أطلق الجيش الإسرائيلي، عملية برية فى جنوب لبنان فى وقت مبكر، أمس الثلاثاء، كما أعلن تنفيذ مداهمات "محدودة" ضد أهداف تابعة لـ"حزب الله"، فى القرى القريبة من الحدود، وذلك بعد نحو أشهر من التدريبات والحشد، وفى أعقاب اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، فى غارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت، فيما حذرت إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن تل أبيب من الانزلاق إلى هجوم "أكبر حجماً وأطول مدة على غرار حروب سابقة على لبنان، فضلاً عن تكرار "سيناريو غزة.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلى فى بيان، إن هذه العملية جاءت "بناءً على قرار سياسي، وتهدف إلى استهداف البنى التحتية التابعة لحزب الله فى تلك المناطق".
وأوضح الجيش، أن العملية "تتماشى مع خطة محددة تم التحضير لها فى هيئة الأركان وقيادة الشمال، وتدربت عليها القوات فى الأشهر الأخيرة".
وأشارت إسرائيل إلى أن قواتها بدأت "هجمات محدودة ومحلية" ضد "حزب الله" على طول منطقة الحدود فى جنوب لبنان.
وأضاف البيان، أن "هذه الأهداف تقع فى قرى قريبة من الحدود، وتشكل تهديداً مباشراً للمجتمعات الإسرائيلية فى شمال إسرائيل"، مشيراً إلى أن سلاح الجو الإسرائيلى ومدفعية الجيش الإسرائيلى تدعم القوات البرية.
ونوّه الجيش الإسرائيلى إلى أن العملية التى أطلق عليها اسم "سهام الشمال" تستمر "وفقاً لتقييم الوضع وبموازاة العمليات القتالية فى قطاع غزة وفى ساحات أخرى".
فى حين أشار موقع "أكسيوس" الأمريكي، إلى أن مجلس الوزراء الأمنى الإسرائيلي، وافق على العملية البرية خلال اجتماع مساء الاثنين الماضى.
ونقل عن مسئولين إسرائيليين قولهم، إن قرار مجلس الوزراء أكد أن العملية "محددة ومحدودة فى الوقت والنطاق"، ولا تهدف إلى "احتلال جنوب لبنان".
وفى واشنطن، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، بات رايدر، فى بيان أن وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن تحدث مع نظيره الإسرائيلى يوآف جالانت، واتفقا على ضرورة تفكيك البنية التحتية الهجومية على طول الحدود.
وناقش الوزيران "أهمية التحول فى نهاية المطاف من العمليات العسكرية إلى مسار دبلوماسى لتوفير الأمن والاستقرار فى أقرب وقت ممكن"، وفقاً للبيان.
كما تحدث أوستن وجالانت أيضاً عن "تداعيات خطيرة على إيران" إذا هاجمت إسرائيل بشكل مباشر.
بينما نقل موقع "أكسيوس"، عن مصدرين وصفهما بأنهما مطلعين على المسألة، قولهما إن البيت الأبيض يعتقد أنه "توصل إلى تفاهمات مع إسرائيل بأن نطاق الغزو البرى الإسرائيلى يقتصر على المناطق الحدودية فى جنوب لبنان".
وأضاف أحد المصادر أن البيت الأبيض أعرب عن قلقه خلال عطلة نهاية الأسبوع من أن إسرائيل تستعد لغزو برى كبير، وناقش هذه المخاوف مع الإسرائيليين.
وقال المصدر إنه "خلال ٤٨ ساعة من المحادثات رفيعة المستوى بين المسئولين الأمريكيين والإسرائيليين، أكد الإسرائيليون للبيت الأبيض أن الخطة تشمل أهدافاً محددة بدقة، وتركز على تطهير البنية التحتية لحزب الله بالقرب من الحدود الإسرائيلية، ثم سحب قوات الجيش الإسرائيلي".
وأضاف المصدر أن إدارة بايدن "لا تتوقع غزواً على نطاق حرب لبنان عام ٢٠٠٦"، مضيفاً أن البيت الأبيض يعتقد أنه "لديه تأثير على التخطيط العسكرى الإسرائيلي"، فيما أكد مسئول إسرائيلى رفيع المستوى لموقع "أكسيوس"، أن "خطط عملية إسرائيل كانت محدودة النطاق منذ البداية".
ويقول مسئولون إسرائيليون، إن الهدف هو "تطهير" المواقع العسكرية والبنية التحتية التى أنشأها "حزب الله" بالقرب من الحدود.
وأضاف المسئولون، أنه بمجرد القضاء على وجود "حزب الله" بالقرب من الحدود، يتمكن عشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين نزحوا خلال الضربات عبر الحدود، بعد هجوم ٧ أكتوبر من العودة إلى منازلهم.
وأضافت المصادر، أن إدارة بايدن تفهم الغرض الاستراتيجى للعملية البرية، والحاجة إلى التأكد من أن "حزب الله" لا يستطيع الاحتفاظ بالقدرة على مهاجمة مجتمعات إسرائيلية من الجانب المقابل مباشرة للحدود.
لكن مسئولى البيت الأبيض، أبلغوا نظراءهم الإسرائيليين بأنهم يساورهم قلق من أنه "على غرار حروب سابقة فى لبنان، ما يبدأ كعملية محدودة زمنياً ومحدودة جغرافياً، ينزلق إلى شيء أكبر وأطول أمداً".
كما حذّرت إدارة بايدن بشكل خاص من أن الغزو "يزيد من الدعم لجماعة حزب الله بين عامة الناس فى لبنان"، وفق مسئولين أمريكيين.
وقال الرئيس بايدن، عندما سئل عن غزو محتمل: "أنا مرتاح لتوقف إسرائيل. يجب أن يكون لدينا وقف إطلاق نار الآن".
وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، نقل الجيش الإسرائيلى العديد من وحدات المشاة والدبابات من غزة إلى الحدود الشمالية، وحشد العديد من ألوية قوات الاحتياط.
وألمح وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت، إلى إمكانية غزو برى وشيك فى اجتماع مع جنود فى وحدة دبابات على الحدود.
وأضاف جالانت أن "القضاء على نصر الله خطوة مهمة، لكنها ليست الخطوة النهائية. ومن أجل ضمان عودة سكان البلدات الشمالية فى إسرائيل، نستخدم كل قدراتنا، وهذا يشملكم".
وفى اجتماع مع رؤساء البلديات الواقعة على الحدود الشمالية، قال جالانت، إن "المرحلة التالية فى الحرب ضد حزب الله تبدأ قريباً، وتكون عاملاً مهماً فى تغيير الوضع الأمني، وتسمح لنا بإعادة السكان إلى منازلهم".
ولم يعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر عن معارضته لعملية برية محدودة محتملة فى إفادة مع الصحفيين، وقال إنه فى حين لا تزال الولايات المتحدة تدعم وقف إطلاق النار، فإن "الضغوط العسكرية يمكن أن تساعد الجهود الدبلوماسية فى بعض الأحيان".
وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلاً عن مسئولين عسكريين، قولهم إن قوات خاصة إسرائيلية نفذت توغلات قصيرة داخل الأراضى اللبنانية فى الأيام الأخيرة، استعداداًً لغزو أوسع محتمل.
وركزت الغارات التى أكدها "ستة ضباط ومسئولين إسرائيليين ومسئول غربي" على جمع المعلومات الاستخباراتية حول مواقع "حزب الله" بالقرب من الحدود الشمالية لإسرائيل، وكذلك على تحديد أنفاق حزب الله والبنية التحتية العسكرية استعدادا لمهاجمتها من الجو أو الأرض.
وأوضح المسئولون الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم أن "هذه التوغلات تأتى بعد أشهر من المهام السرية المماثلة، التى عبرت فيها قوات خاصة إسرائيلية لفترة وجيزة الحدود اللبنانية للاستطلاع، لكنها زادت فى الأيام الأخيرة مع استعداد الجيش الإسرائيلى لهجوم أوسع نطاقاً".