تُعد جرائم القتل التي ترتكب داخل محيط الأسرة، هي الأبشع على الإطلاق، خاصة تلك التي ترتكب من الزوج في حق زوجته، وتكمن بشاعة تلك الجرائم التي تزهق فيها أرواح فرد من الأسرة أو أحد أقطابها كالزوج أو الزوجة، في تفتيت الأسرة بالكامل فأحدهما يكون مصيره السجن والآخر مصيره المقبرة، ويضيع مستقبل الأبناء، ضياعا تامًا بعد أن قتل أبيهم أمهم، وتكمن أيضًا خطورة تلك الجرائم في انهيار الثقة وهيمنة الغدر وتبدد الأمانة بين الشريكين، فآخر ما تتوقعه الزوجة مهما كانت بينها وبين زوجها من خلافات أن تكون نهاية حياتها قتلا على يد شريك حياتها، ورغم ندم الزوج القاتل وعلمه متاخرًا أنه ليس هناك ما يسوغ لارتكاب الجريمة بهذه البشاعة، إلا أن الشيطان يكون قد سيطر على عقله وجوارحه، ليتحول ما بين لحظة وأخرى من شخص سوى تشوبه بعض العيوب الي قاتل ومجرم بحق من وكل برعايته وحفظ أمنه، ويبدو جليا أن الغضب الأعمى يمثل الدافع الأكبر وراء ارتكاب جرائم قتل الأزواج زوجاتهم، وهي التي تأتي على خلفية مشاجرات أو خلافات، ولكن هناك دوافع أخرى، كالشك والعنف المتصاعد وغيرهما، مما سيبينها خبير في كشف الجريمة والدوافع وراءها وكذلك الحلول المقترحة للحد من ارتكابها.
إحصائيات
أرقام مرعبة رصدتها إحصائية حديثة لإحدى مؤسسات المجتمع المدني وفقًا لمحاضر الشرطة والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن عدد حالات جرائم قتل الأزواج زوجاتهم في ٦ أشهر، الذي تجاوز ٥٤ حالة تنوعت وفقاً للدوافع كالتالي:
- 43 واقعة قتل لنساء على يد أزواجهن بسبب «الخلافات الزوجية» يأتي في مقدمتها
- «العوامل المادية- رفض الزوجة العلاقة الحميمة- رفض الزوج عمل الزوجة».
- 7 وقائع قتل لزوجات على يد أزواجهن بسبب إدمان الزوج المخدرات.
- 4 وقائع قتل لنساء على يد أزواجهن بسبب خلافات الطلاق ورفض الزوجة الصلح.
جرائم
خلاف اعتادوا عليه وشجار بات جزءا من يومهما، فقد تعدي عليها بالضرب أكثر من مرة حتى اعتاد على ذلك، دون أن يكترث لطفلتهما الرضيعة التى دائمًا ما تصرخ فزعًا حينما يضرب أمها، وفي ليلة الجريمة قرر اصطحابها إلى زيارة أهله بكفر الدوار، لتخفيف حدة التوتر بينهما، وما إن ركبا السيارة التي ستقلهما إلى بيت أبيه حتى باغتها دون سابق إنذار بـ٤ طعنات قاتلة من سكين قد دسه سلفًا في بنطاله، دون أن يعبأ بصراخ طفلته التي تحملها وقد خضبت بدماء أمها التي تناثرت على جسدها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة.
ذبح وطعن حتى الموات
واقعة مرعبة وصادمة حدثت في البحيرة لزوج قام بذبح زوجته وطعنها حتى الموت في الشارع وأمام المارة، وبدأت وقائعها حينما تلقى مأمور مركز شرطة وادي النطرون، اخطارا بوصول «آية.ح»، 21 سنة، ربة منزل، مقيمة وادي النطرون، مستشفى وادي النطرونالتخصصي جثة هامدة، وتم التحفظ على الجثة بمشرحة المستشفى.
تبين من إجراء التحريات، أن وراء ارتكاب الواقعة «هادي.ع»، 26 سنة، زوج المجنى عليها، على خلفية مشادة كلامية حدثت بينهما، بسبب المشاكل الأسرية.
الغضب الأعمى
الدوافع الأساسية التي تقود بعض الأزواج إلى قتل زوجاتهم يأتي على رأسها الغضب الأعمى المصاحب للارتفاع المضطرد الخلافات الأسرية، وهو مفض عادة إلى ارتكاب الجريمة، وهو ما أكده الدكتور فتحي قناوي، أستاذ علم كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية الاجتماعية، مردفًا بأن الخلطة السحرية وراء جرائم القتل تبدأ عادة بخلاف صغير ولا يتم احتواؤه حتى يتطور ويصل بالعلاقة الزوجية إلى حالة حرجة ترتكب فيها الجرائم.
تشويه صورة المجتمع
وتابع أستاذ علم كشف الجريمة أن هناك فارقا شاسعا بين دوافع قتل الأزواج زوجاتهم مثل التي تتعلق بالإدمان والاضطرابات النفسية والشرف، وبينها وبين الخلافات الأسرية، من حيث عدد الجرائم، والذي يزيد بشكل مضطرد مع تنامي المشاكل المادية والصعوبات الاقتصادية، لافتاً إلى أن تلك الجرائم لها أثر نفسي مدمر على مستوى المجتمع ككل وعلى مستوى الأفراد، فمن تلك الآثار النفسية، ما تفعله من تأثير نفسي عميق على الأطفال الذين يعيشون في بيئة عنيفة، قد تستمر معهم طوال حياتهم، علاوة على أنها تسهم هذه في تشويه صورة الأسرة والمجتمع، وتؤدي إلى فقدان الثقة في العلاقات الإنسانية.
قنوات بث السموم
وأوضح، أنه قد تؤدي هذه الجرائم إلى زيادة معدلات الجريمة بشكل عام، حيث يقلد البعض هذه الأفعال وهو ما تسهم في نشره وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، مشيرًا إلى أن هناك قنوات على «تيك توك» وجروبات على فيسبوك كل هدفها تعكير صفو الزوج بزوجته من خلال بث السموم لإفساد الأسرة من الداخل حتى تصل بهما إلى الجريمة.
حل سحرى وفعال اسمه الوعى
وختم «قناوي» حديثه قائلاً الوعي الديني والأخلاقي بقيمة الأسرة وحسن العشرة هو الفيصل، وهو ما نركز فيه كحل سحري وفعال في تجفيف منابع الجريمة بكل صورها، فلو لم يكن هناك وعي فلا قيمة من حلول أخرى، علاوة على ذلك أن هذه الجرائم تمثل مشكلة مجتمعية معقدة تتطلب معها تضافر جهود جميع أفراد المجتمع للتصدي لها، عبر التوعية التي تمكننا من الحد هذه الجرائم وحماية الأسرة والمجتمع من آثارها المدمرة.