تزخر صفحات البطولة التى سطرها المقاتل المصرى فى حرب 1973 بالعديد من القصص التى تلهم الأجيال، لتظل مصدر فخر للأمة، فحكايات الفداء والتضحية لأبطال القوات المسلحة يتغنى بها الجميع، وكلمات الثناء والشكر لا تكفيهم. فهم خير أجناد الأرض، وهم من ضحوا بالغالى والنفيس من أجل وطنهم، أبطال لا يهابون الموت، ويرفعون شعار النصر أو الشهادة، أما الهزيمة فلا تعرف لهم طريقًا، وهذا هو حال العسكرية المصرية التى أثبتت، وما زالت أن وطنيتها وولاءها للشعب فى المواقف المصيرية، وأكدت القوات المسلحة صلابتها واستعدادها القتالى فى مواجهة الأحداث الداخلية والمؤامرات الخارجية.
وتحتفل مصر هذا الشهر بمرور 51 عامًا على انتصارات السادس من أكتوبر، الذكرى الغالية على قلوب المصريين، ذكرى الانتصار العظيم الذى سيظل محفورًا فى وجدان كل مصرى، ليدعونا للفخر بالعسكرية المصرية التى رفعت أعلام النصر، وأنجزت بالإيمان والقوة والروح أسمى عمل عسكرى فى تاريخ مصر والأمة العربية.
وفى هذه الذكرى الغالية، تعرض «البوابة» نماذج لأبطال مصر لا يعرفهم الكثيرون، ولم يسمعوا أو يقرأوا عنهم كثيرًا، ونلقى الضوء عليهم، لنؤكد أن أبطال مصر فى العقل والقلب والوجدان، ومنهم البطل الشهيد طيار على محمد على بية، نسر فى سماء نصر اكتوبر يحقق الأمجاد "كبد العدو خسائر فادحة فى الطلعات الجوية.
قصة بطل من أبطال أكتوبر سطر اسمه بحروف من ذهب فى الوجدان مع أبطال كانت تضحياتهم فخر للجميع، الشهيد طيار محمد على بية، الذى سطر أسمى معانى الشرف والبطولة مع أبطال تزخر السجلات العسكرية بأسمائهم وبطولاتهم وقصص استشهادهم، ودمائهم التى ارتوت منها أرض الفيروز لتطهير تراب وطننا الغالى من العدو الصهيونى فكان الشهيد الطيار محمد على بيه نسر من نسور الجو فى سماء انتصارات أكتوبر فكان لاستشهاده قصة.
تؤكد الإصرار والعزيمة التى يتمتع بها المقاتل المصرى، لنيل واحدة من الاثنين، إما النصر وإما الشهادة، فالطيار المقاتل محمد على بيه الذى ولد فى شهر ديسمبر ١٩٤٦، هو ابن قرية أولاد الشيخ على، إحدى قرى مركز مطاى شمال محافظة المنيا وتخرج فى الكلية الجوية عام ١٩٧٠، وبعد تخرجه مباشرة عمل فى تدريب القوات الجوية وتزوج وأنجب طفلين شارك فى حرب اكتوبر بكل فخر وشجاعة وسطرت بطولاته سجلات التاريخ فقد كان من أبطال الضربة الجوية التى كلفت العدو خسائر فادحة وكانت مفتاح النصر.
وقال أحد أهالى قريته إنه كان يتمنى الشهادة ولوطنه العزة والكرامة وكان واحدا من رجال القوات المسلحة البواسل الذين ساقهم القدر للاحتشاد فى الصفوف الأمامية للجبهة، والمشاركة فى الضربة الأولى الخاطفة والمفاجئة لشل حركة العدو على طول الجبهة ومنعه من التنفس وقطع الإمدادات عن جنوده فى سيناء الغالية ويروى عن قصة استشهاده أن الشهيد انطلق هو ورفاقه لتنفيذ المهام المكلفين بها، وعندما أصبحوا فوق الهدف تمامًا، أطلق الشهيد صواريخ طائرته مفجرًا مواقع وأهدافا للدفاع الجوى الإسرائيلية.
قام الشهيد بالتحليق والدوران حول الهدف بجانب البحث عن أى أهداف أخرى لم تصبها الصواريخ، إلا أنه وفى الدورة الثالثة له، أطلق العدو صاروخ مضاد للطائرات، تحطمت بسببه طائرته وانفجرت فى الهواء وصعدت روح الشهيد لخالقها.
بعد تكبيد إسرائيل خسائر فادحة فى الحرب المجيدة حكى أحد أبناء قريته أن زملاءه قالوا لهم إن الشهيد بعد أن رجع من الضربة الجوية التى قام بها مع زملاوه وأحدثوا خسائر فادحة للجيش الإسرائيلى عاد سالما وبعدها كان لزميله الدور فى الطلعة القادمة ولكن حدث لزميله بعض الإعياء وخرج للمرة الثانية الطيار "على محمد على بية" وهو صائم ولبى نداء الحرية والعزة والكرامة بكل فرحة وخرج بمكان زميله ليقوم بالطلعة الجوية وضرب معاقل وأهدافا اسرائيلية واستشهد هو ورفاقه بعدما كبد العدو الإسرائيلى خسائر فادحة حتى أصابت طائرته إحدى صواريخ العدو ليقتطف روحه الطاهرة وترتفع إلى السماء هو ورفاقه بعدما أدوا واجبهم الوطنى وأعادوا النصر لمصر.
وكرمت الدولة الشهيد "على محمد على بيه" بإطلاق اسمه فى عام ٢٠١٢ على المدرسة الابتدائية وظل رمزا من رموز انتصارات أكتوبر تاريخا محفورا فى ذاكرة المصريين، ومبعث فخر واعتزاز، وبطولات تتوارثها الأجيال، للتعرف على عبقرية الجندى المصرى، الذى لقن العدو درسًا لن ينساه فى فنون القتال والتخطيط، وحرروا الأرض واستعادوا الكرامة، وما زالت حرب ١٩٧٣ تحمل الكثير من الأسرار والبطولات التى قدمها رجال القوات المسلحة والشعب المصرى.