ذكرت وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية أن سنوات الصراع والحرب التي عانت منها المناطق الواقعة بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية تسببت في أزمة صحية نفسية مروعة لدى السكان وهو ما أكدته جماعات الإغاثة بأن عدد الأشخاص الذين يطلبون الرعاية ارتفع بشكل حاد مع تكثيف القتال في حين يكافح بعض الأكثر تضررًا من أجل البقاء في مواقع النزوح الضيقة والرديئة التي لا تساعد على التعافي.
وأفادت الوكالة، وفقًا لبيانات صدرت عن منظمة العمل ضد الجوع /أو Action Against Hunger/ للإغاثة أن عدد الأشخاص الذين تلقوا الدعم النفسي والاجتماعي في المخيمات حول مدينة جوما الرئيسية ارتفع بأكثر من 200٪ خلال الفترة بين شهري يناير ويونيو مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي وزاد من حوالي 6600 إلى أكثر من 20 ألفا.
واستشهدت الوكالة في سياق تقرير أعدته حول هذا الشأن بقصة مواطنة تدعى نيللي شوكورو، 51 عامًا، حاولت شنق نفسها بعد أن أجبرها القتال على ترك منزلها والعيش في ظروف بائسة في مخيم النازحين في شرق الكونغو وهي تعاني وأطفالها الستة من الجوع والفقر والمرض.. وقالت شوكورو، لمراسل الوكالة، إن أحد الجيران أوقفها في الوقت المناسب بعد أن كانت المعاناة هي المسيطرة على عقلها أثناء محاولة الانتحار من منطلق أن "الأشخاص الذين ماتوا أفضل حالًا مني".. على حد تعبيرها.
وأضافت أن عدد الأشخاص الذين أبلغوا عن أفكار انتحارية قفز من حوالي خمسة في الشهر في بداية العام إلى أكثر من 120.. وفي التقرير، أشارت الوكالة إلى أن هناك أكثر من 100 جماعة مسلحة تتنافس على موطئ قدم لها في منطقة شرق الكونغو الغني بالمعادن بالقرب من الحدود مع رواندا حيث تصاعد العنف مع عودة حركة M23 الأصلية للقتال الذي أدى إلى نزوح الملايين منهم 600 ألف في مخيمات بالقرب من جوما.
ونقلت الوكالة عن علماء نفس قولهم إن المزيد من الناس يعانون من القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة وكذلك الأرق والإفراط في تناول الكحول والمخدرات. وقال إنوسنت نتاموهيزا، وهو طبيب نفساني يعمل مع منظمة العمل ضد الجوع:" في كل مكان حولنا هناك حرب وعدد الأشخاص الذين يواجهون صعوبات يتزايد يوميا" في حين قالت الأمم المتحدة، التي تصف الكونغو بأنها واحدة من أكثر الأزمات إهمالًا في العالم، إن أقل من 30٪ من المبلغ المطلوب للحماية البالغ 180 مليون دولار، والذي يشمل خدمات الصحة العقلية، في خطة الاستجابة الإنسانية تم تمويله هذا العام.
وتابعت شوكورو أنها فكرت في الانتحار في أغسطس الماضي بعد أن ضرب ابنها البالغ من العمر 21 عامًا رأسها بحجر بسبب شجار على جهاز راديو، وأوضحت أن مياه الشرب التي يتناولها أطفالها قلت للغاية منذ وصولهم إلى المخيم وأصبحوا عاطلين عن العمل بعد أن كانوا يعملون في الزراعة وبيع المحصول.
وكشفت "أسوشيتيد برس" أن بعض المخيمات التي تؤوي الأسر النازحة تبعد أقل من يوم واحد سيرًا على الأقدام من خطوط المواجهة بينما قال سكان محليون وجماعات إغاثة إن المخيم الذي يعيش فيه شوكورو تعرض لقصف بقذائف في مايو الماضي أسفر عن مقتل نحو 40 شخصًا وإصابة آخرين.
وبحسب مراسلو الوكالة، يعيش بعض الرجال المسلحين بين سكان المخيمات وقد شاهد مراسلوها بالفعل رجالًا يحملون بنادق وشاحنة من الناس يرتدون ملابس عسكرية يمرون عبر هذه المخيمات وهم يرددون أغاني الحرب ولم يتضح ما إذا كان هؤلاء الناس من الجيش أو جماعات الدفاع عن النفس.
وفي المقابل، دعمت الحكومة، في محاولة منها للسيطرة على حركة إم23، تحالف يسمى وازاليندو، وهو تحالف مسلح كان يقاتل القوات الحكومية في السابق ويضم جماعات متهمة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، كما قال السكان المحليون وجماعات الإغاثة. وفي سبتمبر الماضي، قالت منظمة أطباء بلا حدود إنها عالجت عددًا غير مسبوق من الناجين من أعمال عنف في الكونغو العام الماضي، وكان عددهم يتجاوز 25 ألف مع استمرار هذا الاتجاه هذا العام بينما عولج غالبية الأشخاص في مخيمات النازحين في جوما.
ومن جانبه، قال المقدم جيوم نجيكي، المتحدث باسم جيش الكونغو في الشرق، إن الجيش يحاول حماية الناس في المخيمات من خلال إجراء دوريات ليلية وإنشاء مراكز شرطة متنقلة، وأكد بأنه لا يُسمح للرجال المسلحين بالدخول إلى المواقع ويتم القبض على الأشخاص المتهمين بالاعتداء أو القتل ومحاسبتهم.
العالم
أسوشيتيد برس: الصراع في الكونغوالديمقراطية تسبب في أزمة صحية نفسية للسكان
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق