"تآكل أكثر من نصف مليون فدان من الأراضى الزراعية الخصبة"، نتيجة التعديات عليها بالبناء على مدار ما يقرب من ٤٠ عامًا مضى، وفقًا للإحصائيات الرسمية فى هذا الملف الشائك، بما ساهم تدمير جزء كبير من المساحات الخضراء، والتأثير السلبى على زراعة المحاصيل، إلا أن الدولة فى الوقت الراهن تقف بالمرصاد للمخالفين، وتطبق عليهم العقوبات المقررة فى القانون.
يعد القطاع الزراعي، من المصادر الرئيسية للدخل القومي، وعاملا أساسيا لتحقيق التنمية الاقتصادية، والتى تتمثل فى زيادة الإنتاج الزراعى من خلال التوسع الأفقى وتشجيع الاستثمار فى مجال استصلاح الأراضي، وإنشاء المجتمعات الزراعية الجديدة، بما يساهم فى توفير فرص عمل للشباب فى هذا القطاع الهام، وخفض معدلات البطالة.
الموجة الـ ٢٣ من حملة إزالة التعديات
بذلت المحافظات جهودا كبيرة فى المرحلة الثالثة والأخيرة من الموجة الـ ٢٣ لإزالة التعديات على أملاك الدولة، والتى انطلقت من ٣١ أغسطس الماضي، وحتى ٢٠ سبتمبر الجاري، فإن إجمالى ما تم إزالته من حالات تعد على أملاك الدولة والأراضى الزراعية حتى الأسبوع الثانى من الموجة الـ ٢٣ بلغت ١٩٣٥ حالة تعد.
وتضمنت ١٣٣٥ حالة تعد على أملاك الدولة بإجمالى مساحة ٢٢٤,٧٤٨ ألف متر مربع، وإزالة ٦٠٠ حالة تعد على الأراضى الزراعية بإجمالى مساحة ١٧٧٧ فدان زراعة.
المحافظات الأكثر نجاحًا فى استرداد الأراضي
تعد الوادى الجديد، أكثر المحافظات نجاحًا فى استرداد الأراضى الزراعية باستردادها ٨٤١ فدانا بإزالتها ١٢ حالة تعد، يليها الشرقية باستردادها ٣٨٦ فدانا بعد إزالة ٩١ حالة تعد، ثم أسيوط باستردادها ١٦٠ فدانا بإزالتها ٤ حالات تعد، ثم المنيا باستردادها ١٥٠ فدانا بعد إزالتها ٢٦ حالة تعد.
كما تعد الشرقية، من أكثر المحافظات التى أزالت مبان مخالفة، حيث استردت ٥٦,٨٦٨ ألف متر مربع بعد إزالة ٩٢ مبنى مخالف، يليها بورسعيد التى نجحت فى استرداد ٢٦,٢٦٥ ألف متر مربع بعد إزالة ٤١ حالة مبان مخالفة.
ثم أسوان باستردادها ٢٣,٢٩١ ألف متر مربع بإزالتها ٧٤ حالة مبانى مخالفة، ثم محافظة قنا باستردادها مساحة تبلغ ٢٣,١٨٩ ألف متر مربع بعد إزالتها ١٠١ حالة مبانى مخالفة.
٢٧٥٨حالة خلال مرحلتين
خلال المرحلتين الأولى والثانية من حملات إزالة التعديات، التى تقوم المحافظات بتنفيذها منذ يوليو ٢٠٢٤ وحتى أغسطس الماضي، فإن إجمالى ما تم استرداده بلغ نحو ١.٥ مليون متر مربع بإجمالى ٨٠٠٢ من المبانى المخالفة، وإزالة ٢٧٥٨ حالة تعد على الأراضى الزراعية بمساحة ٥٦٢٦ فداناً زراعياً.
٢٢ألف تعد بالبناء على الأراضى الزراعية
فى الفترة من أكتوبر ٢٠٢٣ وحتى فبراير الماضي، تم إزالة ما يزيد على ٢٢ ألف حالة تعد بالبناء على الأراضى الزراعية منذ بدء الحملة المكبرة للإزالات بمساحة ١٢٠٤ أفدنة، وكذلك إزالة عدد ٣٧٨٦ حالة مخالفة بناء بمساحة تزيد على ٧٣٣ ألف متر مربع، ووصل إجمالى محاضر التبوير والبناء بلغ أكثر من ٢٧.٦ ألف محضر.
مقترحات للمواجهة
بدوره؛ يقول الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن التعدى على الأراضى الزراعية يمثل تحدياً كبيراً يؤثر سلباً على الإنتاج الزراعى والأمن الغذائي، مشيرًا إلى أنه لمواجهة هذه التعديات والحد منها.
يمكن التفكير فى بعض الحلول والمقترحات، من أهمها تطبيق صارم للقوانين، حيث يجب على الدولة تطبيق القوانين المتعلقة بحماية الأراضى الزراعية بشكل حازم، مع فرض عقوبات رادعة على المخالفين.
إنشاء قاعدة بيانات رقمية
ويتابع «الإدريسي»، فى تصريح لـ«البوابة»، أنه من المقترحات ضرورة تسهيل إجراءات التقاضى لضمان سرعة التعامل مع القضايا المتعلقة بالتعدى على الأراضي.
بالإضافة إلى أهمية التوعية المجتمعية من خلال زيادة الوعى لدى المواطنين حول أهمية الحفاظ على الأراضى الزراعية لدعم الإنتاج الغذائي، وتنظيم حملات توعية تشارك فيها وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والدينية، لتوضيح المخاطر البيئية والاقتصادية الناتجة عن التعديات.
وأكد ضرورة إنشاء قاعدة بيانات رقمية تضم جميع الأراضى الزراعية وتتابع التعديات فى الوقت الحقيقى باستخدام تقنيات مثل الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي.
حماية الأراضى الزراعية
ويشير إلى أهمية التعاون مع الجهات المحلية والدولية لتقديم الدعم الفنى والتقنى للمزارعين وللجهات المسئولة عن حماية الأراضى الزراعية، والتركيز على هذه الحلول قد يسهم فى الحد من التعديات والحفاظ على الأراضى الزراعية بما يدعم الأمن الغذائى وتحقيق التنمية المستدامة فى ظل أزمات وصدمات اقتصادية على المستوى العالمي.
قضية أمن قومي
ويوضح الدكتور أشرف كمال، أستاذ الاقتصاد الزراعي، أن التعديات على الأراضى الزراعية مشكلة مزمنة فى مصر طوال القرن الماضي، ولكن تزايدت المشكلة بشكل كبير خلال العقود الماضية، وتزايدت وتيرة التعديات.
وتم إنشاء الجامعات الإقليمية وكثير من الهيئات على أجود الأراضى الزاعية، موضحًا أن هذا الأمر الآن يعتبر قضية أمن قومى بامتيار، وقد قامت الدولة بإجراءات حاسمة فى هذا السياق وتشديد العقوبات على المخالفين بشكل كبير.
الإنتاج الزراعي
ويتابع «كمال»، فى تصريح لـ«البوابة»، أنه تم الاعتداء على أخصب الأراضى الزراعية فى مصر فيما سبق، ولكن الآن نتيجة تشديد الدولة فإن عملية الاعتداءات على الأراضى محصورة على عدد محدود، وتؤثر تلك المشكلة على الإنتاج الزراعى بشكل مباشر، لأنها تمثل اقتطاعا من الإنتاج الزراعى والمساحة المحصولية.
العقوبات
تضمن قانون الزراعة، عقوبات رادعة لكل من يقوم بالتعدى على الأراضى الزراعية، وذلك بهدف الحفاظ على الرقعة الزراعية وحمايتها، ووفقًا للقانون، يُعاقب كل من يخالف أحكام المادة (١٥٢) من هذا القانون أو الشروع فيها بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على ٥ سنوات وبغرامة لا تقل عن ١٠٠ ألف جنيه ولا تزيد على ٥ ملايين جنيه.
وتتعدد العقوبة بتعدد المخالفات، ويجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف، وفى جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة.
كما يحق لوزير الزراعة قبل الحكم فى الدعوى، أن يأمر بوقف أسباب المخالفة بالطريق الإدارى على نفقة المخالف، وتوقف الإجراءات والدعاوى المرفوعة من أقاموا بناء على الأراضى الزراعية فى القرى قبل تحديد الحيز العمرانى لها بالمخالفة لحكم المادة الثانية من القانون رقم ٣ لسنة ١٩٨٢ بإصدار قانون التخطيط العمرانى إذا كانت المبانى داخلة فى نطاق الحيز العمرانى للقرية.
وتنص المادة (١٥٢): يحظر إقامة أية مبانٍ أو منشآت فى الأرض الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات فى شأن تقسيم الأراضى لإقامة مبان عليها، ويعتبر فى حكم الأرض الزراعية، الأراضى البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية، وجرم البرلمان التعدى على الرقعة الزراعية، وفقًا للقانون فإن التعدى بالبناء على الأراضى الزراعية جريمة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة.