الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

متروبوليت جبيل والبترون يوجه رسالة في عيد القدّيس سلوان الآثوسيّ

ارشيف
ارشيف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

وجه متروبوليت جبيل والبترون بـ"جبل لبنان" رسالة عن احد القديسين فقال "بالإيمان صاروا أشدّاء في الحرب" (عبرانيّين 11: 34)، وجاءت نص الرسالة كالتالي:

ما أعجبَ هذا القديس تواري  في جسد، في صلاة، في مدوّنات، في تلميذ صار قدّيسًا، في حفنة من الأحبّاء لا سيّما من الكنيسة الصربيّة، لكنّه ظهر ماردًا جليلًا عملاقًا في عصر تفتّق عن إبداعات واختراعات، ولكن أيضًا عن كوارث بيئيّة وحروب عالميّة وصراعات متنوّعة واضطهادات كيل فيها الأمرَّان لبنـي البشر، لا سيّما لأهل الإيمان.

ما أبدعَ هذا القدّيس! انكشفت له حلاوة المسيح، فأحبّه حتّى المنتهى وطلبه بجِدّ ثابت حتّى الرمق الأخير. أحبّ تواضَعه، عذوبتَه، محبّتَه اللامتناهيّة. هكذا وجد فيه حقيقة الإنسان الجديد، فسخّر كلّ طاقته وكلّ وقته من أجل بلوغها، لا بلّ كرّس صلاته من أجل أن تصير حقيقة بدورها في حياة أترابه.

ما أفلحَ هذا القدّيس! أصاب مبتغاه حينما أخذ على عاتقه أن يعيش ويجاهد بحسب وصيّة يسوع إليه: "وطِّنْ نفسك على العيش في الجحيم ولا تيأسْ"! بها تحوّل إلى رافعة ترفع الوجود كلّه إلى الله، في صلاة قلبيّة منقطعة النظير في صدقها ومعاناتها ومثابرتها ورجائها. بات العالم كلّه خروفًا يحمله على كتفَيه ليدْنيه من حظيرة الإيمان بالله حيث الأمان والحفظ والسّلام والحياة.

ما أشملَ هذا القدّيس! جعل شعوب الأرض كلّها تحت كنف رعايته الدائمة وعنايته، وأولاها اهتمامه الكلّي، فسطّر حقيقة معاناتها وكشف لها المرتجى الذي بإمكانها أن تبلغه، في صلاة من أجلهم جميعًا نادرة في بساطتها وشموليّتها ورجائها: "أتوسّل إليك أيّها الإله الرحيم أن تعرفك جميع شعوب الأرض بروحك القدّوس"!

ما أحبَّ هذا القدّيس! تعلّم محبّة الأعداء مـمّا عاصره في أيّامه وما عاشه أبناء جيله، فعرف محبّة الإنسان أيًّا كان، حتّى قال فيه: "أخي هو حياتي"، وأكّد من خلال خبرته: "أن تصلّي من أجل الناس، يعني أن تسكب دمك من أجلهم".

هذه كانت حربه من أجله ومن أجلنا. فيها أجاد فتميّز، تألّـم فصلّى، جاهد فوجد، أحبّ فانتصر. عرفه العالم بفضل تلميذه القدّيس صفروني سخاروف (1993+)، الذي وضع سيرته وقدّم لمدوّناته، وتعرّف عليه من خلال أحد الكتب الذي تحمل هذا العنوان: "الراهب سلوان والحرب اللامنظورة".

فيه يصحّ ما جاء في الرسالة إلى العبرانيّين: "بالإيمان  صاروا أشدّاء في الحرب" (عبرانيّين 11: 34)، أي في الحرب اللامنظورة التي تعصف بالخليقة والخلائق التي على صورة الله، والتي تفقد حقيقتها هذه بما يعتمل في نفوسها من قلق وخوف، وما يشوّش ذهنها من ضلال، وما يسود قلبها من شهوات، فتفقد بوصلة إنسانيّتها وتدمّر ذاتها والقريب معها.

أظهر لنا في ذاته معنى أن تناضل من أخيك الإنسان ليكون إنسانًا على صورة خالقه، وأن تنير الشعوب، كرسول جديد، إلى حقيقة استعادتها السّلام فيما بينها، وإلى إرادة الله من نحوها وكيفيّة تجسيدها إن تابت، على غرار أهل نينوى بدعوة يونان النبيّ.

عالمنا ينزف عدوانًا وصلفًا وسحقًا واستعبادًا وموتًا للإنسانيّة مشينًا. هوذا أمامنا مَن ينير درب الشفاء ويحمله إلينا، ببساطة ودون كلفة ولا إدانة. كلام من أخ إلى أخيه، حتّى يرتدع عن غيّه وغضبه وروح الانتقام والقتل فيه، ويرعوي.

ألا اهدِنا يا ربّ الدرب الذي كشفتَه لصفيّك بين الأبرار، وأعنَّا حتّى ننجو.