جوزك هيتجوز عليكى لو مخلفتيش.. كلمات باتت كالسكاكيين بقلب فتاة بعدما علمت بفشلها فى الإنجاب. قصة اليوم كانت ضحيتها فتاة بات حلم الأمومة يراودها من صغرها، ولكنها حينما كبرت اصطدمت بالواقع وعلمت أن الحلم بات مستحيلاً.
ففى إحدى القرى الهادئة بمدينة طوخ التابعة لمحافظة القليوبية التى تغمرها الشمس كل صباح وتهمس فيها الرياح أسرار الحياة، كانت تعيش فتاة تحمل فى قلبها كل الأحلام التى تحملها أى فتاة، لكنها كانت تتميز بحلم واحد خاص بها أن تكون أمًا.
كانت تحلم أن تحمل طفلها بين ذراعيها، تسهر على راحته، وتسمع كلماته الأولى.
بالنسبة لتلك الفتاة، كان حلم الأمومة أكثر من مجرد أمنية، كان جزءًا من هويتها.
تزوجت الفتاة من رجل كان يحبها بصدق، واعتقدت أن هذا هو الفصل الأول من قصتها الجميلة. لكنها لم تكن تعلم أن القدر كان يخفى لها تحديات أكبر مما تصورت.
مرت الشهور، ثم السنوات، ولم تحمل، حاولت مع زوجها كل شيء، زيارات الأطباء، الأدوية، الدعاء، وكل شيء كان ينتهى بنفس النتيجة، وهو استحالة الإنجاب.
فى البداية، كان الناس من حولها يتعاملون بلطف، يواسونها ويشجعونها. لكن مع مرور الوقت، اصطدمت بالواقع الأليم عندما تغيرت الهمسات إلى تساؤلات، والأسئلة إلى اتهامات. "مخلفتيش ليه لحد دلوقتى؟" "جوزك هيتجوز عليكى بسبب عدم الخلفة" تلك العبارات كانت كسكاكين تغرز فى قلبها يومًا بعد يوم.
حاولت الفتاة أن تكون قوية، لكنها كانت تشعر بالعجز، كانت ترى الأطفال فى الشوارع، تسمع ضحكاتهم، وتشعر بغصة فى صدرها. كأن العالم كله يذكرها بشيء لا يمكنها الحصول عليه، شيء كانت تظن أنه حق طبيعى لأى امرأة.
أما فى بيتها، فقد بدأ زوجها، الذى كان يحبها يومًا، يشعر بالإحباط. رغم أنه لم يقل ذلك مباشرة، لكنها كانت ترى الخيبة فى عينيه كلما تحدثا عن المستقبل، كلما زاد الضغط، كلما انغلقت الفتاة على نفسها أكثر، شعرت بالوحدة حتى وهى محاطة بالناس.
وفى يوم من الأيام، كان الألم الذى تحمله فى قلبها أكبر من أن تتحمله. دخلت غرفتها، وأغلقت الباب خلفها بهدوء، نظرت حولها، تفكر فى كل تلك الأحلام التى انهارت، وكل الكلمات التى لم تقلها لأحد. شعرت بأنها غارقة فى بحر من الحزن، ولم تعد ترى أى مخرج.
فى تلك اللحظة، لتتخلص من جميع الصراعات النفسية التى كانت تحاصرها بسبب حلم الأمومة الذى بات أمراً مستحيلاً، وبسبب تخوفاتها من اتخاذ زوجها قرارا بالانفصال عنها أو طلاقها. قررت الفتاة أن تنهى رحلتها، علقت حبلًا على سقف غرفتها، وانتحرت.