أثار إعلان إعادة تقديم مسرحية «الملك لير» للفنان يحيى الفخرانى على خشبة المسرح القومى جدلا كبيرا فى الأوساط المسرحية.
المسرحية التى أخرجها سابقا أحمد عبد الحليم فى العام 2001 وحققت نجاحا كبيرا، تعود هذه المرة برؤية المخرج شادى سرور، تساؤلات كثيرة يطرحها نقاد ومخرجين وفنانين المسرح حول تلك المسرحية وإعادة تقديمها مرة أخرى للجمهور، فهل ستلقى نفس النجاح السابق أم أن لكل عصر حكاية؟
وفى السطور التالية نستعرض أراء المسرحيين حول العمل، ومدى مقارنته بما سبق، هل العرض الحالى هو دليل على فقر الأفكار أم تطوير لرؤية إخراجية قديمة ما بين مؤيد ومعارض فى إعادة تقديم العرض؟ هنا نحاول البحث عن مدى قابلية تقديم ذلك العمل فى الوقت الحالى.
محمود جمال: إعادة إخراج المسرحية للمرة الثالثة يقلل من قيمة التجربة الأولى
قال الكاتب المسرحي محمود جمال حدينى: أعتقد أن إعادة تقديم مسرحية «الملك لير» على خشبة المسرح القومى بإخراجها الأصلى للمخرج الراحل أحمد عبدالحليم كان سيكون خطوة عظيمة، وذلك كان سيمثل تقديرا لتجربة الملك لير القديمة، التى استمر عرضها لمدة عشر سنوات متقطعة وحققت نجاحا كبيرا، كما كان من الممكن أن يشكل تكريما لأبطال تلك التجربة، سواء الراحلين منهم أو الأحياء، حتى لو تم استبدالهم، وهو ما يحدث فى العالم ويكون له أثر عظيم، يمكن أيضا تنظيم احتفال يومى لتكريمهم.
وتابع: لكن إعادة تقديم المسرحية هذه المرة مع الأستاذ يحيى الفخرانى، وبإخراج جديد للمبدع شادى سرور «للمرة الثالثة بعد إخراجها سابقا من صديقي المبدع تامر كرم» يقلل من قيمة التجربة الأولى، هذا يعرض المسرحية وكأنها عمل يرتبط فقط باسم يحيى الفخرانى، بغض النظر عن اسم المخرج الحالى وما يقدمه من إبداع، بالطبع كل الاحترام لتاريخ الأستاذ يحيى الفخرانى ونجوميته، لكن هناك أيضا تاريخ حافل لمخرجين وممثلين كبار يجب أن يقدر.
رشا عبد المنعم: الفخرانى يميل لاستخدام استراتيجيات لجذب الجمهور على حساب المعنى والعمق المسرحى
قالت الكاتبة المسرحية رشا عبد المنعم: "لم أحب أبدا أداء يحيى الفخرانى فى مسرحية الملك لير، ولم يثر إعجابى، وما زلت أذكر انبهارى بأداء أشرف عبدالغفور في مواجهته له، أرى أن مسرحية الملك لير فقدت الكثير من عمقها بسبب الميلودراما التى تميز بها أداء يحيى الفخرانى، وأستغرب ممن يدافعون عن فكرة احتكار ممثل لدور معين، وكأنه أمر طبيعي أن يعيد نفس الدور كل بضعة أعوام بمخرج جديد، لكن فى نفس الإطار الميلودرامى الذي يفضله، وكأن الشخصية او حتى شكسبير والمخرج والمسرح أصبحوا ملكا له.
وتابعت: على سبيل المثال أشرف عبد الغفور أبهرنى فى تجسيده لشخصية هنرى الثامن لبيراندللو، وممثل مسرحى حقيقى، يدرك تماما ما يعنيه المسرح، وما تعنيه التراجيديا، وكيف يمكن اللعب على الخشبة فى مساحة بين العقل والجنون، أما يحيى الفخرانى، رغم إعجابى بأدائه فى السينما والدراما التلفزيونية، إلا أنه أضعف كممثل مسرحى، حيث يميل إلى استخدام استراتيجيات لجذب الجمهور على حساب المعنى والعمق المسرحى.
طارق الشناوى: ليس من حق صحفى أو فنان أو ناقد أن ينصح الفخرانى بالوقوف أو عدمه مجددًا على المسرح
وقال الناقد الفني طارق الشناوى: إنه ليس من حق أحد صحفى أو ناقد أو فنان أن ينصح الفنان يحيى الفخرانى بأن يقف أو لا يقف مجددا على خشبة المسرح.
وتابع: الفخرانى نصف قرن من الإبداع والتألق، وعندما يقرر إعادة مسرحية «الملك لير»، فهو مؤكد ويدرك أنه قادر على الوقوف على خشبة المسرح وجدانيا وجسديا، انتظروا العرض وبعدها من حقنا جميعا أن ندلى برأينا سلبا ام ايجابا، مؤكدا أن يحيى الفخرانى أحد أهم أيقونات فن التمثيل فى عالمنا العربى، تلك حقيقة لا تقبل الجدل فقط نتحلى بالصبر وننتظر العرض.
من جهتها قالت الدكتورة سامية حبيب، أستاذ الدراما والنقد بالمعهد العالى للفنون المسرحية بأكاديمية الفنون، إنه حول مسألة إعادة انتاج مسرحية «الملك لير» من تمثيل يحيى الفخرانى، وإخراج أستاذنا أحمد عبدالحليم او برؤية إخراجية جديدة من سمات الأوقات الاستثنائية فى المجتمعات، الاستسهال والاختزال والاجترار المعرفى ويحيى الفخرانى ممثل له قيمة كبيرة فى السينما أحيانا وله نجاحات كبيرة فى التليفزيون، لكن فى المسرح فالمسألة عليها علامات استفهام من ناحية قدراته الصوتية وتكوينه الجسدي، بالإضافة إلى المسألة العمرية متعه الله بالصحة والعافية، لكن الحقيقة أن الفخرانى دأب على ذلك فى المسرح وقد فعل ذلك فى مسرحية «ليلة من ألف ليلة» التى قدمها عدة مرات مع المخرج الراحل محسن حلمى فى المسرح القومى، وأعاد تقديمها مع مخرج آخر وتم افتتاحها فى مكتبة الإسكندرية بأسعار تذاكر مبالغ فيها جدا ثم انتقلت المسرحية بعد ذلك لمسرح استثمارى فى التجمع الخامس.
وتابعت: إذن المال يلعب دورا أساسيا هنا، فلماذا لا يجرب الفخراني القطاع الخاص وأن يترك ميزانية الدولة لما خصصت من اجله؟ أننى أحب أن أرى الفخرانى كممثل له قيمته الفنية فى موضعه اللائق وكثيرون مثلى يحبون ذلك ولا شك لكن علينا أن نقر أنه لا يمتلك سوى ضمير فنى واحد وعليه أن يوظفه مع مخرج واحد بمعنى أنه لن يكون فهو غير قادرا على تقديم ذات الشخصية المسرحية بأساليب مختلفة مع مخرجين كثر مهما كانت قدراته الفنية، أما التعامل مع الدور المسرحى باعتباره عملا مسجلا باسمه، فهذا يعنى أنه لا يوجد سوى لير واحد وتعود حقوق ملكيته للفخرانى، فالحقيقة أن مصر رغم كل ما تمر به ما زالت تعج بالمواهب وهى قادرة على إنتاجها بشكل يومى ولن تعقم أبدا بشرط عدم سد الطريق أمام أولادها.
فايزة هنداوي: يحق للفنان يحيى الفخرانى عمل "الملك لير" عشرين مرة
بدورها قالت الناقدة فايزة هنداوى، إنه من حق يحيى الفخرانى عمل "الملك لير" عشرين مرة، ومن حق اى حد غيره يعملها فى أى وقت، فهو لم يمنع أحد أن يعملها، ودائما الحكم بعد المشاهدة.
وليد يوسف: العمل ناجح بكل المقاييس وإصرار الفخرانى على تقديمه أمر يحسب له
وقال السيناريست وليد يوسف، إن الدكتور يحيى الفخرانى، أطال الله فى عمره ومنحه الصحة، يعد من آخر العمالقة الذين تركوا بصمة فى تاريخ الفن، نشعر بالحزن مع مرور عام دون أن يقدم لنا عملا نستمتع به، لكنه دائما يبحث عن العمل المميز الذي يليق باسمه وتاريخه، وهو أمر لا يتوفر بسهولة.
وتابع: أما عشقه لدور الملك لير وإصراره على تقديمه، فهو أمر يحسب له، هذا العمل ناجح بكل المقاييس، ورغم توفره على المنصات واليوتيوب، إلا أن المسرح يظل مكتمل العدد في كل عرض، وهو دليل على شعبيته الكبيرة، فالمبدع الكبير يحيى الفخرانى، استمر فى تقديم ما تحب، فمعجبيك كثيرين، أطال الله فى عمرك وعمر إبداعك، فكلما تقدم الدكتور يحيى في العمر، أصبح دوره في «الملك لير» أكثر ملاءمة من الناحية الدرامية.
اهتمام كبير.. خالد جلال: العودة تعد قوة دافعة لزيادة الحراك المسرحى فى مصر
أكد المخرج خالد جلال رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافى والقائم بأعمال رئيس البيت الفنى للمسرح، إن وزارة الثقافة تولى اهتماما كبيرا بعودة القامات الكبيرة المسرحية للوقف على خشبة مسارح الدولة، لما يعد المسرح أحد أذرع القوة الناعمة لبناء المواطن المصرى.
وأضاف جلال، أن عودة النجم يحيى الفخرانى للوقوف على خشبة المسرح القومى، تمثل عودة قامات المسرح المصرى العريق لتقديم كلاسيكيات المسرح العالمى على خشبة المسرح القومى، الذى يعد أعرق مسارح مصر والعالم العربى، مشيرا إلى أن هذه العودة تعد قوة دافعة بشكل عام لزيادة الحراك الفنى المسرحى فى مصر.
ويعود من جديد النجم يحيى الفخرانى إلى المسرح بعرض «الملك لير» إحدى روائع الكاتب وليم شكسبير، على المسرح القومى التابع للبيت الفنى للمسرح، والعرض من إنتاج فرقة المسرح القومى برئاسة الدكتور أيمن الشيوى، ومن إخراج الفنان شادى سرور، وقد بدأت البروفات بالفعل خلال اليومين الماضيين بالمسرح القومى، بحضور فريق العمل ومدير فرقة المسرح القومى.
وزير الثقافة: العمل يجرى لوضع آلية لتوثيق وتسويق العروض المتميزة بمسارح الدولة
وقد حرص الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة، على حضور بروفات العرض المسرحى «الملك لير»، والذى يشهد عودة النجم يحيى الفخرانى لخشبة المسرح القومى، وذلك فى حضور المخرج خالد جلال، رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافى، والقائم بأعمال رئيس البيت الفنى للمسرح، والدكتور أيمن الشيوى، مدير فرقة المسرح القومى، والفنان طارق الدسوقى، وأبطال العرض.
ورحب وزير الثقافة، بالفنان يحيى الفخرانى، بطل العرض قائلا: «أهلا بك في بيتك الكبير - وزارة الثقافة - وداخل هذا الصرح العريق المسرح القومى، الذي شهد تألق قامات ورموز فنية أثرت واقعنا الفني عبر عقود مديدة»، فكم نحن متحمسون لدعم وتشجيع المزيد من هذه المشاريع الفنية، التى تعزز ثقافتنا، وتفتح أبواب النقاش والتفاعل الجاد.
وقال وزير الثقافة، إن العمل يجرى لوضع آلية لتوثيق العروض المسرحية المتميزة بمسارح الدولة، بأحدث التقنيات، والعمل على تسويقها، وعرضها عبر الوسائط المختلفة سواء التليفزيونية او عبر التطبيقات الإلكترونية، لتحقيق المزيد من التأثير الإيجابي لفن المسرح لصالح قضايانا المجتمعية.
وأضاف الوزير، أن أهمية فن المسرح كأداة فعالة في نشر التنوير وتعزيز الوعى الثقافى باعتباره أحد المنابر المهمة والملهمة لتقديم المعالجات المحاربة للأفكار المتطرفة الهدامة، وآلية حيوية لإذكاء الوعى بأهمية مواجهة التحديات الاجتماعية المعاصرة، فمن خلال أعمال مثل «الملك لير»، نستطيع أن نفتح النقاش حول موضوعات اجتماعية مهمة من شأنها الارتقاء بواقع ومستقبل العلاقات الإنسانية فى مجتمعاتنا.
وأبدى وزير الثقافة، إعجابه، بالاحترافية التى ظهر بها طاقم العمل خلال البروفات، متمنيا لهم النجاح والتوفيق فى مساعيهم الفنية الهادفة لتقديم الأعمال المسرحية الكلاسيكية، كما ثمن وزير الثقافة جهود القائمين على العرض المسرح القومى.
وأعرب الفنان يحيى الفخرانى، وأبطال وفريق العمل، عن سعادتهم بحرص وزير الثقافة على حضور البروفات، مؤكدين أن ذلك يجسد إيمانا راسخا بقيمة الفن والإبداع فى الارتقاء بذائقة المجتمعات، وإعلاء القيم الإيجابية الإنسانية المنشودة.
الملك لير على خشبة المسرح القومي في ديسمبر 2024
والعرض المسرحى «الملك لير» الذى تقام بروفاته حاليا، ومن إنتاج فرقة المسرح القومى، برئاسة الدكتور أيمن الشيوى، وإخراج شادي سرور، ومن المتوقع أن يعرض خلال ديسمبر 2024.
يشار إلى أن مسرحية «الملك لير» قدمت من قبل على خشبة المسرح القومى فى العام 2001 للمخرج أحمد عبدالحليم، ومن تأليف ويليام شكسبير، وترجمة فاطمة موسى.
ومن بطولة الفنانين: يحيى الفخرانى، أشرف عبدالغفور، ريهام عبدالغفور، أحمد عبدالحليم، أحمد سلامة، سلوى محمد على، رشدى الشامى، وآخرون.
في العام 2019 أعيد تقديمها مرة أخرى على خشبة مسرح كايرو شو، من بطولة الفنان يحيى الفخرانى، أحمد فؤاد سليم، رانيا فريد شوقى، ريهام عبدالغفور، هبة مجدى، مجدي كامل، نضال الشافعى، أحمد عزمى، وأحمد فهيم، أيمن الشيوى، وناصر سيف، وحمادة شوشة، وإخراج تامر كرم.
وهذا العام يشارك بطولتها الفنانين: يحيى الفخرانى، أيمن الشيوى، طارق الدسوقى، سهر الصايغ، علاء قوقة، عابد عنابى، وآخرون.