الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

حزب الله على مفترق طرق

حسن نصر الله
حسن نصر الله
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى خضم التصعيد العسكرى الذى يشهده لبنان، تتضارب التقارير حول مصير الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت.
وبينما أعلن الجيش الإسرائيلى عبر متحدثه أفيخاى أدرعى عن مقتل نصرالله، فإن مصادر مقربة من حزب الله نفت هذا الادعاء، مؤكدة أن نصرالله وقياديين آخرين ما زالوا على قيد الحياة.
وبعد مقتل نصرالله، يدخل الحزب مرحلة حرجة ومفصلية فى تاريخه، فمنذ تأسيسه، كان نصرالله القائد المحورى الذى قاد الحزب فى معاركه السياسية والعسكرية، مما يثير التساؤلات حول قدرة الحزب على التماسك واستمرار نهجه فى ظل غياب هذا القائد.
فى ظل التحديات الإقليمية المتصاعدة والضغوط الإسرائيلية المتزايدة، يبدو أن حزب الله يواجه مستقبلًا غامضًا، حيث سيتعين عليه إعادة ترتيب أوراقه واختيار قيادة جديدة قادرة على مواجهة المتغيرات والتحديات المحيطة به.
تأتى هذه الضربات فى إطار حملة عسكرية واستخباراتية مكثفة تشنها إسرائيل ضد حزب الله، مع تركيز متزايد على تحجيم قدراته العسكرية فى المنطقة.
فى تصريح رسمى للجيش الإسرائيلي، قال المتحدث أفيخاى أدرعى إن القوات الجوية الإسرائيلية نفذت غارة دقيقة استهدفت مقرًا تحت الأرض تابعًا لحزب الله فى الضاحية الجنوبية لبيروت؛ مضيفًا أن الغارة أسفرت عن مقتل نصرالله إلى جانب عدد من القادة البارزين مثل على كركي، قائد جبهة الجنوب فى الحزب.
وأضاف أدرعى أن هذه الضربة تأتى نتيجة سنوات من التخطيط والاستخبارات، وأن نصرالله كان مسئولًا عن مقتل العديد من المدنيين الإسرائيليين خلال عقود من المواجهات.
فى المقابل؛ نفى حزب الله هذه الادعاءات تمامًا عبر مكتبه الإعلامي، مؤكدًا أن التقارير المتداولة حول مقتل نصرالله لا صحة لها.
ووفقًا لما نقلته وكالة «رويترز»، قال مصدر مقرب من الحزب إن نصرالله ما زال على قيد الحياة، وكذلك القيادى هاشم صفى الدين.
كما أوضح المصدر أن الاتصال بنصرالله قد فُقد مؤقتًا فى مساء الجمعة، مما أثار الشكوك حول مصيره.
تزامنت هذه الضربات مع تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلى الجنرال هرتسى هاليفي، الذى تعهد بـ«الوصول إلى كل من يهدد المدنيين الإسرائيليين».
وأكد هاليفى أن الجيش الإسرائيلى لم يستخدم بعد كل الوسائل المتاحة له فى الصراع مع حزب الله، مما يشير إلى إمكانية تصعيد العمليات العسكرية فى الفترة المقبلة.
وفى تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، أشارت إلى أنه قبل عام، منيت إسرائيل بأسوأ فشل استخباراتى لها على الإطلاق عندما شنّت حماس هجومًا مفاجئًا فى ٧ أكتوبر.
لكن اليوم، أدّت موجة من الضربات ضد حزب الله إلى عودة جواسيس إسرائيل، الذين طالما تم التباهى بهم إلى الصدارة، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال.
وبحسب الصحيفة، يعكس هذا التحول كيف استثمرت إسرائيل وقتها ومواردها على مدى العقدين الماضيين.
فمنذ خوض حرب مع حزب الله فى لبنان فى عام ٢٠٠٦، استعدت إسرائيل بدقة لصراع كبير آخر مع الحزب المسلح، وربما مع إيران الداعمة له.
وعلى النقيض من ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن حماس كانت تُعدّ تهديدًا أقل قوة بكثير بالنسبة لإسرائيل.
وحتى قبل وقت قصير من التوغل فى ٧ أكتوبر من قطاع غزة، كان كبار المسئولين يرفضون علامات الهجوم الوشيك.
وفى سبتمبر الماضي، وصف الجيش الإسرائيلى غزة بثقة بأنها فى حالة من عدم الاستقرار المستقر، وخلصت تقييمات الاستخبارات إلى أن حماس حوّلت تركيزها إلى إذكاء العنف فى الضفة الغربية وأرادت الحد من خطر الانتقام الإسرائيلى المباشر.
وفق الصحيفة، قالت الباحثة البارزة فى معهد دراسات الأمن القومى فى تل أبيب والخبيرة فى الميليشيات اللبنانية كارميت فالينسي، كان معظم تركيزنا على الاستعداد للمواجهة مع حزب الله، لقد أهملنا إلى حد ما الساحة الجنوبية والوضع المتطور مع حماس فى غزة.
ووفقًا للصحيفة، تركت سلسلة من الهجمات الإسرائيلية فى لبنان على مدى الأسبوعين الماضيين حزب الله فى حالة من الترنح، مصدومًا بقدرات إسرائيل على اختراق المجموعة.
ولا يزال يكافح لإغلاق الفجوات التى بدأت بعد انفجار آلاف أجهزة البيجر واللاسلكى التابعة لـحزب الله فى وقت واحد تقريبًا فى أيام متتالية الأسبوع الماضي، ما أسفر عن مقتل ٣٧ وإصابة نحو ٣٠٠٠.
وظل أمن حزب الله مخترقًا حتى بعد تفجيرات البيجر، حيث قتلت غارة جوية إسرائيلية أخرى فى جنوب بيروت، الثلاثاء، قائد الصواريخ الأعلى لـحزب الله.
وجاءت هذه العمليات بعد شهرين تقريبًا من إظهار إسرائيل قدرتها على اختراق حزب الله بقتل القائد الأعلى فؤاد شكر، الذى أفلت من الولايات المتحدة لمدة ٤ عقود.
ووفق الصحيفة، فإن الحملة المكثفة التى شنّتها أجهزة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية والموساد ووحدات الاستخبارات العسكرية أدت إلى تدمير قيادة حزب الله وتدهور ترسانته من الأسلحة.
وأعقب ذلك سلاح الجو الإسرائيلى بحملة قصف ضربت أكثر من ٢٠٠٠ هدف، الأسبوع الحالي.
وقال المدير السابق فى مجلس الأمن القومى الإسرائيلي، أفنر غولوف، للصحيفة إن نجاح إسرائيل ضد حزب الله مقارنة بفشلها فى ما يتعلق بـحماس حدث بسبب أن أجهزة الأمن فى إسرائيل أفضل فى الهجوم من الدفاع.
وبحسب الصحيفة، راقبت إسرائيل بناء ترسانة حزب الله منذ أن وقّع الجانبان على هدنة فى عام ٢٠٠٦ بعد حرب استمرت شهرًا.
وفى ذلك الوقت، كان كثير من أفراد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يشعرون بخيبة أمل إزاء أداء الجيش فى الحرب، حيث فشل فى إلحاق أضرار كبيرة بـحزب الله، الذى بدأ فى إعادة بناء موقعه فى الجنوب.
وذكرت الصحيفة أن الجيش سعى إلى فهم حزب الله بشكل أفضل وتقليص الدعم العسكرى والمالى الإيرانى للجماعة، بما فى ذلك من خلال حملة من الغارات الجوية فى سوريا، التى أصبحت تُعرف باسم الحرب بين الحروب.
لكن فى غزة، وعلى النقيض من ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، تبنى استراتيجية احتواء حماس فى السنوات الأخيرة، معتقدًا أن الجماعة الفلسطينية تركز على حكم غزة، وليست مهتمة بحرب مع إسرائيل.
وخاض الجانبان سلسلة من الصراعات القصيرة فى أعقاب سيطرة حماس على قطاع غزة فى عام ٢٠٠٧، وبدا أن زعيم الحركة يحيى السنوار كان أكثر اهتمامًا بتحسين الظروف الاقتصادية للشعب الفلسطيني.
ووفقًا للصحيفة، كانت هناك علامات على أن حماس تخطط لهجوم، بما فى ذلك التدريبات العسكرية التى أنبأت بالطرق التى اقتحمت بها إسرائيل فى ٧ أكتوبر، لكن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قلّلت من أهمية التدريبات باعتبارها تهديدًا لجمهور حماس المحلي.
وقال عوزى شايا، وهو مسئول استخباراتى إسرائيلى سابق، للصحيفة، إن جمع المعلومات من مصادر بشرية ربما كانت لتحذر من هجوم أصبح أكثر صعوبة بعد انسحاب إسرائيل من جانب واحد من قطاع غزة فى عام ٢٠٠٥ وتسليمه للسيطرة الفلسطينية.
وأضاف أن القدرة على جمع معلومات استخباراتية بشرية فى غزة فى منطقة كثيفة وصغيرة للغاية، حيث يعرف الجميع بعضهم البعض، وحين يظهر شخص غريب، يتم كشفه على الفور، بينما الوصول إلى الأشخاص فى لبنان أو خارج لبنان المرتبطين بـحزب الله أسهل.
لكن الصحيفة رأت أن إنجازات الاستخبارات لا تذهب إلى أبعد من ذلك. وفى نهاية المطاف، فإن نجاح إسرائيل ضد أى من المجموعتين سوف يتحدد فى ساحة المعركة. ففى الحدود الضيقة لقطاع غزة، هزم الجيش الإسرائيلى حماس وأحدث دمارًا هائلًا فى المشهد الحضري. ولكن لا أحد يعرف عما إذا كان سينجح فى مواجهة حزب الله فى تلال لبنان.
وقالت فالينسي: هناك خطر يتمثل فى أن النجاحات التى حقّقتها إسرائيل مؤخرًا قد تجعلها تشعر بثقة مفرطة فى نفسها. وأضافت أن غزو لبنان قد يمنح حزب الله الفرصة لإظهار تفوقه العسكرى على الأرض.
وختمت بقولها: لقد رأينا مدى التحدى والصعوبة التى ينطوى عليها القضاء على منظمة معقدة مثل حماس، أما حزب الله فهو قصة مختلفة.
مع تصاعد التوتر فى المنطقة، تبقى التساؤلات حول مصير حسن نصرالله قائمة، وسط حالة من الشد والجذب بين حزب الله وإسرائيل.
وبينما تدّعى إسرائيل تحقيق انتصارات استخباراتية حاسمة، يبقى حزب الله مصممًا على الصمود ومواصلة المقاومة.
فى نهاية المطاف، ستكون الأيام المقبلة حاسمة فى تحديد طبيعة المواجهة المستقبلية بين الطرفين، خاصة فى ظل التحذيرات من انزلاق المنطقة إلى صراع إقليمى واسع النطاق.