تحت عنوان " تَبَرُع مصر حياة"، وفي يوم السادس من أكتوبر، ذكرى عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف الحادي والخمسين، أُقيم المؤتمر الدولي الأول للتبرع بالأعضاء من حديثي الوفاة. المؤتمر كان تحت رعاية السيد الرئيس، وحضر الحفل الختامي الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء والدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان. وحضر الافتتاح د. عادل عدوي وزير الصحة الأسبق، ورؤساء جامعات وعمداء كليات الطب، ورؤساء الجمعيات الأهلية المختصة بزرع الاعضاء، وعدد كبير من الشخصيات العامة ومن المهتمين بهذا الموضوع الهام.
المؤتمر نظمه مجموعة من الشباب الواعد، وترأسه اثنان من الاساتذة المساعدين العاملين في مركز جراحة الجهاز الهضمي بجامعة المنصورة (د. احمد الصباغ، ود. احمد مروان ). شارك في المؤتمر كل المهتمين بزراعة الأعضاء في مصر، وعلي رأسهم استاذنا الدكتور محمد غنيم رائد زراعة الكلي، ود. محمود المتيني، رائد زراعة الكبد، والعشرات من المتخصصين في مجال زراعة الاعضاء في دول العالم.
في الجلسة الافتتاحية، ألقى الاستاذ الدكتور كريم ابو المجد، رائد زراعة الاعضاء المصري- الامريكي وعضو هيئة التدريس الاسبق بجامعة المنصورة، محاضرة تحت عنوان "زراعة الاعضاء: الماضي والحاضر والمستقبل". جاءت المحاضرة بنداء عاجل إلى كل المصريين، في شكل صرخة لإنقاذ الحياة لآلاف المرضي الذين ينتظرون زراعة الاعضاء. وتساءل أكثر من مرة، ماذا حدث في هذا المجال بعد قرابة نصف قرن من زراعة أول كلي في مصر سنة ١٩٧٦، وأكثر من عقدين علي زراعة الكبد من الأحياء؟ ولماذا تأخرنا في تقنين وتنفيذ مبادرة التبرع بالاعضاء من حديثي الوفاة وهو الاسهل والاقل خطورة؟ وكرر اكثر من مرة، "استيقظي يامصر". لقد تأخرنا كثيرًا وسبقتنا دول كثيرة في المنطقة، لايوجد مانع ديني او اخلاقي او انساني يحول دون انقاذ حياة انسان في احتياج عضو بشري. ولايوجد ضرر علي متوفي، فارق الحياة، من التبرع بأعضائه، والتي ستبلي هي الاخري بعد ساعات قليلة من وفاته. وقال "مصر مؤهلة لأن تكون الدولة الاولي في المنطقة في هذا المجال"، حيث تمتلك كل المؤهلات العلمية واللوجستيه والتعداد السكاني الاكبر، والخبرات الاكثر.
وفي كلمته اكد الدكتور احمد الصباغ، رئيس المؤتمر، ان مصر مؤهلة لأن تبدأ زراعة الاعضاء من حديثي الوفاة ومنذ سنوات طويلة. هناك علي الاقل ٨ مستشفيات جامعية مؤهلة لان تبدأ برنامج زرع الأعضاء من حديثي الوفاة، موزعة على القاهرة الكبري والدلتا والصعيد. وأضاف ان كل الاجراءات اللوجستيه جاهزة، أو يمكن الانتهاء منها في وقت قصير جدا. ولكن المجهود الاكبر، والذي ينقصنا هو التحدث إلى الناس، ينقصنا التوعية والقبول والثقة من المجتمع، في أن زرع الاعضاء من حديثي الوفاة فيه حياه لعدد كبير من الاحياء، وليس فيه اي ضرر للمتوفي.
وكانت تعاليم الاديان السماوية تجاه نقل الاعضاء حاضرة بقوة في هذا المؤتمر، حيث يعتبر الوازع الديني والخوف من الحرام (حسب تفسير البعض) هو العائق الاساسي المتسبب في عدم ممارسة نقل الاعضاء من حديثي الوفاة في مصر حتي الان.
وقد أكد المتحدثون، ان الأديان السماوية لاتمانع من زرع الاعضاء، سواء كانت من الاحياء او من حديثي الوفاة، طالما كان التبرع برغبة المتبرع دون اجبار او تربح، وتحت مراقبة الدولة واجهزتها المعنية.
بقي أن نذكر أن أعضاء متوفي واحد من الممكن أن تمنح الحياة لعدد ثمانية مرضي، (القلب والرئتين والبنكرياس والأمعاء والقرنية والجلد). بينما لايمكن زرع الأعضاء من الأحياء الا للكبد والكلية فقط).
وأخيرًا، لايفوتني إلا أن اشكر فرق زرع الاعضاء بجامعة المنصورة. فريق زراعة الكبد بمركز الجهاز الهضمي (د. محمد عبد الوهاب)، وفريق زراعة الكلي بمركز الكلي والمسالك البولية (د. احمد شقير)، وفريق زرع النخاع الشوكيّ بمركز الأورام، وفريق زرع القرنية بمركز العيون، والتي نستودها من الخارج بالعمله الصعبة.