بدأت منذ قليل فعاليات اليوم الثاني من مؤتمر لجنة الكهنة والرعاة لمجلس كنائس مصر والمنعقد بعنوان “رعاة حسب قلبي” (إر 15:3)، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، ويشارك الحضور نحو 130 كاهنًا وقسيسًا يمثلون الكنائس الخمس الأعضاء في المجلس، وذلك مركز لوجوس بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون.
الجدير بالذكر ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أمس الإثنين، المحاضرة الأولى خلال مؤتمر الكهنة والرعاة لمجلس كنائس مصر، تناول فيها موضوع المحبة باعتبارها الفضيلة الأعظم التي تقود الإنسان إلى السماء. وأكد قداسته أن المحبة هي الشيء الوحيد الذي نأخذه معنا في الحياة الأبدية، وأن هذه الحقيقة رغم بساطتها تغيب عن أذهان الكثيرين في هذا العالم المعقد. استند البابا تواضروس في حديثه إلى خبرات القديس بولس الرسول في رسالته الثانية إلى تيموثاوس، مشيرًا إلى أن كل شخص منا هو “تيموثاوس”، يحمل وصايا سامية لحياته الروحية وخدمته.
قدّم قداسة البابا علامات أساسية لضمان علاقة قوية وفعالة بين الراعي والرعية، كان أولها “الإكرارز”، حيث شدد على ضرورة زرع كلمة الله في قلوب الناس وسط مغريات العالم التي تشغل أفكارهم ومشاعرهم. وأوضح قداسته أن العالم يسعى لإبعاد الناس عن مشاعر السماء، مؤكداً على أهمية أن تكون كلمة الله مزروعة في القلب بعمق.
ومن العلامات التي تحدث عنها قداسة البابا كانت “الخلوة”، حيث دعا إلى أن يكون لكل راعٍ وقت خاص به قبل أن يقدم على أي نشاط خارجي. وأكد على أهمية تخصيص وقت للتأمل الشخصي، قائلاً: “اعكف على ذاتك لتسلك بالتدقيق”.
كما أشار قداسته إلى أهمية الانتباه والتروي قبل ارتكاب الأخطاء، مشبهاً الراعي بالنخلة التي تعطي ثمارها دون أن تتأثر بالعوامل الخارجية، وشدد على ضرورة الوعي الروحي المستمر، فالخطية تسبقها دائماً غفلة.
أحد الجوانب الأساسية التي تناولها قداسته كان أهمية الافتقاد، حيث أكد على ضرورة أن يقوم الراعي بزيارة أبنائه بانتظام، ليس فقط من أجل التوجيه، بل أيضًا من أجل إظهار المحبة والرعاية. فالافتقاد يعزز العلاقة الشخصية بين الراعي والرعية ويعكس اهتمام الراعي بكل فرد في الكنيسة.
كما شدد قداسة البابا على أهمية الصلاة كركيزة أساسية في حياة الراعي، مؤكداً أن الصلاة ليست مجرد واجب، بل هي علاقة شخصية مستمرة بين الراعي والله. الصلاة تمنح القوة والحكمة لمواجهة التحديات وتُبقي الراعي متصلًا بروح الفرح والسلام الداخلي.
تحدث قداسة البابا أيضًا عن أهمية تحمل المشقات في الخدمة، مشيرًا إلى أن الخدمة ليست راحة بل هي بذل وعطاء. واستشهد بقول القديس بولس: “من أجلك نُمات كل النهار”، مؤكدًا أن تحمل المشقات هو جزء أساسي من الرسالة الروحية للراعي.
وتابع قداسة البابا قائلاً: “الخدمة ليست عن النتائج بل عن البذل”، داعيًا الرعاة إلى العمل بروح المبشرين، والتركيز على زرع الفرح في قلوب الرعية دون الاهتمام بالنتائج الفورية، وأكد على أهمية القيام بالافتقاد والصلاة والوعظ بروح الفرح والتشجيع والمحبة.
وفي ختام حديثه، شدد قداسة البابا تواضروس على ضرورة إتمام الخدمة بإتقان وشمولية، مشبهاً العلاقة بين الراعي والرعية بعلاقة الأب بأبنائه، التي تقوم على التوجيه بمحبة خالصة، والرعاية الروحية والتوجيه المستمر.
كما أشار قداسته إلى جوانب أخرى ذات أهمية كبيرة في خدمة الراعي، مثل الاهتمام بالفئات المختلفة داخل الكنيسة، وتعزيز التعليم الروحي وتنمية روح التواصل داخل الأسرة الكنسية.