيح حصول المريض على الخدمات الصحية، بالإضافة إلى وجود نظام ترصد قوي، واستجابة عالية لسرعة اكتشاف والتعامل مع أي حالة ملاريا وافدة، ومكافحة نواقل الأمراض (البعوض الناقل للمرض)، ومنع إعادة توطين المرض عن طريق وجود خرائط محددة ومحدثة، كما أشادت بدور مكاتب تقديم خدمات الوقاية من مرض الملاريا للمسافرين إلى الدول التي يتوطن بها المرض.
تابع «عبدالغفار»:" أن الوزير توجه بالشكر للبعثة على جهودها في دعم حصول مصر على الإشهاد الدولي لخلوها من مرض الملاريا، موجهاً في هذا الصدد بسرعة دراسة توصيات البعثة، وعرض تقرير بالخطوات الجادة التي أتخذت لتنفيذ التوصيات".