وادي سكيت، هذا الوادي الذي يقع بمدينة مرسى علم، جنوب محافظة البحر الأحمر الغني بالتاريخ والأحجار الكريمة، لم يشهد فقط حضارة الفراعنة العظيمة، بل امتد دوره عبر العصور ليصبح شاهدًا على عظمة الحضارة الرومانية أيضًا.
بعد أن اكتشف الفراعنة قيمة الزمرد في هذا الوادي، جاء الرومان ليكملوا مسيرتهم لم يكتفوا بالتنقيب عن الزمرد فحسب، بل قاموا ببناء معبد سرابيس الضخم، والذي يعتبر اليوم أحد أهم المعالم الأثرية في المنطقة. هذا المعبد الشاهق يشهد على مدى اهتمام الرومان بهذا المكان وبكنوزه الثمينة.
ولأن استخراج الزمرد كان عملية معقدة تتطلب أيدي عاملة كثيرة، فقد بنى الرومان مدينة كاملة بالقرب من المعبد ليكون مسكنًا لعمالهم، هذه المدينة التي كانت تعج بالحياة في الماضي، هي الآن شاهد حي على حياة هؤلاء العمال الذين ساهموا في استخراج هذا الحجر الكريم الذي أصبح رمزًا للثروة والرفاهية عبر التاريخ.
واليوم، يعتبر وادي سكيت وجهة سياحية مهمة، حيث يأتي الزوار من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بجمال الطبيعة الخلابة واكتشاف كنوزه الأثرية يمكن للسياح التجول بين آثار الحضارات القديمة، وزيارة معبد سرابيس، واستكشاف مدينة العمال الرومانيين.
كان الزمرد يعتبر حجر كريم ثمين للغاية لدى الحضارات القديمة، فقد كان يرمز إلى الثروة والجمال والحكمة. استخدمه الفراعنة والرومان في صناعة المجوهرات والأختام، كما اعتقدوا بخصائصه السحرية وقدرته على حماية صاحبه من الشر.
كما اعتقدوا الفراعنة، ان الزمرد كان له قيمة رمزية ودينية كبيرة، فقد اعتقدوا أن له قدرة على حماية صاحبه من الشر، ويرمز إلى الحياة الأبدية، كما استخدمه الكهنة في الطقوس الدينية، وكان يعتبر هدية ثمينة تقدم للملوك والألهة.
كما ذكر الدكتور أبو الحجاج نصير، رئيس جهاز شؤون البيئة السابق بالبحر الأحمر، فإن الفراعنة كانوا الرواد في اكتشاف واستخراج الزمرد من صحراء عيذاب في جنوب محافظة البحر الأحمر، لقد كانت لديهم معرفة واسعة بطبيعة هذه المنطقة، واستطاعوا تحديد مواقع الزمرد بدقة متناهية، واستخدموه في صناعة الحلي والمجوهرات التي كانت ترمز إلى القوة والسلطة.
وادي سكيت هو أكثر من مجرد وادٍ، فهو متحف مفتوح يعرض تاريخًا عريقًا يمتد لآلاف السنين، زيارة هذا الوادي هي رحلة عبر الزمن، حيث يمكن للسائح أن يتخيل حياة الفراعنة والرومان الذين عاشوا وعملوا في هذا المكان الساحر.