على مدار العام الماضي، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا على عدة دول وأراضٍ محتلة، بما فى ذلك قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا واليمن وإيران.
ومع ذلك، وبغض النظر عن البلدان والأراضي، استهدفت إسرائيل أيضا منظمة معينة بسلسلة من الهجمات الخطابية والعنيفة غير المسبوقة، وهى الأمم المتحدة، حيث شاهد العالم إسرائيل وهى تعلن الحرب على الأمم المتحدة مؤخرا، بحسب ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ندد خلال خطاب له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالمنظمة ووصفها بأنها "بيت الظلام" و"معادية للسامية".
ومزق سفير إسرائيل المنتهية ولايته لدى الأمم المتحدة، نسخة من ميثاق الأمم المتحدة، أمام الجمعية العامة، وقال لاحقا إن مقر الأمم المتحدة، فى ولاية نيويورك، "يجب إغلاقه وإزالته من على وجه الأرض." وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلى يسرائيل كاتس، أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، "شخص غير مرغوب فيه فى إسرائيل" وقام بمنعه من دخول البلاد.
وعرقلت حكومة الاحتلال عمل لجنة تحقيق مفوضة من الأمم المتحدة مكلفة بجمع الأدلة بشأن عملية "طوفان الأقصي" فى ٧ أكتوبر من العام الماضي.
والبرلمان الإسرائيلى بصدد تصنيف وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، على أنها "منظمة إرهابية".
كما قصف جيش الاحتلال الإسرائيلى مدارس الأمم المتحدة ومستودعاتها ومخيمات اللاجئين فى غزة لمدة ١٢ شهرا متتاليا، وقتل ٢٢٨ موظفا فى الأمم المتحدة وقال جوتيريش: "هذا أكبر عدد من أفرادنا قتلوا فى صراع واحد أو كارثة طبيعية منذ إنشاء الأمم المتحدة".
وبالإضافة إلى ذلك، يهاجم جيش الاحتلال الآن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فى جنوب لبنان.
وبحسب الأمم المتحدة، أصيب خمسة من قوة الأمم المتحدة المؤقتة فى لبنان (اليونيفيل) بجروح عندما ألحقت القوات الإسرائيلية أضرارا بمواقع الأمم المتحدة القريبة من "الخط الأزرق"، هو الخط الفاصل الذى رسمته الأمم المتحدة بين لبنان من جهة وإسرائيل وهضبة الجولان المحتلة من جهة أخرى فى ٧ يونيو ٢٠٠٠.
وتساءلت الصحيفة كيف يكون أى من هذا مقبولا أو قانونيا؟ وكيف لا يزال يسمح لإسرائيل بالبقاء عضوا فى الأمم المتحدة؟ ولماذا لم يتم طردها بعد من المنظمة التى تهاجمها وتقوضها بلا هوادة وبلا خجل؟ خاصة أن إسرائيل قتلت موظفى الأمم المتحدة بشكل جماعي، وأرسلت دبابات لغزو قاعدة للأمم المتحدة، ورفضت الامتثال لأكثر من عشرين قرارا لمجلس الأمن الدولي.
ولفتت الصحيفة إلى أنه منذ أكثر من ٦٠ عاما لم تتجرأ أى دولة فى العالم على جعل الأمين العام للأمم المتحدة "شخصا غير مرغوب فيه".
ونوهت الصحيفة إلى وجود آلية لطرد دولة عضو فى الأمم المتحدة بناء على المادة ٦ من ميثاق الأمم المتحدة، والتى تقول: "يجوز للجمعية العامة، بناء على توصية مجلس الأمن، أن تطرد من المنظمة عضوا فى الأمم المتحدة دأب على انتهاك المبادئ الواردة فى هذا الميثاق".
وأكدت الجارديان على أن الولايات المتحدة، التى استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد أكثر من ٥٠ من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التى تنتقد إسرائيل منذ أوائل السبعينيات، لن تسمح أبدا بتقديم مثل هذه التوصية من قبل مجلس الأمن.
وبالاعتماد ليس على ميثاق الأمم المتحدة بل على "القواعد الإجرائية" الخاص بها كما أشار محامى حقوق الإنسان والمسئول السابق فى الأمم المتحدة شاول تاكاهاشي، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة "لرفض الاعتراف بأوراق اعتماد وفد جنوب أفريقيا" و"منعت جنوب أفريقيا من المشاركة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة" حتى عام ١٩٩٤.
والسببان الرئيسيان اللذان استشهدت بهما الجمعية العامة للأمم المتحدة لتعليق عضوية جنوب أفريقيا، هما ممارستها للفصل العنصرى ضد السكان السود الأصليين واحتلالها غير القانونى لناميبيا المجاورة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه يوم السبت الماضي، أصدرت ٤٠ دولة بيانا مشتركا يدين هجوم إسرائيل "الوقح" والمستمر على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فى لبنان، ولكن أوضحت الصحيفة أن الحديث لا يكفي، وعلى الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة التحرك.
وقد ترغب الحكومة الإسرائيلية فى التظاهر بأن الأمم المتحدة، والجمعية العامة على وجه الخصوص، غير ذات صلة وعاجزة ومليئة بالتحيز المعادى للسامية، ومع ذلك فإن إسرائيل موجودة اليوم فقط بسبب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويشمل إعلان استقلال البلاد لعام ١٩٤٨ سبع إشارات مختلفة إلى الأمم المتحدة، وكلها إيجابية للغاية وممتنة للغاية، وفقا للصحيفة.
لذا فإن طرد إسرائيل من الأمم المتحدة، أو على الأقل تعليق مشاركتها فى الجمعية العامة كخطوة أولى، من شأنه أن يبعث برسالة قوية إلى كل من شعب إسرائيل وبقية العالم، وهي أن سلطة الأمم المتحدة لا تزال مهمة وأن حياة موظفى الأمم المتحدة وقوات حفظ السلام مهمة أيضا. وأن هذه الدولة المارقة لا يمكنها إعلان الحرب على الأمم المتحدة نفسها والاستمرار فى الإفلات من العقاب.