اهتمت وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية بالمفاوضات التي جرت بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرًا، والتي استهدفت النقاش حول طبيعة الرد الإسرائيلي على القصف الصاروخي الإيراني على تل أبيب بعد اغتيال الأخيرة للأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، والقيادي بالحرس الثوري عباس نيلفورشان، ومن قبلهما استهداف إسرائيل لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في عمق طهران، خلال حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
وقال موقع أكسيوس الأمريكي إن الرئيس بايدن ونتنياهو توصلا إلى تفاهم بشأن نطاق الانتقام الإسرائيلي المخطط له ضد إيران خلال مكالمة هاتفية لهما، حيث قالت الإدارة الأمريكية إن إدارة بايدن تقبل أن تشن إسرائيل هجومًا كبيرًا على إيران، لكنها تخشى أن تؤدي الضربات على أهداف معينة إلى تصعيد الحرب الإقليمية بشكل كبير، في ظل استمرار الصراعات العسكرية المسلحة في الشرق الأوسط بعد عملية طوفان الأقصى أكتوبر الماضي.
خطط عدوانية
ونقل "أكسيوس" عن مسئول إسرائيلي كبير إن الخطط الحالية لا تزال أكثر عدوانية قليلًا مما يرغب فيه البيت الأبيض، إلا أن البيت الأبيض حصل على تطمينات من نتنياهو بعدم استهداف المنشآت الحيوية الحساسة بالنسبة لإيران، تجنبًا لرد إيراني أوسع.
وقال مسئول إسرائيلي مقرب من نتنياهو إن نتنياهو حاول خلال الاتصال أن يضيف الفجوات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن طبيعة الهجوم، حيث كانت المكالمة بين الطرفين تتويجًا لما يقرب من أسبوعين من المشاورات بين إدارة بايدن والحكومة الإسرائيلية منذ أن أطلقت إيران حوالي ١٨٠ صاروخا على إسرائيل في هجوم حاولت إسرائيل وواشنطن وقوى أخرى إحباطه ومواجهته بمنظومات دفاعية لحماية إسرائيل.
وأعقب الاتصال بين بايدن ونتنياهو اتصال آخر بين مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووزير الشئون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، حيث كانت تلك المكالمة الأكثر تفصيلًا حتى الآن بين الولايات المتحدة وإسرائيل فيما يتعلق بخطط إسرائيل لمهاجمة إيران، حيث أكدت الأطراف على القبول المبدئي لاستهداف المنشآت العسكرية ومواقع منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية، ومواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني ومخازن أسلحة، بدون التطرق إلى مهاجمة المواقع النفطية تجنبًا لتأثيراتها الاقتصادية العالمية، ولا المنشآت النووية.
ومن المرجح أن يأذن مجلس الوزراء الأمني الذي شكله نتنياهو لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بتحديد توقيت الهجوم، وقد يسافر جالانت إلى واشنطن لمواصلة المناقشات مع سوليفان ووزير الدفاع لويد أوستن قبل التحديد النهائي لوقت الهجوم وطبيعة الأماكن المستهدفة.
أعنف الهجمات الفردية
وعلى الرغم من محاولة إسرائيل التقليل من حجم خسائرها أمام الهجوم الإيراني عليها، إلا أن صحيفة التليجراف البريطانية وصفت الهجوم الإيراني بأنه "أعنف الهجمات الفردية في التاريخ" وهو هجوم تم باستخدام صواريخ باليستية متقدمة، ضربت العمق الإسرائيلي.
وقالت التليجراف إن إسرائيل نفسها اعترفت بإصابة عدد من القواعد العسكرية لديها، وهو ما أثبت قدرة إيران على اختراق أعظم منظومة دفاعية في العالم، طبقًا للتصريحات الأمريكية والإسرائيلية، حول قدرة تلك الدفاعات في صد الاعتداءات عليها، خاصة أن شكل الضربات طبقًا لما تم تصويره يكشف عن أن إسرائيل لا تمتلك وحدات دفاعية أو قدرة دفاعية كبيرة على مواجهة الصواريخ الإيرانية لاعتراضها بشكل كافٍ يجنب إسرائيل خسائرها، وهو ما أكده وزير الدفاع الإيراني العميد عزيز نصير زاده، الذي نوه إلى أن إسرائيل تلقت ضربات لا يمكن تعويضها بهذا الشكل الكبير.
وأضاف أن إيران ومحور المقاومة يستطيع أن يهزم إسرائيل كما هزمت في حرب عام ٢٠٠٦ على يد حزب الله ومقاتليه، كما تلقى عمق إسرائيل ضربات قاتلة في هجوم صاروخي إيراني كبير.
الموقف الأمريكي
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية سبق أن فرضت عقوبات على إيران، ردًا على الهجوم الصاروخي على إسرائيل في الأول من أكتوبر الجاري، وهو الهجوم الثاني لإيران على إسرائيل بشكل مباشر، بعد هجوم أبريل الماضي، ردًا على قصف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في حي المزة بالعاصمة السورية دمشق، والذي أسفر عن اغتيال عدد كبير من المسئولين في الحرس الثوري الإيراني.
واستهدفت العقوبات الأمريكية قطاعات اقتصادية أبرزها قطاع البتروكيماويات الإيراني، علاوة على فرض عقوبات على ناقلات نفط وشركات إيرانية تقع مقرها في الخارج، حيث اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية تلك الشركات في نقل النفط والإنتاج الإيراني من البتروكيماويات إلى الخارج، للالتفاف على العقوبات الأمريكية على القطاع.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن العقوبات الأمريكية استهدفت الضغط على الجانب الإيراني للحد من قدراته المالية من قطاع الطاقة الذي تستخدمها إيران لتطوير منظوماتها العسكرية والصاروخية لاستهداف إسرائيل، ودعم حركات ووكلاء لها في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف البيان إن العلاقات بين إيران والصين جعلت طهران تنشئ تلك الشركات في بكين وعدد آخر من تلك الشركات في ليبيريا، علاوة على شركات تمتلك عددًا من السفن وترفع أعلام بنما وماليزيا وجزر المارشال، حيث تنص تلك العقوبات على تجميد الأصول الخاصة بتلك الشركات، ومنعها من ممارسة أي نشاط اقتصادي أو التعامل مع شركات داخل الولايات المتحدة الأمريكية، ما يعوق التبادلات التجارية لتلك الشركات مع دول العالم التي تلتزم معها باتفاقيات من شأنها أن تحقق لها أرباحًا مالية كبيرة تستخدمها في دعم وكلائها في الشرق الأوسط، لمهاجمة إسرائيل خلال حربها ضد حزب الله في لبنان والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، بعد أن نفذت الفصائل حركة "طوفان الأقصى" التي أشعلت الحرب بين إسرائيل ومحور المقاومة المتحالف مع إيران.