في ظل تزايد التحديات التي تواجه قطاع الكهرباء في مصر، أبرزها ارتفاع الفاقد في الشبكة الموحدة وانتشار حالات سرقة التيار الكهربائي، كثفت الدولة جهودها للحد من هذه الظواهر التي تؤثر سلبًا على كفاءة الطاقة واستقرار الخدمة تعمل وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة على وضع خطط عاجلة وبرامج متطورة لشركات التوزيع لمواجهة هذه المشكلات ويأتي ذلك في إطار حرص الوزارة على تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وتعزيز الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والشبكات الذكية، بما يساهم في تحقيق استقرار واستدامة القطاع الكهربائي في البلاد.
وفي الآونة الأخيرة، أصبحت قضية سرقة الكهرباء محور اهتمام وسائل الإعلام، خاصة مع تكثيف جهود الدولة لمواجهة مشكلة الفاقد المرتفع في شبكة الكهرباء الموحدة وقد وضعت وزارة الكهرباء خطة عاجلة وبرامج شاملة لجميع شركات التوزيع على مستوى الجمهورية بهدف الحد من هذا الفاقد ومكافحة سرقة الكهرباء بجميع أشكالها وتزامن مع هذه الجهود تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين وتطوير شبكات الكهرباء.
وتدرس وزارة الكهرباء إمكانية التعاون مع شركات القطاع الخاص لتعزيز مراقبة استهلاك الكهرباء وفي إطار هذا التوجه، اجتمع وزير الكهرباء، الدكتور محمود عصمت، مع ممثلين من شركة "هواوي" الصينية لمناقشة إنشاء شبكة كهرباء قوية ومرنة تساهم في تحسين التغذية الكهربائية. كما تم استعراض وتقييم تجربة الشركة الصينية في إدارة الاستهلاك وتقليل الفاقد في إحدى شركات توزيع الكهرباء.
من جانبه، شدد الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، على أهمية اتخاذ كل التدابير اللازمة للتصدي للتعديات على التيار الكهربائي، مؤكدًا أن مكافحة سرقة الكهرباء جزء أساسي من خطة الوزارة لتحسين مستوى الخدمات.
وأشار الوزير إلى الجهود المستمرة لتحقيق استقرار الشبكة الموحدة وتعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، إلى جانب تحسين كفاءة التشغيل.
وأكد أن الوزارة تعمل على تطوير الشبكة الكهربائية وتحويلها تدريجيًا إلى شبكة ذكية، وهو ما سيساعد على استيعاب القدرات المتزايدة لتوليد الكهرباء، ويضمن توفير خدمة مستقرة وفعالة للمستهلكين.
يعد قانون الكهرباء رقم 87 لسنة 2015 أحد التشريعات الهامة التي تهدف إلى تنظيم قطاع الكهرباء في مصر، وضمان حماية المرافق العامة المرتبطة بإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء جاء القانون لمواجهة التحديات المتزايدة التي يشهدها هذا القطاع الحيوي، خاصة فيما يتعلق بظاهرة سرقة التيار الكهربائي والتلاعب بالمعدات والمنشآت الكهربائية من خلال فرض عقوبات صارمة، ويسعى القانون إلى ردع المخالفين والحفاظ على استقرار الخدمات الكهربائية وضمان استخدامها بشكل قانوني وآمن، بما يساهم في حماية الاقتصاد الوطني وتوفير الطاقة للجميع بشكل عادل.
تطبيق العدادات الذكية
وفي هذا السياق أوضح الدكتور سامح نعمان، الأستاذ بكلية الهندسة وخبير الطاقة المتجددة، أن سرقة التيار الكهربائي تعد جريمة محظورة في جميع دول العالم، مشددًا على خطورتها وضرورة مواجهتها بحزم وأشاد نعمان بالقرارات الحكومية الأخيرة، وخاصة تلك المتعلقة بإلغاء الدعم التمويني عن المخالفين، معتبرًا ذلك خطوة إيجابية ضمن مجموعة من الإجراءات المتخذة لمكافحة هذه الظاهرة.
وأضاف نعمان، لابد من فرض غرامات على سارقي الكهرباء تشمل الدفع بأثر رجعي، بالإضافة إلى الغرامة المالية، مشيرًا إلى أن من يسرق الكهرباء هو "لص" ويجب أن يتحمل عواقب فعلته، مؤكدًا أن العقوبات المفروضة عليهم ليست ظلماً بل استحقاقًا.
وأكد نعمان، على أهمية تطبيق العدادات الذكية في جميع المنازل والمؤسسات، موضحًا أن ذلك سيسهل كثيرًا في اكتشاف سرقات التيار الكهربائي ويحد من انتشارها بشكل كبير.
الحبس والغرامة
وفي نفس السياق يقول ايمن محفوظ المحامي والخبير القانوني، يعاقب القانون المصري كل من يحاول سرقة التيار الكهربائي بالحبس والغرامة، ويشترط لضمان صحة محضر السرقة اتباع مجموعة من الإجراءات الدقيقة التي حددها جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك.
وتابع محفوظ في تصريحاتة لـ "البوابة نيوز"، يجب أن يتم الضبط بوجود مندوب من الشرطة وفني من شركة توزيع الكهرباء على الأقل، مع إثبات أسمائهم في تقرير الضبط. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتم الضبط في حضور المنتفع أو أحد أقاربه أو أتباعه، مع إثبات هوياتهم بشكل دقيق في التقرير، ويجب تصوير واقعة الضبط باستخدام كاميرا تسجل التاريخ والوقت، والتي تكون في عهدة الفني التابع للشركة، لتوثيق الحالة الظاهرية للعداد والطريقة التي تم بها سرقة التيار الكهربائي. ويجب أن يحتوي التقرير على وصف دقيق ومفصل للواقعة والطريقة المستخدمة في السرقة.
وتابع محفوظ، يجب تسجيل وحصر جميع الأجهزة الكهربائية الموجودة لدى المنتفع وقت الضبط وتحديد استهلاك كل جهاز، للتأكد من دقة المخالفة وتوثيقها.
وأضاف محفوظ، فيما يتعلق بالعقوبات، يعاقب القانون بالحبس لمدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 10,000 جنيه ولا تزيد على 100,000 جنيه أو بإحدى العقوبتين لكل من استولى على التيار الكهربائي بغير حق. يُلزم السارق أيضًا بسداد قيمة التيار المسروق، بالإضافة إلى غرامة تعادل ضعف قيمة التيار المسروق لمدة تصل إلى 12 شهرًا. في حالة تكرار السرقة، تزداد العقوبة لتشمل الحبس لمدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 20,000 جنيه ولا تزيد على 200,000 جنيه، مع إلزام المحكوم عليه برد مثلي قيمة استهلاك التيار المسروق.