في ظل ما يشهده العالم من تغيرات مناخية متزايدة، تناول مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء مؤخرا في تحليل جديد التأثيرات الخطيرة التي يفرضها التغير المناخي على التعليم، تتراوح هذه التأثيرات بين المباشرة كإغلاق المدارس بفعل تدمير بنيتها التحتية بسبب الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والفيضانات، وبين التأثيرات غير المباشرة كالصدمات الاقتصادية والصحية.
الصدمات المناخية وآثارها المباشرة على العملية التعليمية
تشير الدراسات إلى أن الكوارث المناخية مثل الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات تتسبب في أضرار كبيرة على جودة تقديم الخدمات التعليمية، وتؤدي إلى تعطيل الدراسة لفترات طويلة،على سبيل المثال عندما ضرب إعصار "فريدي" جنوب إفريقيا في 2023، أُغلقت المدارس في ملاوي مما أثر على حوالي 5% من الطلاب، هذه الظاهرة ليست جديدة؛ ففي الفلبين، تضررت آلاف المدارس بفعل الأعاصير مما أدى إلى إغلاق طويل المدى، بينما في باكستان، تسببت الفيضانات في تعطل تعليم 3.5 مليون طفل.
تأثيرات الطقس البارد على التعليم
حتى الطقس البارد يحمل في طياته تهديدات للعملية التعليمية، كما حدث في أوروبا والولايات المتحدة في مطلع 2024، حيث أدت العواصف الشتوية إلى إغلاق العديد من المدارس، وفي مناطق مثل منغوليا، أدى التعرض للعواصف الثلجية إلى تأخير في استكمال التعليم الأساسي لبعض الطلاب، كل هذه العوامل تشير إلى أن أي تغير في الطقس يمكن أن يؤدي إلى أضرار تعليمية يصعب تعويضها.
الفجوة بين الحضور والتحصيل الدراسي
حتى في حالة عدم إغلاق المدارس، فإن الظروف الجوية المتطرفة تؤثر على الحضور والتحصيل الدراسي، ففي البرازيل، يشهد موسم الأمطار زيادة في حالات غياب الطلاب بسبب صعوبة التنقل، حيث ينخفض الحضور من 77% إلى 27% في أيام الفيضانات، علاوة على ذلك، يؤثر الطقس السيئ على التعلم عبر الإنترنت، حيث انخفضت مشاركة الطلاب في الفلبين بنسبة 20% خلال الأعاصير.
التأثيرات غير المباشرة للصدمات المناخية على التعليم
بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة، يفرض التغير المناخي تأثيرات غير مباشرة على التعليم من خلال الضغوط الاقتصادية وانعدام الأمن الغذائي والصدمات الصحية، هذه الضغوط تؤثر سلباً على استعداد الطلاب للتعلم، كما تقلل من إمكانية الأسر على دعم أبنائها تعليمياً، في بنجلاديش، أدت الأزمات المناخية إلى زيادة معدلات زواج الأطفال كآلية للتكيف مع الفقر.
الصدمات الصحية وتأثيرها على التعليم
يؤدي تغير المناخ إلى زيادة ملوثات الهواء، ما يؤثر سلباً على صحة الطلاب وأدائهم الأكاديمي، ففي دول مثل البرازيل والصين والهند، ثبت أن التعرض لتلوث الهواء مرتبط بانخفاض درجات الاختبارات وزيادة حالات الغياب، بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الصدمات المناخية على الصحة النفسية للطلاب، حيث عانى طلاب في الولايات المتحدة وكندا من اضطرابات ما بعد الصدمة بسبب الكوارث الطبيعية.
التحديات التي تواجه الفئات الأكثر ضعفاً
تؤثر التغيرات المناخية بشكل أكبر على الفئات الأكثر ضعفاً مثل الفتيات والمجتمعات الريفية وذوي الاحتياجات الخاصة، فعندما تُجبر الأسر على النزوح بسبب الكوارث الطبيعية، يُحرم الأطفال في كثير من الأحيان من التعليم، أو يواجهون حواجز لغوية عند التحاقهم بمدارس جديدة.
التوصيات لمواجهة آثار التغير المناخي على التعليم
يؤكد التحليل، ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتكييف أنظمة التعليم مع التغير المناخي، من خلال دعم التخطيط لمخاطر الكوارث على مستوى القطاع التعليمي، وتعزيز البنية التحتية للمدارس لتكون قادرة على الصمود في وجه الصدمات المناخية، كما يُوصى بالاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر وتحسين آليات التعلم عن بعد لضمان استمرار التعليم حتى في ظل الظروف المناخية الصعبة.
توضح نجاة أبو النصر، خبيرة تربوية، أن التأثيرات المناخية على التعليم تعد أزمة عالمية تتطلب تدخلات سريعة، مؤكدة ضرورة دمج التوعية البيئية ضمن المناهج التعليمية لمساعدة الطلاب على فهم تحديات المناخ وكيفية التكيف معها.
كما أضافت أبو النصر، في تصريحات خاصى لـ"البوابة نيوز"، أن الحكومات بحاجة إلى استثمارات طويلة الأجل في تحسين بنية المدارس الأساسية وجعلها أكثر مرونة في مواجهة الكوارث، مشيرة إلى أن الفئات الضعيفة مثل الفتيات والأطفال في المناطق الريفية يجب أن تكون على رأس الأولويات.
كما أشارت إلى أن التعليم عبر الإنترنت قد يكون حلاً في بعض الحالات، ولكنه يتطلب بنية تحتية قوية واتصالات مستقرة لضمان استمرارية العملية التعليمية.