لعب المسرح دورًا محوريًا في توثيق نصر أكتوبر المجيد، إذ قدم رؤية فنية عميقة تروي قصة الانتصار من زوايا متعددة. من خلال الأعمال المسرحية، تم تسليط الضوء على الشجاعة والتضحية التي أظهرها الجنود المصريون، وتجلت روح الوحدة والعزيمة في مواجهة التحديات. المسرح، بقدرته على الدمج بين الدراما والتعبير البصري والموسيقي، أصبح أداة هامة في نقل أحداث حرب أكتوبر للأجيال الجديدة، مما يساهم في إبقاء ذكرى هذا النصر حيّة في نفوس المصريين، ويؤكد على أهمية الإرادة والتكاتف لتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى.
كانت ملحمة العبور حافزًا لتقديم العديد المسرحيات الوطنية
نجح الجندي المصري، بدعم كامل من كافة أطياف الشعب، في تحقيق معجزة تحويل هزيمة نكسة 1967 إلى نصر تاريخي في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973. كانت ملحمة العبور بأحداثها البطولية حافزًا لتقديم العديد من العروض المسرحية الوطنية التي تناولت قضية "الصراع العربي الصهيوني" واستعادة الكرامة والعزة العربية.
فرقة "المسرح القومي" أسهمت في تقديم أعمال بارزة منها: "أقوى من الزمن" تأليف يوسف السباعي، وإخراج نبيل الألفي، و"صلاح الدين" تأليف محمود شعبان، وإخراج كمال حسين، و"حدث في أكتوبر" تأليف إسماعيل العادلي، وإخراج كرم مطاوع، و"حبيبتي شامينا" تأليف رشاد رشدي، وإخراج سمير العصفوري، و"سقوط خط بارليف" تأليف هارون هاشم رشيد، وإخراج سناء شافع في العام 1974، و"النسر الأحمر" تأليف عبدالرحمن الشرقاوي، وإخراج كرم مطاوع عام 1975، و"باب الفتوح" تأليف محمود دياب، وإخراج سعد أردش عام 1976.
كذلك، قدمت فرقة "المسرح الحديث" عروضًا وطنية مميزة مثل: "مدد مدد شدي حيلك يا بلد" تأليف زكي عمر، وإخراج عبدالغفار عودة، و"رأس العش" تأليف سعد الدين وهبة، وإخراج سعد أردش، و"العمر لحظة" تأليف يوسف السباعي، وإخراج أحمد عبد الحليم، و"الحب والحرب" تأليف شوقي خميس، وإخراج عبدالغفار عودة.
فرقة "مسرح الطليعة" لم تكن بعيدة عن هذا التوجه، فقد قدمت عروضًا مهمة مثل "القرار" تأليف سعيد عبدالغني، وإخراج مجدي مجاهد، و"جبل المغناطيس" تأليف سعيد عبدالغني، وإخراج فهمي الخولي، و"حراس الحياة" تأليف محمد الشناوي، وإخراج أحمد عبدالحليم.
من جهة أخرى، قدم "قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية" مسرحيات غنائية منها: "حبيبتي يا مصر" تأليف سعد الدين وهبة، وإخراج سعد أردش، و"الحرب والسلام" تأليف يوسف السباعي، وإخراج محمود رضا ومحمد صبحي، و"مصر بلدنا" تأليف حسام حازم، وإخراج أحمد زكي عام 1978م، و"نوار الخير" تأليف توفيق الحكيم ونجيب محفوظ، وإخراج حسن عبدالسلام عام 1979م.
هذه الأعمال المسرحية لم تكن مجرد عروض، بل كانت تجسيدًا حيًا لروح نصر أكتوبر المجيد 1973م واستعادة الكرامة، حيث استطاع المبدعون المسرحيون تحويل أحداث الحرب إلى أعمال فنية ملهمة ترسخ في ذاكرة الأمة.
ومع ذلك، وبمرور الزمن، تراجعت الحركة المسرحية بفعل الظروف الاقتصادية والتغيرات الاجتماعية، حيث تحولت بعض المسارح إلى أماكن مهجورة أو تجارية، ولم يعد المسرح يؤدي دوره الريادي في نشر الوعي والتنوير كما كان في تلك الفترة الذهبية.