تقع مقابر كوم الشقافة جنوب حى مينا البصل بالإسكندرية، في المنطقة التي قامت بها قرية راكوتيس، وهو الاسم الذي عرفت به عند الرومان إحياء للاسم الفرعوني القديم للقرية، وتعد مقابر كوم الشقافة من النوع المسمى "كاتا كومب"، الذي انتشر في القرون الثلاثة الأولى الميلادية، وقد أخذت هذه التسمية نظرا للتشابه في التخطيط والبناء بينها وبين مقابر "الكاتا كومب" المسيحية في روما، ويعد اسم "كاتا كومب" اصطلاحًا يُطلق على المقابر المحفورة تحت الأرض.
جبانة "الكاتا كومب" الجبانة الرئيسية بمنطقة كوم الشقافة، وتحتوى سلسلة من المقابر والتماثيل والزخارف التي تنتمى للثقافة اليونانية والرومانية والفرعونية، وجاء استخدام الطابع الفرعوني بقصد التقرب من الثقافة المصرية، ولكنها ظلت بالأساس تحمل خصائص الفن الروماني، وسميت كوم الشقافة بهذا الاسم نظرًا لكثرة البقايا الفخارية بها والتي كان يتركها زوارها قديمًا، إلا أنها ظلت لزمن طويل مكانا مهملا للنفايات .
بدأ التنقيب فى هذا المكان عام 1892م ولم يتم العثور على المقبرة إلا فى العام 1900م، واكتشاف المقبرة جاء نتيجة واقعة مدهشة، حيث سقط حمار عن طريق الصدفة في الفتحة الرئيسية للمقبرة على عمق 12 متر لتبدأ الحفائر واكتشاف هذا الأثر الفريد .
يعود تاريخ المقابر للفترة من آواخر القرن الأول وحتى منتصف القرن الثاني الميلادي، وتؤكد الدلائل الأثرية أن المقبرة لم يتم تدشينها دفعة واحدة، بل تعرضت لبعض التوسعات لاحقا، وظلت تستعمل حتى القرن الرابع الميلادي .
تخطيط الجبانة وتشعب مقابرها بالإضافة للزخارف تؤكد أنها في البداية كانت تخص إحدى العائلات الثرية، إلا أنها استخدمت لاحقا لدفن العديد من العائلات بعد توسعتها وإضافة حجرات ذات طوابع أربعة، وهو ما يُميز هذه الجبانة عن مثيلاتها من المقابر الرومانية في كل العالم، حيث لا يوجد هذا النمط الفريد الخاص بتعدد الطوابق إلا بها .
يتوسط المقبرة سلم حلزوني، يدور حول بئر اسطواني قطره ستة أمتار ويصل عمقه لعشرة أمتار، تحيط به السراديب المنحوتة في الصخر والتي تستخدم في الدفن بالإضافة للعديد من الجداريات المزخرفة بنحت بارز وألوان زاهية .
تضم منطقة كوم الشقافة أيضا بعض المقابر المنقولة إليها من أماكن مختلفة بالأسكندرية، والتي تم نقلها وإعادة بنائها في الفناء المكشوف للمنطقة، منها مقبرة شارع تيجران، التي عثر عليها أثناء بناء إحدى العمارات في منطقة كليوباترا، وكانت في حالة سيئة جدا، ليتم نقلها وإعادة بنائها بكوم الشقافة، وأيضا مقبرة سلفاجو التي تنسب لسلفجاو اليوناني الجنسية، وكذلك مقبرة الورديان التي تعود لعام 300 ق .م، وهي جزء من مقابر جبانة الورديان .
وتُعد منطقة كوم الشقافة أحد المقاصد السياحية الكبرى في محافظة الإسكندرية لكل المهتمين بالتاريخ المصري العريق من المصريين والأجانب.