تعد قرية ساقية أبو شعرة، التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية، واحدة من أبرز القرى المصرية التي ارتبط اسمها على مر العقود بصناعة السجاد اليدوي، تحولت هذه الحرفة إلى رمز اقتصادي وثقافي للقرية، حيث يعتمد غالبية سكانها على هذه الصناعة كمصدر رئيسي للدخل، في تقليد توارثته الأجيال ليصبح اسم القرية مرادفًا للجودة والتميز في هذا المجال.
السجاد اليدوي.. إرث متواصل
تميزت ساقية أبو شعرة بمنتجاتها التي تتميز بالدقة والجمال، حيث يُصنع السجاد يدويًا باستخدام خامات طبيعية مثل الصوف، القطن، والحرير، تمزج تصميمات السجاد بين الأصالة والحداثة، لتلبي مختلف الأذواق في الأسواق المحلية والعالمية، بما في ذلك دول الخليج وأوروبا.
هذه القرية لم تعد مجرد مكان لصناعة السجاد، بل أصبحت "علامة تجارية" مميزة للسجاد اليدوي المصري، مع الحفاظ على تراث الحرفة والتطلع لتوسيع نطاقها على المستوى الدولي.
عملية صنع السجاد اليدوي تتم عبر أربع مراحل رئيسية، تبدأ المرحلة الأولى بإعداد النول وتثبيت الخيوط التي ستُنسج عليها السجادة، بعد ذلك، تأتي المرحلة الثانية التي تتضمن اختيار تصميم السجادة وتحويل هذا التصميم إلى ألوان محددة على ورق الرسم البياني، ليتبعها العمال أثناء عملية النسج، في المرحلة الثالثة، يتم صباغة خيوط الحرير البيضاء للحصول على الألوان المطلوبة، تتضمن المرحلة الأخيرة تجهيز السجادة للبيع من خلال غسلها، كيها، وتغليفها بعناية.
تحديات تواجه الصناعة
ورغم هذا الإرث العريق، تواجه صناعة السجاد اليدوي في ساقية أبو شعرة عدة تحديات، منها:
نقص الحرفيين المهرة: تتراجع أعداد العاملين في هذه الحرفة مع عزوف الشباب عن تعلمها، مما يهدد استمرارها.
ارتفاع تكاليف المواد الخام: أدى ارتفاع أسعار الصوف الطبيعي والقطن إلى زيادة تكاليف الإنتاج، مما أثر على القدرة التنافسية للمنتجات.
ضعف التسويق: يعتمد الحرفيون على المعارض الموسمية للتسويق، وهي غير كافية لتحقيق استدامة في المبيعات.
جهود إحياء الحرفة
تحاول الجهات الحكومية بالتعاون مع المجتمع المدني تعزيز صناعة السجاد اليدوي في ساقية أبو شعرة، يتم تقديم دعم مالي وفني للحرفيين، وتنظيم دورات تدريبية للشباب على تقنيات حديثة، في محاولة لدمج هذه الحرفة في الأسواق العالمية.
كما تُقام معارض سنوية في القرية لتسويق المنتجات، وتسليط الضوء على أهمية الحفاظ على هذه الحرفة التراثية.
سجاد ساقية أبو شعرة في الأسواق العالمية
اكتسب سجاد ساقية أبو شعرة شهرة عالمية بفضل جودته الفائقة وتصاميمه التي تمزج بين التراث المصري والعصرية. من خلال المشاركة في المعارض المحلية والدولية، استطاعت القرية فتح أسواق تصديرية في دول الخليج وأوروبا، حيث أصبح السجاد اليدوي المصري رمزًا للجودة العالية.
واستغلت بعض الشركات المحلية المنصات الإلكترونية لتسويق منتجاتها، مما مكنها من الوصول إلى أسواق جديدة مثل فرنسا وألمانيا والإمارات.
الابتكار في التصميم والجودة
يعود النجاح الدولي لصناعة السجاد في ساقية أبو شعرة إلى التنوع في التصميمات والالتزام باستخدام مواد طبيعية عالية الجودة مثل الصوف والحرير، هذا الابتكار المستمر جعل منتجات القرية محط إعجاب الزبائن المهتمين بالمنتجات المستدامة، مما عزز من مكانتها في الأسواق العالمية.
نظرة إلى المستقبل
رغم التحديات، تبذل جهود متواصلة لإحياء صناعة السجاد اليدوي في ساقية أبو شعرة، من خلال دعم الشباب وتطوير استراتيجيات التسويق، يمكن لهذه الصناعة استعادة مكانتها المتميزة محليًا ودوليًا، مما يضمن استمراريتها للأجيال القادمة.